القضية الكردية وشعوب الشرق عمق في الطرح وثقة عالية به.!
عامر حمادة عامر حمادة

القضية الكردية وشعوب الشرق عمق في الطرح وثقة عالية به.!

أن تُطْرح القضية الكردية وشعوب الشرق بعمقً فكريً وتاريخيً وسياسيً.. وبرؤية واقعية خطوة شجاعة، سواء بما طرحته أو بتوقيتها، خاصةً أنها ستستفز المتعصبين من القوميات المختلفة في المنطقة الكبيرة منها والصغيرة، وأن لا تقف الوثيقة عند طرح القضية وإنما تطرح الحلول على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي وربطها باتحادشعوب الشرق، وطرحها للنقاش العام، يؤكد مدى الثقة العالية بالنفس، والقدرة على استشفاف المستقبل، بغض النظر عن نقاط التباين والاتفاق معها، وهذا ما حفزني للمشاركة في هذا النقاش.!

في المقدمة

لخصت المقدمة أهم الأفكار والمواقف في الوثيقة لذا ستكون هي محور المناقشة.

- إن اتفاقية سايكس/ بيكو تركت بؤرتي توتر دون حلّ لإشعالها في المنطقة، هما القضية الكردية، والقضية الفلسطينية، مستغلةً الجغرافيا السياسية، وهي: إن أماكن تواجد الكرد في أربع دول في منطقة لم يسبق تاريخياً أن كانت مركزاً لدولة، وجغرافياً لا حدود لها، وإنما كانت تابعة لمحيطها، وكذلك فلسطين كانت جزءاً من سورية، وهذا ما سهل إبقاءهما كبؤرتي توتر قابلتين للاشتعال بأي وقت.

- إن الإمبريالية المأزومة لها دور كبير في محاولة إشعال الفالق القومي، لكن أيضاً القوى القومية الكردية لا تملك مشروعاً قومياً أو وطنياً مبنياً على رؤى فكرية وسياسية، وفي طروحاتها متخلفة عن حركة التاريخ، كما تحاول استغلال الظروف الحالية لتحقيق مكاسب شخصية وضيقة على حساب مصلحة الشعب الكردي.! 

- كما أن القوى القومية السائدة مشروعها القومي كان طوباوياً، وكلاهما ينطلق من دغدغة عواطف الشعوب التي تطمح لتقرير مصيرها. وهذا يعني وجود التربة الخصبة سابقاً، ويسمح حالياً للإمبريالية أن تهرب من صراعها الحقيقي مع الشعوب، إلى تفجير الصراعات الثانوية القومية والطائفية، وغيرها. لذا فمن الطبيعي أن تلجأ الامبريالية المأزومة لذلك عالمياً ومحلياً، لكن التربة الخصبة والرؤى القومية الضيقة سهلت المؤامرة الامبريالية، ولو كانت الرؤى منفتحة سابقاً لما تمكنت من ذلك، أو ستكون الخسائر أقل.!

- إن تراجع الإمبريالية الغربية والأمريكية، وصعود القطب الآخر الرأسمالي بزعامة روسيا ليس بالضرورة أن يساند الشعوب لنيل حقوقها، فهي تدافع عن مصالحها الخاصة وممكن أن تتخلى وتغير مواقفها اتجاه الشعوب بعد تحقيقها، فروسيا الحالية مركز رأسمالي، وليست الاتحاد السوفييتي، وما يجري هو صراع في الرأسمالية الحديثة النيوليبرالية، ويجب الانتباه لذلك.

- صحيح أن الامبريالية المأزومة أنتجت القوى الفاشية الطائفية والقومية، التي تحاول الآن التمرد على التبعية لاستمرار مصالحها الخاصة وبقائها كقوة مهيمنة، رغم أنها لا تعبر عن عواطف الشعوب ورغباتها، وإنما تؤججها وتستغلها أقصى استغلال.

الأزمة والمخارج

- إن الامبريالية المأزومة صحيح أنها سببت وتسبب كثيراً من المشاكل العالمية والإقليمية والمحلية، لكن أيضاً تحرك الشعوب وقواها الوطنية التي لها رؤى وبرامج مستندة إلى حقائق وحقوق تاريخية مشروعة ومنها حق تقرير المصير والحلم بإنشاء دولة قومية تكون مخرجاً من الظلم والاستبداد المتراكم.

