راعٍ أبيض كالثلج.. وكالة «CIA» لا تبيع قمصاناً

أثناء الحرب الباردة، أسست الـCIA إذاعة أوروبا الحرة التي كانت تبثّ باتجاه بلدان أوروبا الشرقية لاحتواء نفوذ السوفييت.

بين مروجي هذه الإذاعة، كان هنالك شخصٌ يدعى فرانك ألتشول.

في موازاة ذلك، وبهدف تحضير الرأي العام الأمريكي لتدخلٍ محتملٍ ضد الكتلة السوفييتية الأوروبية، نظّمت الإدارة الأمريكية عملية تسميمٍ إعلامي على أراضيها، فأسست لهذا الغرض منظمةً زعمت أنها تتكون من مواطنين غير مسيسين (لجنة الخطر الحاضر).

من ضمن الناشطين في هذه اللجنة، كان هنالك فرانك ألتشول وويليام دونوفان.

من هو ويليام دونوفان؟ إنه ضابطٌ أمريكي أسّس عشية الحرب العالمية الثانية مكتب الخدمات الاستراتيجية OSS، سلف الـCIA، وأدار أثناء الحرب الخدمات السرية الأمريكية.

قام مكتب الـOSS بتدريب زعماء الـCIA اللاحقين، ومن بينهم ويليام كاسي. وبتوصيةٍ من الأخير قامت إدارة ريغان بتأسيس الـNED (المكتب القومي لتعزيز الديمقراطية) في مطلع الثمانينات، ليكون واجهة لوكالة الاستخبارات.

كما أسس فرانك ألتشول «صندوق أوفربروك» وهو مؤسسة أمريكية انضمت منذ العام 2007 (1) إلى الـNED لتمويل منظمة مراسلون بلا حدود.

إنه خبرٌ ممتازٌ بالنسبة لأولئك الذين كانوا يظنون بأنّ منظمة مراسلون بلا حدود ليس لها موردٌ إلا بيع قمصان مناهضة للألعاب الأولمبية (2).

ماكسيم فيفاس

(1) مما قرأناه على موقع منظمة مراسلون بلا حدود في تموز 2008 في قسم «حسابات 2007»، «رعاية»: «الشركات التي تساعد منظمة مراسلون بلا حدود هي بصورةٍ رئيسية سانوفي أفنتيس وCFAO، في حين تتضمن قائمة الصناديق الخاصة صندوق سورورس ومركز كوبا الحرة والمكتب القومي لتعزيز الديمقراطية وصندوق سيغريد روزينغ وصندوق أوفربروك وصندوق فرنسا». أبقي المبلغ الذي قدّمه كلّ راعٍ سرياً، وترفض منظمة مراسلون بلا حدود إعلانه.

كذلك، يعلمنا قسم «حسابات» بأنّ مراسلون بلا حدود أصبحت تتمتع برعاية «مؤسسة تايوان للديمقراطية». وهو لا يقول لنا إنّ المال الذي تلقته المنظمة (الذي يبلغ 100 ألف دولار وفق صحافة تايوان) قد استخدم في تأسيس مركزٍ للدعاية يلعب، عبر الإنترنت وضد الصين، الدور الذي لعبته الـCIA مع إذاعة أوروبا الحرة ضد الاتحاد السوفييتي.

(2) بين حينٍ وآخر، تذكّر منظمة مراسلون بلا حدود بأنها لا تهتم إلا بحرية الصحافة. لكنّ الأحداث التي قامت بتنظيمها في نيسان في العاصمة الفرنسية أثناء مرور الشعلة الأولمبية تجعلنا نشكك في هذا التأكيد. فقد جرى التطرق أثناء تلك الأحداث إلى استقلال التيبت ومزايا الدالاي لاما. فضلاً عن ذلك، تقسم مراسلون بلا حدود بأنها ليست ضد الألعاب الأولمبية، بل ضد الحفل الافتتاحي. لكن يكفي الدخول إلى موقع www.rsf.org لقراءة العنوان التالي الذي يتخذ شكل الهفوة الفرويدية: «لماذا نقاطع بكين 2008».

آخر تعديل على السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2016 12:42