الاجتماع الوطني التاسع.. النتائج.. والمهمات
انعقد الاجتماع الوطني التاسع للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في 26/11/2010 وحضره المئات من المندوبين من جميع المحافظات تقريباً وأقرت الوثائق الثلاث الأساسية:
الموضوعات البرنامجية للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين.
اللائحة التنظيمية.
التقرير العام لمجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين.
أكدت الموضوعات البرنامجية على ضرورة إعادة الدور الوظيفي التاريخي لحزبهم الشيوعي، هذا الدور الذي تراجع في العقود الأخيرة. والاستناد إلى المرجعية الفكرية الماركسية الليلينية التي تتطور ويتصلب عودها في النضال ضد الميلين الذين يعيقان تطورها وهما: العدمية والنصوصية. والتعامل مع الماركسية الليلينية كعلم متجدد، ونظرية ليست فقط للتفسير بل للتغيير أيضاً، ثم أكدت الموضوعات على أن انهيار التجارب الاشتراكية في القرن العشرين لا يعني بحال من الأحوال انهيار الماركسية ورؤيتها حول الاشتراكية، وأن الأزمة الأخيرة التي تمر بها الرأسمالية العالمية تؤكد أن الاشتراكية في القرن الواحد والعشرين تطرق الباب بقوة، وأن الإحداث والتطورات تؤكد على حتمية انهيار الرأسمالية كنظام، وهذا يؤكد أيضاً على صحة تنبؤات ماركس أنجلس ولينين.
ثم أكدت على ناحية هامة جداً وهي أن الحل الوحيد أمام شعوب الشرق العظيم القاطنة في المنطقة من قزوين إلى المتوسط جغرافياً، والمتآخية على مر التاريخ، والتي تجمعها مصالح اقتصادية عميقة لكونها تشكل فضاءً اقتصادياً متكاملاً.. هو تعميق أواسط التحالف والتآخي والنضال المشترك على مختلف المستويات لإفشال المخططات الامبريالية القديمة والجديدة... وهذا سيضع الأساس للحفاظ على الحقوق المشروعة لجميع الشعوب القاطنة في هذه المنطقة.
كما أكدت على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة الأخطار الخارجية، وهذا ما يتطلب تفعيل طاقات الشعب كلها، وضرورة إلغاء نتائج الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 في محافظة الحسكة، وضرورة إصلاح سياسي اقتصادي اجتماعي وتعديل قانون الانتخابات، وقانون أحزاب يضمن إنشاء الأحزاب على أساس وطني شامل، وأيضاً محاربه الفساد والنهب واجتثاثهما، ودعم القطاع الزراعي والإنتاج الصناعي، وإعادة النظر بكل القرارات والإجراءات التي تمثل تراجعاً عن المكاسب المتحققة للطبقة العاملة والفلاحين وسائر الكادحين.. هذا بالإضافة إلى الكثير من الاقتراحات الأخرى التي تساعد على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعاشية لجماهير شعبنا وتضع حدا للتردي الموجود.
ثم أقر الاجتماع اللائحة التنظيمية للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، التي أكدت على تبنيها للتعاليم اللينينية في التنظيم ومبدأ المركزية الديمقراطية. وعلى الهيئات ودورها وصلاحياتها، وهذا ما يعزز من دور الهيئات والعلاقات بينها وتقوية القيادة الجماعية، والإقلال إلى حد كبير من العلاقات الفردية.
وأحدثت اللائحة هيئة جديدة هي الهيئة الاستشارية العليا، وهي هيئة جديدة وتجربة نوعية، الهدف منها الحفاظ على إمكانيات وقدرات الكثير من الرفاق القدماء الذين قدموا ومازالوا يقدمون، وخاصة في المجال الفكري والسياسي والخبرة في الحياة من أجل تطور العمل الحزبي. وصلاحيات هذه الهيئة تؤكد على جديتها، ومن أهم هذه الصلاحيات مراجعة قرارات رئاسة المجلس وإعادة النظر فيها، بالإضافة إلى الصلاحيات الأخرى الموجودة في اللائحة التنظيمية .
