عرفات:  جولة «جنيف3» المقبلة ستحمل تعديلات إيجابية
علاء عرفات علاء عرفات

عرفات: جولة «جنيف3» المقبلة ستحمل تعديلات إيجابية

أجرت إذاعة «ميلوديFM» يوم الأحد 7/2/2016 حواراً مطولاً مع الرفيق علاء عرفات، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، وأمين حزب الإرادة الشعبية. حيث دار الحوار حول مآلات مؤتمر «جنيف3» ومجرياته. فيما يلي، عرض لأبرز المحاور التي تناولها اللقاء.

 

المحللون السياسيون ووسائل الإعلام يقولون أن «جنيف3» قد فشل، كجولة أولى على الأقل، نظراً للتأجيل أو التعليق، وستكون هناك محاولات لاحقة لِلمّ شمل المعارضة من جديد وإحضار الوفود إلى جنيف؟

دعونا نعود قليلاً إلى الوراء كي نستطيع فهم ما جرى، وتحليله بشكل دقيق. أولاً: قبل المؤتمر، كان وفد الرياض يطرح شروطاً مسبقة ويرفع سقوفه، وأحدهم، ممن جمعتني به مقابلة على إحدى الفضائيات، قال: إن وفده لن يذهب إلى جنيف، وقلت له ستذهبون وذهبوا. وبالتالي، ما قالوه عن عدم المجيء أصبح حديثاً غير جدي كما بينت الوقائع.

ثانياً: هم ذهبوا إلى «جنيف3» عملياً كي يفشلوه، تحت حجة اختبار نوايا الطرف الآخر، ويقصدون النظام، وبذلك نفذوا ما قاله لهم وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قبل المؤتمر، وهو عملياً مضمون رسالة المبعوث الأمريكي الخاص بالأزمة السورية، مايكل راتني، الذي قال لهم: إن عليهم الذهاب إلى جنيف، وقد سمعوا كلامه وذهبوا.

عملية وضع الشروط المسبقة التي كان عنوانها المسائل الإنسانية والإغاثية..إلخ أبرزت هذا الطرف على أنه طرف غير جدي، وأحرج داعميه وأصدقائه. وعندما حاولوا الانسحاب، استبقهم ديمستورا بتعليقه المفاوضات، وقوله: بأن هناك قضايا يجب أن تعالجها الدول الراعية، وتحديده للتاريخ الأولي لإعادة انطلاقها في 25/2/2016.

بالتالي، ما الذي جرى؟ الطرف المدعوم سعودياً وتركياً، وأقصد معارضة الرياض، رفع سقف شروطه، ثم اضطر للمشاركة. وبعد مشاركته، أعاق العملية، وهذا أصبح واضحاً، وهو يتحمل مسؤولية توقف المفاوضات. وعليه أصبحنا أمام الوضع التالي: الدول الداعمة لوفد الرياض، سيجري إعادة تأهيلها في مقاربة موضوع حل الأزمة السورية. وبالتالي، لمن يقول أن «جنيف3» قد فشل، يؤسفني أن أقول لهم لا تفرحوا كثيراً، لأن الفشل الذي جرى يعني التقدم نحو الأمام، لأننا سندخل في مرحلة أكثر جدية وأكثر واقعية. 

ما انهار في جنيف3 هي رسمة «جنيف2»، لأن وفد الرياض عملياً هو «الائتلاف» الذي لا يزال قوة مهيمنة فيه، وللمرة الثانية، هذه القوة المهيمنة تقول إنها ليست مؤهلة لحل سياسي. وبالتالي، يجري تعديل هذه الرسمة، وهو ما سينجز كما أعتقد خلال المرحلة المقبلة. والجولة المقبلة ستكون فيها جملة من التعديلات، بما يسمح للمؤتمر بالسير خطوات سريعة نحو الأمام. ويبدو أنه كان لا بد من إطلاق جنيف بهذه الصورة لتوضيح هذه الثغرات، بما في ذلك الأدوار السلبية لكل من تركيا والرياض.

ما هي خارطة المعارضة التي ستجلس للتفاوض مع الوفد الحكومي في اللقاء القادم؟

لا أعرف كيف سيجري حل هذا التفصيل، لكن الوفد الذي شكل في الرياض تبين في الممارسة ومن خلال طروحاته كلها أنه ليس مؤهلاً للحل السياسي، وهو عملياً يحقق ما تطلبه منه الدول الداعمة. الأتراك والسعوديون يريدون تأخير أو إفشال المؤتمر، ولذلك، يعاني هذا الوفد كثيراً، مما يؤدي إلى إعادة النظر في دوره وتركيبته، وربما في دعوته.

