نجم جديد في «هوليود سورية»
على طريقة صناعة النجوم الفنية في السينما الأمريكية تماماً، يصعد بين الفترة والأخرى نجم تشكيل عسكري في الميدان السوري. كانت البداية مع «الجيش الحر»، الذي تحول إلى مفرخة لولادة كتائب وفصائل وألوية وسرايا، تعددت تسمياتها، وولاءاتها، وتوجهاتها، بين قوى إقليمية، ودولية، مع امتدادات محلية بمستويات متعددة.
النجم الأخير الذي يصعد اسمه في «هوليود سورية» هذه الأيام، هو المسمى «جيش سورية الجديد» الذي تميز عن التنظيمات المسلحة الأخرى بسمات عدة:
- أنه لم يعمل تحت مسمى ديني، كما هو حال أغلب الميليشيا العسكرية، التي تناسلت في الأزمة السورية.
- علنية التمويل والتدريب الخارجي، والدعم اللوجستي، بخلاف القوى الأخرى، التي نقلت البندقية من كتف لكتف، وعملت بأسماء مختلفة، اتفقت وتحالفت مرة، وتحاربت مرة أخرى.
- بدأ التنظيم الجديد عمله الميداني ضد داعش، وليس ضد القوات النظامية، وفي موقع ذي دلالة، وأهمية استراتيجية بالمعنى العسكري، حيث البوكمال هي طريق تواصل بين الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش في كل من سورية والعراق. والسيطرة الميدانية في هذه المنطقة، تعني الاستحواذ على الكثير من مفاتيح الأبواب المغلقة سورياً، وعراقياً، أو إثارة تناقضات جديدة لاحقاً.
بغض النظر عن صحة الأخبار التي تواترت، عن الفشل الذريع لهذه الميليشيا الجديدة، في مهمتها الميدانية الأولى، والغموض الذي اكتنف العملية برمتها، إلا أنه، واستناداً إلى هذه السمات، يمكن القول أن هذا المنتج الجديد له وظيفة محددة، تكمن في أن يكون أحد أحصنة القوى التي شكلته ومولته ودربته- الولايات المتحدة وبريطانيا- على طاولة الحل السياسي، بالإضافة إلى دوره الميداني، في قضم مساحات من الأرض، وذلك بعد أن استهلكت أغلب التنظيمات التابعة الأخرى، بسبب التنسيق مع داعش والنصرة، أو نأت بنفسها عن الميدان ودخلت ضمن نظام الهدن والمصالحات.
بمعنى آخر تحاول واشنطن، إلى تكييف جزء من القوى المسلحة التابعة لها مع شرط الحل السياسي، أو على الأقل تحاول إيجاد قوى موازية للقوى التي استخدمتها في مرحلة إثارة الفوضى، والتهرب من الحلول، بعد أن أصبح التفاوض أمراً واقعاً.
بينت التجربة الملموسة، وخصوصاً بعد الدخول العسكري الروسي، أن الطريق الصحيح في التعاطي مع ظاهرة فوضى السلاح على الأرض السورية، لا يكون من خلال استنساخ جيوش، وبنى عسكرية جديدة، بل تكمن في السير على خطين متوازيين:
- الحرب على القوى الإرهابية، مثل داعش والنصرة ومن في حكمهما، أو من ينسق معهما.
- إبداء كل المرونة، مع ذلك الطيف الواسع من المسلحين السوريين، الذين حملوا السلاح، لأسباب مختلفة، وأقنعتهم التجربة الملموسة بخطأ هذا الخيار، وصولاً إلى زجهم في المعركة ضد الإرهاب، من خلال البدء بعملية الحل السياسي، التي تفتح الطريق امام عملية التغيير الجذري والشامل.