كما أقرت تقديم الكثير من العناصر الشابة إلى الهيئات القيادية، وهذه أيضاً نقلة نوعية (متمنياً لهم التوفيق والنجاح وراجياً أن يتسلح هؤلاء الرفاق بالفكر والأخلاق والتواضع والصدق والإخلاص الشيوعي).
وأقر الاجتماع التقرير الذي قدمه الرفيق د. قدري جميل، تقرير مجلس اللجنة الوطنية عن الفترة الفاصلة بين الاجتماعين، الثامن والتاسع، فأكد التقرير على ضرورة وضع حد لمسلسل الانقسامات والتشرذم، وعلى أهمية وحدة الشيوعيين السوريين وضرورة عودة الحزب إلى الجماهير من أجل استعادة دوره الحقيقي في النضال الوطني والاجتماعي. وطالب بنفض الغبار عن المنصة المعرفية، والمقصود تلك المرحلة التي قاد فيها الاتحاد السوفيتي الرفيق جوزيف ستالين، وقال: إن الدفاع عن الماضي لا يعني بتاتاً الانغلاق عليه، وإنما يعني بالدرجة الأولى الانطلاق منه لاستكمال الانتصارات المؤجلة المتوقفة منذ ذلك الحين. وتحدث الرفيق د. قدري جميل مطولاً حول الوضع الداخلي وقال: إن منسوب الفقر وتفاقم البطالة والمشكلات الاقتصادية الأخرى ممكن أن تصبح في لحظة معينة بوابة العبور لقوة الخارج المستندة في الداخل لرأس حربتها ألا وهي قوة الفساد الكبرى.. وقال هناك إجماع تقريباً ضد السياسة الاقتصادية التي ينفذها الفريق الاقتصادي. وتابع الحديث حول وحدة الشيوعيين السوريين فقال: الوحدة ضرورة، والحوار أداة وقاعدة التوحيد (من تحت لفوق). واختتم الرفيق تقريره داعياً الرفاق للسير إلى الإمام لاستعادة دور الشيوعيين السوريين، وألا نكتفي بنجاحاته، بل نتعلم من الصعوبات والإخفاقات نحو ذلك الحزب القوي والذكي المبدئي والمرن الثابت على المبادئ والمبدع في إيجاد الحلول.
وألقت جميع المنظمات تقارير، وتحدث العشرات من الرفاق فردياً، والجميع أكدوا على ضرورة النضال من اجل وحدة الشيوعيين السوريين والدفاع عن مطالب العمال والفلاحين والحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال عشرات السنين، والحفاظ على الوحدة الوطنية ومواجهة الإخطار الخارجية. كما مارس الكثير من الرفاق انتقاداً ذاتياً على التقصير في نشاطهم، وخاصة في المجال التنظيمي وتوزيع جريدة قاسيون التي تلاقي الارتياح والتأييد من الكثير من القوى الوطنية والتقدمية. وكان تقرير منظمة الجزيرة لافتاً للانتباه من قبل المندوبين حيث تحدث عن الصعوبات الكبيرة التي يعيشها أبناء المحافظة من بطالة وفساد وتمييز وهجرة، بالإضافة إلى بعض القرارات التي جاءت ضد مصالح الفلاحين كقانون رفع سقف الملكية والتعديلات التي أدخلت إلى قانون العلاقات الزراعية وقانون نزع ملكية أملاك الدولة وأجور المثل من الفلاحين وتعديل المرسوم 49، بالإضافة للكثير من المطالب الأخرى..
لقد كان الاجتماع الوطني التاسع بحق تظاهرة وطنية وطبقية كبرى في حياة البلاد وفي حياة الشيوعيين السوريين في جميع المجالات الفكرية والسياسية والاقتصادية والمطلبية.
والمطلوب الآن وهذا هو الأهم، وبخلاف المراحل السابقة، ألا توضع هذه الوثائق على الرفوف بعد إقرارها، بل دراستها وبحثها مع الرفاق والأصدقاء والحلفاء، وإيصالها إلى جميع القوى الوطنية والتقدمية في البلاد، والالتزام بجوهر هذه الوثائق قولاً وعملاً ودافعاً كبيراً من أجل وحدة الشيوعيين السوريين واستعادة الدور الوظيفي التاريخي لهم.
عبد العزيز حسين/ عضو الهيئة الاستشارية العليا