نحو وحدة الحركة الشيوعية
إن مشروع البرنامج الذي طرحته اللجنة الوطنية للنقاش العام صغير من حيث الحجم، لكنه هام جداً من حيث المضمون، فكل فكرة فيه تحتاج إلى قراءة معمقة لفهم موجبات طرحها وآليات التعامل معها وفق الظرف الملموس.
يبدأ المشروع بالأسس الفكرية للبناء، ألا وهي الماركسية اللينينية بغية التعامل معها كعلم متجدد مع ضرورة الابتعاد عن العدمية، وكذلك الاستناد إلى مبادئها الثابتة دون الوقوع في شباك النصوصية، وهذا هو جوهر الجوهر.
إن اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين منذ انطلاقتها طبقتها تطبيقاً خلاقاً، وذلك بتفسير الأحداث المتتالية على الساحة الدولية والمحلية، ورسم سياستها، والتحضير لما هو آت على المدى المنظور والمتوقع. فخلال عقد من الزمن الذي لا يقاس بشيء في عمر الحركات الثورية، بُدئ بالتحضير للاجتماعات الوطنية عبر التعيين تحت ضغط الأمر الواقع، ومن ثم عبر الانتخاب الجزئي، ثم الانتخاب الكلي، إلا أننا ما زلنا نجد هنا وهناك من لم يستوعب هذه الطريقة في انتقاء الكادرات الأساسية لأنه طريق غير مسبوق ومخالف لما تعودنا عليه خلال العقود الأربعة الماضية، لكن البعض حتى الآن يسميها وفقاً للمثل المصري (لعب عيال)، إلا أنها تلاقي ارتياحاً لدى الكثير من الأصدقاء والرفاق في الفصائل الأخرى والتاركين حين يتم شرحها لهم.. وهنا أقول: إن من لا يحوز على ثقة شارعه وحيّه أو مدينته.. لا يصلح أن يكون قائداً في تنظيمه لأن الشيوعي يجب أن يقوم بدوره الوظيفي في مكان تواجده الذي يتجسد في التفاني من أجل خدمة الجماهير، وبذلك ينال ثقتها، أو بالأحرى يستعيد ثقة الجماهير التي فقدها الحزب نوعاً ما خلال العقود السابقة .
إن التفاني في خدمة الجماهير يجب أن يصبح المعيار الحقيقي والشرط الأساسي لنيل شرف العضوية في الحزب، وبذلك نكون قد حققنا ما قاله الفيلسوف الصيني «ليو شاوشي»: «الشيوعية ليست مذهباً إنما عمل» أي بمعنى آخر، إن من لا يعمل يجب ألا ينال شرف العضوية لأنه لا يمكن أن يعيد لحزبه الدور الوظيفي الذي يبدأ من عنده أولاً..
إن مشروع الهيكل التنظيمي، وإن سبقني أحد الرفاق بالتطرق إليه، يأخذ بعين الاعتبار تفادي حدوث فراغ في البدائل.. إن لكل زمان ومكان كادراته، فمن لا يصلح في هذا المكان قد يصلح في مكان آخر، ولذلك فقد تم التنبه إلى ذلك منذ البداية، لكي لا يتم الوقوع في المطب الذي وقع فيه آخرون ونندم يوم لا ينفع الندم، وهذا يؤمن الاحتياطي بشكل مستمر..
في فصل التحديات الوطنية الكبرى
لقد جاء بشكل موضوعي وجيد، إلا أنه كما أرى بحاجة إلى إضافة: منح الحقوق الثقافية والمدنية للأكراد والأقليات القومية الأخرى لأنها حق طبيعي، وبذلك نقطع الطريق على العدو الذي يبحث عن نقاط ضعف للنفاذ منها والاستفادة من ذلك في خلخلة الوضع الداخلي، الذي نحن بأمس الحاجة إلى سلامته ووجوب تعزيز وحدته وخاصة في هذا الظرف.
فيما يتعلق بوحدة الشيوعيين
جاء في المشروع «إن الدور الوظيفي يعني اعتراف الطبقة العاملة وسائر الكادحين بالشيوعيين كقوة تمثلهم، وهذا يحتاج إلى الكثير من العمل لاستعادة ثقة الجماهير بحزبها، وهو أمر صعب التحقيق في حال بقاء الحركة منقسمة...».
أرى أنه يجب أن نعمل وكأنما لا توجد فصائل أخرى، ونعمل لاستعادة الدور الوظيفي بدءاً من الفرد وانتهاء بالحركة ككل، بدءاً من النضال اليومي وانتهاء بالجريدة والشارع والحي وأيضاً على مساحة الوطن كله، ولدينا أمثلة كثيرة ضربها رفاقنا في عدة أماكن وقد نجحوا في الانتخابات، وكان رصيدهم هو القيام بالدور الوظيفي تجاه الجماهير. وكذلك تجربة بعض الأحزاب في الحركة الشيوعية العالمية..
وفي الوقت نفسه نعمل باتجاه عملية توحيد الحركة الشيوعية بالرغم من تناقض الأسس لدى الآخرين مع ما ورد في المشروع شكلاً ومضموناً.
بالرغم من أهمية دور الفرد في التاريخ ودور الفرد في التفسير والتحليل والتطوير، فإن الذاتي والشخصي هو القاتل والمميت، فالتسامي عنه سوف يلعب الدور الأساسي في تطوير العمل اللاحق والسير نحو وحدة الحركة الشيوعية.