الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.. مكافحة الفساد بفصل فاضحيه؟!
كثيرة هي الأمور التي لا يمكن تأجيلها أو تسويفها، وأكثرها أولويةً هي حين توضع اليد على الجرح، وتأتي الأصوات من كل الجهات لمعالجة الجرح وتضميده بغية الحفاظ على الجسد في حالة حسنة. لكن، أن تتم معالجة الخطأ بطريقة معاكسة تماماً فهذا ما لا يمكن قبوله ولا تفهمه، خاصةً إذا ما تمت هذه المعالجة في صميم الجسم الإعلامي الذي يقع على عاتقه المسؤولية الأكبر لمكافحة الفساد والمتربعين على عروشه، إذ حينها تكون الطامة الكبرى!.
لعل ما جرى في المركز الإذاعي والتلفزيوني بدير الزور الذي يخدّم المنطقة الشمالية الشرقية بأسرها، خير مثال على المعالجة العكسية، حيث تم استخدام السلطة لمعاقبة موظفين ساهما بكشف حالات عديدة من الفساد في المركز بدلاً من تكريمهما! وهكذا تكرس الفساد بأجلى صوره، وحافظ المشتبه بهم في قضايا فساد على عروشهم ومناصبهم بعيدين عن أي حسيب أو رقيب! بحيث أفرغت وسيلة إعلامية من كل مضامينها وبشكل مقصود وعلى مرأى من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
ألم يفتتح المركز أصلاً لتخديم المنطقة الشرقية وتنميتها وتطويرها؟.. ربما لا!
لأنه وبجهود القائمين عليه لم يستطع تقديم شيء يذكر، بل أصبح مجرد ملعب لهؤلاء يصولون ويجولون فيه على مزاجهم ويصدرون القرارات حسب مصالحهم الشخصية لا أكثر.
ومختصر الكلام أن المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، عبر مدير الإدارة والمالية، وجّه بتاريخ 16/10/2008 كتاباً أمر فيه بإنهاء تشغيل كل من السيدين (المحرر «فؤاد الخلف»، وفني المونتاج «عبد الكريم المحمود») العاملين على نظام البونات، وحسب ما ذكر الكتاب، فإن ذلك أتى نتيجةً لما «تسببا به من مشاكل ومتاعب لرئيس المركز». وباختصار أكثر، فإن نص الكتاب يشير إلى أن التسبب بالمشاكل لشخص رئيس المركز (الذي اتهم أكثر من مرة بالفساد) هو السبب الوحيد في توجيهه! الأمر الذي يبعث على السخرية فعلاً، خاصةً أنه يشير بوضوح إلى ما وصل إليه هذا المدير من حظوة، والسؤال هنا: هل أصبح الكاشف والفاضح للفساد يعاقب على أنه مسبب للمتاعب؟!
وبأية عين لا تستحي يستمر إعلامنا بالحديث عن مكافحة الفساد والفاسدين آناء الليل وأطراف النهار؟ وهل من حق المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون اعتبار أخطاء رئيس المركز الإذاعي بأنه «جهل إداري»؟! متى تم اختراع هذا التعبير المقونن للفساد، ومن اخترعه؟!
أليس من المفترض بمدير في موقع مدير الهيئة أن يضع حداً لكل مسيء بدل إطلاقه هذه العبارات، وبدل طلبه من كلا المفصولين قطع مئات الكيلو مترات من أقصى شرق البلاد لمقابلته، ومن ثم التهرب من مقابلتهما، قبل أن يفاجئهما بالإصرار على موقفه في فصلهما؟!
والذي زاد الطين بلة كان رد المدير على العاملين المفصولين عندما لجأا إليه في الهيئة من أجل مناصرتهم، إذ قال لهم بالحرف الواحد: «لم يتم توكيلكما أو تكليفكما من وزارة الإعلام حتى تقوما بدور المحامي والمدافع عن القطاع العام ومحاربة الفساد والفاسدين!!».. ولكنه أوضح مشكوراً «فكرت ملياً قبل اتخاذ القرار» الذي كان في النهاية الإبقاء على رئيس المركز في منصبه، وفصل اللذين عملا بنشاط ليكشفا حالات التزوير التي وسم بها الفاسدون المركز، بدءاً من رقم السيارة التي تخدم المركز وانتهاءً بالأوراق المالية، وقد كان لـ«قاسيون» وقفة سريعة مع هذا الملف في عدد سابق.
إن محاربة الفساد بفساد أكبر يا مكافحي الفساد، لا يؤدي إلا إلى القضاء وببراعة على جميع المنجزات التي حققها البلد بعرق أبنائه..
ونهايةً فالقضية برسم وزير الإعلام للبت فيها وإعادة الأمور إلى نصابها، خصوصاً وأن معاون الوزير السيد محمد رزوق وعد كلا الموظفين المفصولين خيراً..