- إن الصراع المستمر بين الشعوب والرأسمالية، وسيستمر حتى تنال الشعوب حقوقها، لكن تخبط الامبريالية في مواقفها، لا يعني أنها باتت عاجزة فلديها دائماً بدائل، وفي تراجعها الحالي الذي يبدو ظاهرياً تسعى لصياغة هذه البدائل وليس آخرها الفالق القومي.

- إذا كان الصراع أثناء الحرب الباردة نتيجة التوازن الدولي في الخمسينات بين القطبين الاشتراكي والرأسمالي أفرز كتلة دول عدم الانحياز، فإنّ تراجع القطب الامبريالي، وصعود مجموعة بريكس، مع بروز قطب الشعوب مجدداً وتشكل توازن دولي جديد، سيخلق الأرضية لبروز قوى أكثر نضجاً ووعياً، يعبر عن حقوق الشعوب، لذا تعتبر فكرة اتحاد شعوب الشرق نواةً لذلك ومخرجاً حقيقياً. 

الواقع والتراث الحضاري 

- رغم محاولات استمرار إشعال المنطقة عبر الفوالق المتعدة الطائفية والقومية وغيرها، إلاّ أن الإرث الحضاري والفكري لدى شعوب المنطقة يفرض وجوده، فالشارع الشعبي في غالبيته، وبشكل عفوي يرفض التطرف الديني والقومي، وهذا يعود لمستوى الوعي والذهن المنفتح وعمق الحضارة لشعوب المنطقة فهي ليست أدوات يمكن تسييرها، وهذا ما نراه في سورية فبعد 5 سنواتٍ من الأزمة ورغم الفساد والوضع المعيشي السيء جداً والذي يسوء باستمرار، بقي متمسكاً بهويته الوطنية ومواقفه العدائية للإمبريالية، وهذا ليس اصطفافاً منه مع النظام كما يصوره البعض.

- حق تقرير المصير ليس وارد من مقولات الخارج، وإنما هو جزء من حضارة وثقافة شعوب المنطقة التي كانت متعايشة مع بعضها في المنطقة تاريخياً، ولولا الاستبداد والظلم والاستغلال الداخلي من الأنظمة والخارجي من الرأسمالية، لعادت وتعايشت مع بعضها وستعود. لذلك نجد تضامن الشعبين الفلسطيني والكردي وتضامن الشعوب مع حقوقهما.

سِمات القضية الكردية

- على الرغم من أهمية القضية الكردية ومعاناة الشعب الكردي، إلاّ أن قضيتهم لا تلقى الاهتمام الجدّي في أروقة الأمم المتحدة، كما القضية الفلسطينية أيضاً، بسبب هيمنة بعض القوى الكبرى عليها وهذا الموقف منهما هو امتداد لاتفاقية سايكس/ بيكو أي إبقائهما بؤر توتر ودون حل.

- إنّ اعتناق غالبية الشعب الكردي للدين الإسلامي، وعدم وجود حدود جيوسياسية سابقاً ساهم في احتوائهم بين شعوب المنطقة وعيشهم المشترك، وحدّ من طموحاتهم في الانفصال وتكوين دولة قومية، لذا كان تاريخهم منسجماً مع تاريخ شعوب المنطقة، وكان صلاح الدين قائداً لها، وغيره آخرون في مختلف جوانب الحياة.

- إنّ ترسيخ اتفاقية سايكس/ بيكو الجغرافية وتفعيلها مجدداً هو لتصفية حساباتٍ إقليمية بين دول المنطقة، التي هي بالأساس أدوات، وسيكون الشعب الكردي وقوداً حقيقياً لصراعات المنطقة.

- إنّ الفقراء من الشعب الكردي وهم الغالبية والأكثر فقراً بين شعوب المنطقة، هم الحامل الأساسي للقضية الكردية، لإحساسهم بالظلم والاستغلال الاجتماعي والسياسي، لذلك تبنى غالبيتهم الفكر اليساري، بينما القوى الدينية والقومية تستغل مشاعرهم الدينية والقومية.

وأخيراً، جاء في الموضوعات( أنّ شكل الدولة الوطنية راكم مستوىً جيداً من العيش المشترك والاندماج بين القوميات المتعددة في الشرق) وهذا لا يمكن تجاهله في أي حل مشترك للقضية الكردية، ويتبين ذلك في أنّ غالبية السوريين الكرد يعتبرون أنفسهم جزءاً من المكون السوري، ومن طالب بالفيدرالية أو الانفصال، لا يعبر عن مواقف القوى الكردية كلها، ولا يعبر عن مصالح الشعب الكردي ورغباته الذي لم يفوض أحداً بذلك.!