هناك توافق أمريكي روسي، لكن هناك خلاف إقليمي.. ألم تفلح الضغوط الأمريكية على معارضة الرياض؟

لا شك أن التوافق الروسي الأمريكي هو توافق جدي ومتين، كما تبين الأحداث حتى الآن. والتوافق يعني أن الطرف الأمريكي يقرأ اللوحة بشكل صحيح مدركاً تراجعه، وبما أنهم يتراجعون يضعون سياسات تراجع. وعندما أتى المنعطف السياسي، ينعطف هذا الطرف اليوم بشكل سريع. المشكلة تكمن بأن حلفاءه والتابعين له، الأتراك والقطريين والسعوديين، لا يستطيعون الانعطاف بالسرعة نفسها. لذلك نشهد نوعاً من حالة التمرد التركية السعودية القطرية على الطرف الأمريكي. أي أن التناقضات ضمن المحور الواحد ارتفع مستواها. فالسعوديون والأتراك لا يريدون أن يدفعوا ثمن هذه الخسائر.

أعتقد أن الطرف الأمريكي كان خلال الثلاثين أو الأربعين عاماً الماضية يعالج تناقضاته مع حلفائه بطريقة محددة، يتبين الآن أن هذه الطريقة لم تعد صالحة لمعالجة هذه التناقضات. وبالمختصر، أعتقد أنه إذا كانت الولايات المتحدة تسوس حلفاءها بالطريقة الناعمة سابقاً، الآن ستكون مضطرة لسوسهم بالطريقة الخشنة، التي من الممكن أن تبدأ بالضغط الشديد، وتنتهي ربما بإحداث استبدالات في قيادات هذه الدول، وهي قادرة على ذلك، وأساساً فإن التناقضات الموجودة داخل هذه الدول كثيرة.

ماذا عن التهديدات التركية على الحدود السورية، وإعلان السعودية احتمال إشراك قواتها برياً في سورية؟

إنه نوع من البلبلة التركية السعودية حتى الآن، فدخول عسكري تركي إلى سورية ليس قراراً تركياً بالتأكيد، ولا أعتقد أن الولايات المتحدة في وارد السماح بمثل هذه المسألة. لأن ذلك يعني نشوب حرب إقليمية، وتركيا دولة ناتو، والولايات المتحدة جزء من الناتو، وهذا يعني صدام بين الناتو والسوريين وحلفائهم.

لا الروس ولا الأمريكان اليوم في وارد تغيير الجغرافية السياسية. أما تغيير الأنظمة فيجري من خلال معارك سياسية داخل هذه البلدان، وليس عبر المعارك العسكرية. والسؤال لمن انسحب من جنيف: هل الأتراك في وارد تدخل عسكري في ظل ميزان القوى الحالي؟ وهل هم في وارد الاشتباك مع الروس مثلاً؟

ما تأثير الواقع الميداني اليوم على جنيف؟ وهل ما حصل من تعطيل من قبل الأتراك والسعوديين هو نتيجة نجاحات الجيش على الأرض؟

بالتأكيد لا. تعطيل جنيف هو قرار قبل أن ينعقد مؤتمر جنيف. ووفد الرياض الذي جاء إلى جنيف جاء وهو يضمر التعطيل وكان ذلك واضحاً قبل المؤتمر، أما المجريات الميدانية فقد اتخذها البعض حجة وذريعة للتعطيل. هذا لا يعني أن تقدم الجيش ليس عاملاً مهماً، لكن تقدمه يجري منذ شهرين أي منذ الدخول الروسي، بالتالي، فإن التقدم ليس هو سبب الإعاقة.

تقدم الجيش بعد الدخول الروسي هو الذي صنع «جنيف3»، واستمرار هذا التقدم هو الذي يسمح لـ«جنيف3» وأشباهه بالاستمرار والنجاح، وليس العكس. وأقول: أشباهه لأنه قد لا يجري في جنيف، ربما يجري في فيينا أو في مكان آخر.

هل هناك اتفاق أمريكي روسي على إشراك «الاتحاد الديمقراطي» في المفاوضات فيما بعد؟

كانا متفقين على إشراك «الاتحاد الديمقراطي» منذ البداية، لكن نظراً للتعقيدات التي افتعلها الأتراك، يبدو أن الطرف الأمريكي لم يكن قادراً على حل الموضوع مع الأتراك بشكل سريع، فتأجل حله لاجتماع ميونيخ. لذلك، موضوع الأكراد والمواضيع الأخرى المعلقة من الممكن أن تحل في اجتماع ميونيخ. وأهم النقاط التي سيجري حلها في اجتماع ميونيخ هو دور وفد الرياض والدول الداعمة له. وأعتقد أنه كما تحدثت، سيكونون أمام حالة إعادة تأهيل.

عموماً، الباب يفتح واسعاً أمام التسويات السياسية، ولكن ليست تسويات سياسية على حساب الشعوب، بل التسويات السياسية التي ستكون في الجوهر لمصلحة الشعوب. هذه هي قراءتنا للموضوع. القوى الصاعدة اليوم ليست قوى استعمارية، وإذا كنا نتحدث أن الروس والصينيين وحلفاءهم هي دول صاعدة، فهي عملياً ستسم التطور العالمي بسمتها، ويبدو أن الأزمة هي أول أزمة يمكن أن تشهد حلاً بإطار تغير ميزان القوى العالمي لمصلحة هذه الدول الصاعدة.