قليلاً من الصدق..
تتوالى التصريحات الحكومية المتناقضة، نصبح على تصريح يطلقه وزير ما، ونمسي على نقيضه من وزير آخر أو من الوزير نفسه، وكلٌّ في متاهة يتخبّطون.. ويراوغون!!
وآخر مثال على ذلك، وهو قطعاً ليس الأخير، ما ظهر من تباين صارخ بين تصريحات النائب الاقتصادي، ووزير الزراعة، فالأول، أي نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري، أكّد في المؤتمر الدولي الأول للتنمية في سورية أن «معدلات البطالة والفقر لم تنخفض بما يتلاءم مع معدلات النمو الاقتصادي، ما ولّد شعوراً لدى المواطنين بعدم تلمس نتائج النمو، والتغيّرات الاقتصادية الهيكلية حتى الآن».. واستدرك: «لولا الجفاف الذي عانيناه لاستطعنا تحقيق أهداف البطالة والفقر والنمو المستهدف في الخطة...».
أما وزير الزراعة السورية د. عادل سفر، فقال في تصريح صحفي: «.. للأسف هناك من يتناول في موضوع الجفاف نقطةً واحدةً ويتكلم من خلالها، فالجفاف الذي أصاب سورية لم يؤثر في كل المحاصيل الزراعية السورية... فالقمح والقطن تأثرا بالجفاف إلى حد ما، أما بقية المحاصيل كالخضار والفواكه فلم تتأثر بشكل كبير بالجفاف، وإنتاج الأشجار المثمرة في سورية لايزال مرتفعاً جداً وكذلك في الخضار التي نصدر قسماً كبيراً منها، والتأثير في هذين القطاعين كان طفيفاً جداً...، وعلى العكس يمكن القول بكل وضوح: سورية استطاعت تجاوز أزمة الجفاف بأقل الخسائر»..
وهكذا، لا يعرف المواطن السوري من يصدّق، تصريحات الصباح أم تأكيدات المساء، أم يغض الطرف والقلب والعقل عن كليهما، كون جميع المصرّح لهم بالتصريح والتأكيد لم يستطيعوا إثبات سوى أمر واحد، وهو قدرتهم على تجاهل مصالح أغلب السوريين، ودفعهم إلى مزيد من الفقر والتخلف والقلق تجاه المستقبل، وهو ما لا يسر إلا من يهمهم أن يبقى شعبنا غارقاً في هموم متزايدة ومتفاقمة، لكي لا يتسنى له الوقت للنهوض والتقدم واستعادة دوره الريادي التاريخي المنوط به..