رياض اخضير ـ حلب رياض اخضير ـ حلب

تحديات تواجه الماركسية اللينينية

في ظل اختلال موازين القوى لصالح قوى الاستكبار العالمي، تبقى الإيديولوجيا الملاذ الأخير للشعوب المضطهدة لحماية استقلالها من المستعمرين الجدد، من أجل تشويه دور الإيديولوجيا بعيون الجماهير الشعبية، تصور وسائل الإعلام الرأسمالية الثقافة التي تدعو للتضحية بالغالي والنفيس للدفاع عن الأوطان والمعتقدات على أنها ثقافة موت، لكن كيف يمكن للمدافع عن أرضه في جنوب لبنان وفي غزة، أن يثبت في مكانه في وجه ترسانة الأسلحة الإسرائيلية المدمرة التي تنهال عليه بآلاف الأطنان من القنابل المتنوعة، وبيده سلاح فردي، دون إيمان راسخ بإيديولوجيا إن كانت قومية اشتراكية أو شيوعية أو إسلامية متنورة. يروج أيديولوجو العولمة للبراغماتية التي تدعو لاهتمام الفرد بمصالحه الخاصة والآنية وعدم التفكير بمصالح شعبه وبالمستقبل أي نزع منظومة الأفكار والقيم المقاومة من حياة الشعوب لتتقبل الثقافات والمشاريع الوافدة دون مقاومة تذكر.

تتعرض الماركسية اللينينية بصورة خاصة إلى حملة افتراء واسعة من وسائل إعلام العولمة لإنهاء نفوذها داخل الشغيلة وبين المثقفين الوطنيين، وتحملها مسؤولية (النظام الشمولي) الذي ساد في الدول الاشتراكية، مضمون الأخطار التي تهدد الماركسية تتلخص بما يلي:

1 - محاولات مستمرة لإثبات أن الماركسية تجاوزها العصر ويجب ركنها في متحف التاريخ مثلها مثل كل النظريات الاجتماعية السابقة، وبالتالي الدعوة للاسترشاد بها هو جمود عقائدي أدى في الماضي وسيؤدي إلى صراعات عبثية وهدر الجهود.

2 -  تفريغ الماركسية من محتواها الطبقي وإلغاء دور الصراع الطبقي في تقدم البشرية، والتمسك بهذا الصراع  يضعف الوحدة الوطنية. خدع بعض المثقفين بالكلام المعسول لقوى العولمة، عن الدور الإنساني الجديد للرأسمالية، وأنها ستساهم بالمال والتكنولوجيا لتطوير البلدان النامية، وجرى التبشير بنهاية الحروب، لكن ماذا كانت النتيجة على الأرض، العودة إلى الاستعمار القديم باحتلال أفغانستان والعراق، ومجاعات تهدد البشرية، مئات الملايين من البشر مهددون بالموت جوعاً.

3 - لتفادي مواجهة البيروقراطية وجها لوجه وحتى الدفاع عنها من بعض المثقفين، يحمل منظرو البيروقراطية والليبرالية الجديدة، اللينينية مسؤولية فشل الاشتراكية، يرى هؤلاء إن ثورة أكتوبر الاشتراكية غير مبررة من الناحية التاريخية، وإرادوية لينين والبلاشفة افتعلت الأحداث لذلك كان انهيار الدول الاشتراكية أمرا محتما، بالتالي تبرأت بيروقراطية الدول الاشتراكية وبيروقراطية حركة التحرر الوطني من ضياع  جهود ملايين البشر الذين ضحوا بحياتهم من أجل انتصار الاشتراكية، ليست المشكلة في الثورة بل في البيروقراطية التي سيطرت على الدولة التي أقامتها الثورة.

4 - تنتقد (المعارضة الماركسية)، لجنة وحدة الشيوعيين وتوجه لها تهمة ( الاقتصادية) ،يتخلى هؤلاء عن كل الماركسية التي مضمونها النضال ضد الاستغلال والوقوف بوجه المشاريع الاستعمارية، ويخدمون بسياستهم المغامرة قوى الفساد المتسلطة، يهاجمونها بالأقوال ويخدمونها بالأفعال، ولا يتذكرون من الماركسية سوى موضوعة الاقتصادية، الاختيارية المقيتة اخطر أنواع الانتهازية التي تتعرض لها الماركسية الآن.

روح الماركسية هي الاقتصاد السياسي فإذا لم ندرك علاقات الإنتاج السائدة ونعرف مصالح الطبقات المتصارعة لن نستطيع وضع خطة سياسية صائبة ويصبح الكلام في السياسة مجرد لغو وهذر، والقفز إلى السياسة دون البحث المعمق في الاقتصاد هو سبب ضياع المعارضة الليبرالية، أضف إلى ذلك، إن التغيير الجدي والحقيقي يعتمد على الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة في التغيير، وهنا جوهر الماركسية اللينينية، والدفاع عن مصالح الكادحين هو مضمون سياسة لجنة وحدة الشيوعيين، أما مجموعة من المثقفين الحانقين التائهين المعزولين عن الجماهير لن تخشاهم البيروقراطية، وصدق عبد القادر الجزائري بقوله (عين على الحق وعين على الكثرة)، عدم ثقة المعارضة الليبرالية بالجماهير الواضح، يورطها بالبحث عن قوى من الخارج لإجراء التغيير، وهذا ما يرفضه شعبنا وترفضه لجنة وحدة الشيوعيين رفضاً مطلقاً.

5 - تسخير موضوعة ماركس حول انتصار الاشتراكية في البلدان الرأسمالية المتقدمة  (بريطانيا فرنسا...)، لخدمة النيوليبرالية، وتحويلها إلى حجة للهجوم على التحولات الاجتماعية التي جرت في البلدان العربية في أواسط القرن الماضي، واعتبارها حرقاً للمراحل قطعت طريق تطور البرجوازية، نفذها مجموعة من المغامرين العسكر، بهدف تقديم ذريعة لقوى الفساد للخلاص من الفكر القومي الاشتراكي التي نمت داخله ولستر الفريق الاقتصادي الخادم الرخيص للمنظمات المالية الدولية الخاضعة كليا للاحتكارات، الذي بقراراته وتوجهاته الليبرالية يريد القضاء على كل المنجزات التي حققها شعبنا.

إن تخاذل الأنظمة والطبقات الاستغلالية العربية في حرب فلسطين اضطر الجيوش العربية لقيادة ثورات حركة التحرر في مصر والعراق وسورية.. لمواجهة المشاريع الأمريكية والصهيونية كحلف بغداد والنقطة الرابعة.. ونفذت الإصلاح الزراعي والتأميم لإنهاء تمرد الإقطاع والرأسمالية، إن تدخل الجيوش العربية في الوقت المناسب أدى إلى إجراء التحولات الاجتماعية بأقل الخسائر، في حين انحياز الجيش الإيراني إلى جانب الشاه كلف الثورة الإسلامية الإيرانية عشرات ألاف من الشهداء، إن دور الأنظمة العربية في حينه لا يختلف عن دور الأنظمة العربية (المعتلة) الآن.

خاضت الماركسية نضالاً لا هوادة فيه ضد جميع التيارات الاشتراكية الطوباوية وضد الانتهازية، وأصبحت النظرية السائدة في صفوف الطبقة العاملة بعد هزيمة كومونة باريس، والآن تتكرر التجربة ومصير الانتهازيين والتحريفيين الجدد لن يكون أفضل من أسلافهم، وستخرج الماركسية ظافرة مرة أخرى في الصراع الفكري الضاري الدائر.

آخر تعديل على الجمعة, 02 كانون1/ديسمبر 2016 17:09