المحامي محمد عصام زغلول المحامي محمد عصام زغلول

محكمة أمن الدولة العليا أحياء على ذكراها!!

اعتـُقل أحد الشباب من منزلهفاعترف وأقر أثناء التحقيق (اللطيفبأسماء أصدقائه الثلاثة عشر.. فأحضروا سريعاً هم أيضاً.

أحيلوا لسبب أو لآخر إلى محكمة أمن الدولة العليا الموقرةفحار القضاة في أمرهم وفي دعواهملا أفعال جرميةولا تحريضات مذهبيةولا أعمال مدانة.. إن هي إلا بضعة كتب اشتراها بعضهم من معرض مكتبة الأسد السنوي!

سأل القاضي بعضهمماذا فعلتم؟ فأجابوا باستغراب بإشارات النفي!

أردفإذاً، ماذا كنتم تنوون أن تفعلوا؟ فرد أحدهموهل يعاقب القانون السوري على النوايا؟!

القاضي من جديدهل تنتمون إلى تيار فكري معين؟ فانبرى حَذِقـُهم مخاطباً سيادتهسيدي القاضي، نحن نعيش في بلد حرالفكر فيه مصانوالاعتقاد مقدسوالنظر محمودوما ذلك إلا بموجب الدستور العربي السوري.. ثم.. لم يقم أحدنا بأي فعل مخالف للقانونولا وجدمعنا شيء ممنوعولا يعرف عنا إلا السمعة الحسنةإن هي إلا بضع كتيبات وجدها عناصر الأمن في مكتبة أحدناكان قد اشتراها في العلن!.

استشعر بعضهم أن المحكمة مخرجتهم لا محالةفهم لم يروا ما كتب المحقق الأمني في ملفهموالذي اعتمده القاضي كما هوفرجل الأمن -عنده - صادق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهوهو من عليه التكلان!

وكان ما أراد رجل الأمنفقد حكمت محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية – وقبل يومين فقط من مرسوم إلغائها المبارك – على مجموعة الرفاق تلكبأحكام مختلفة تراوحت بين خمس سنوات وستعلماً أن ملفاتهم تكاد تكون متطابقة!

استقبل المحكومون أحكامهم بمزيد من الرضا والتسليم لقضاء الأمن وقدرهإلا إن استسلامهم ذاك انفجر بسماع خبر إلغاء محكمة الأمن التي تعجلت في إصدار قرارها بحقهمكي لا (يتشنططوابعدها أمام القضاء العادي، اللااستثنائي!

محكمة أمن الدولة الاستثنائية – لمن لا يعلم – محكمة لها من اسمها حظ كبيرفهي استثنائية بكل المقاييسوهي أمنية بمقاييس أخرىلم يكن لمحامٍ أن يترافع أمامها دون إذنولم يكن له أن يقوم بدور إيجابي فيهاأو أن يترافع كما قد يفعل أمام أخرىوثالثة الأثافي أنأحكامها تصدر في الدرجة الأخيرةفلا طعون ولا رقابة على أحكامها!

هؤلاء الشبان الثلاثة عشر – وهم مثال على ما أنتجته – يضرعون إلى الله كل يوم أن ينظروا في مرسوم الإلغاءعلّ تاريخه يتأخر يومين لا أكثريومين فحسب!

سيتأمل أحدهم ذلك التاريخ لست سنوات قادماتإن بقيت وزارة العدل مشغولة بمن هم أهم منهم!

ولكن.. إن كان بمسيرة الإصلاح والقوننة القادمة من قد ينظر إلى أحكام محكمة أمن الدولة العليا نظرة استفهام ولا أقول إلغاء تلك الأحكام.. إن أقول إلا إصدار مرسوم يسمح بالطعن بأحكام محكمة أمن الدولة العليا - سابقاً - أمام محكمة عادية..

لعل ذلك فيه من الإصلاح بقدر ما ناله المدمنون المعفى عنهم أو يزيدفلكم أصدرت تلك المحكمة أحكامها تجاه مدمني الفكر والقراءةوعلّ بعض هؤلاء يقبل أن يتساوى مع أولئك!

وإلا – فمع إلغاء محكمة أمن الدولة العليا – فسيبقى كثيرون أحياء على ذكراها!!

أحياء.. ولكن.. شبه أموات!!