حكومة الوحدة الوطنية مطلب عاجل وضروري.. الظروف السورية الاستثنائية تتطلب حلولاً استثنائية بزمن استثنائي
يوسف البني يوسف البني

حكومة الوحدة الوطنية مطلب عاجل وضروري.. الظروف السورية الاستثنائية تتطلب حلولاً استثنائية بزمن استثنائي

لم يكن الشعب السوري وقواه الوطنية بانتظار الإملاءات الخارجية أو تقارير بعثة المراقبين العرب وما تلاها من قرارات عربية ليصر على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لإنهاء الأزمة الوطنية

 بل كان هذا الطرح مطلباً عاجلاً وملحاً على الدوام، إذ أن الوحدة الوطنية سمة مميزة اتصف بها المجتمع السوري على مر العصور، ولطالما كانت هذه الوحدة الوطنية هدفاً أساسياً تسعى إلى تحقيقه كل الدول والمجتمعات، باعتبارها العنصر الأهم في بقاء الأمم وضمان سيادتها وحفظ كيانها وتطورها، العنصر الذي يبنى على مقومات الترابط والتآزر بين أفراد المجتمع بكل تقسيماته الاجتماعية ونبذ جميع أشكال التطرف والتعصب، والحفاظ على مكتسبات الشعب ومقدراته، للوصول إلى التلاحم الشعبي. إن حكومةً من هذا النوع في سورية، قادرةً على أن تمثل هذه الروح، وتعمل على إدارة شؤون البلاد في إطار الدستور وسيادة القانون، تحقيقاً لأمن واستقرار المجتمع، هي الحل الوحيد الضروري والعاجل الآن للخروج الآمن والسريع من الأزمة الوطنية الحالية.

 

من هنا جاء السؤال ملحاً وصارخاً في الوضوح: هل هناك إمكانية لتجاوز الأزمة الوطنية عبر حكومة وطنية واسعة الصلاحيات تأخذ على عاتقها السير بالوطن نحو الخروج من الأزمة ووقف نزيف الدم، وخلق سورية الحديثة الحرة الديمقراطية؟! نعم يمكن تحقيق ذلك، لأن الشعب السوري اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذه الخطوة، بالاعتماد على القاعدة الواسعة للجماهير الشعبية التي تمنح ثقتها لحكومةٍ تمثل مصالحها العامة..

وكانت «قاسيون» قد تكلمت كثيراً في افتتاحياتها وفي متنها عن ضرورة وإلحاح تشكيل حكومة وحدة وطنية تُخرج سورية من أزمتها، كما بثت وسائل الإعلام المختلفة كثيراً من اللقاءات مع شخصيات تمثل القوى السياسية الوطنية، كحزب الإرادة الشعبية، والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، حول أهمية وضرورة هذه الخطوة لإيجاد مخرج آمن وسريع من الأزمة الوطنية، أما فيما يتعلق بآراء المواطنين ومواقفهم ووجهات نظرهم حول هذه الحكومة المرتقبة وأهميتها، وضرورة التعجيل بها، فقد التقت «قاسيون» بعض المواطنين وكانت لنا هذه التصريحات:

 

مطلوب سياسات عادلة ومحاسبة الفاسدين

ـ المواطن (غسان. ش) الموظف في وزارة التربية قال: «إن تشكيل حكومة وحدة وطنية هو مطلب جماهيري وطني قبل أن يكون مقرراً من أية جهة كانت، رسمية أم غير رسمية، ويجب ألا تطول الجدالات حول جدوى هذا المطلب لأنه مُلح وعاجل، وهو السبيل الأكثر فعالية لإخراج سورية من أزمتها الوطنية بشكل آمن وسريع، بكل ما تحمله هذه الأزمة من نزيف مستمر للدم السوري وانقسام اجتماعي حاد، ولحل الاستعصاء الذي تواجهه كل الخطط والجهود لحل الأزمة. مهمة هذه الحكومة يجب أن تكون ترجمة سياسية عميقة للعمل الثوري، ويجب التركيز على برنامج هذه الحكومة والصلاحيات الواسعة والشاملة التي يجب أن تعطى لها، للخروج من الأزمة وسحب البساط من تحت ومن أيدي الفاسدين صغاراً وكباراً، الذين أوصلوا سورية إلى هذا الوضع المضطرب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وعن طريق السياسات العادلة للحكومة المرتقبة والملحة يمكن الارتقاء إلى أعلى مستويات من نضج الحركة الشعبية وأدوات نضالها، التي حينئذ فقط يمكن أن تؤتي ثمارها وتحقق كل مطالبها ومهماتها في سورية بالحرية والعدالة الاجتماعية والتغيير الديمقراطي وتحقيق كرامة المواطن في العيش والعمل وكل النواحي المطلبية. مهمة هذه الحكومة هي خلق قوى شريفة فاعلة داخل جهاز الدولة يكون همها تحقيق مطالب الجماهير الواسعة، لذلك فلا نستغرب أن تواجه حكومةُ الوحدة الوطنية المنشودة واسعةُ الصلاحيات مقاومةً حادة ومعارضةً لأي تغيير ديمقراطي وممانعةً شديدة من قوى الفساد الكبير داخل النظام، انطلاقاً من خوفها من ساعة الحساب القادمة. إنني من هنا أدعو كل الوطنيين الشرفاء السوريين لرص الصفوف والتمسك بثوابت الشعب السوري ومطالبه المحقة بالتغيير الديمقراطي الشامل والجذري، وأنا أؤيد حق التظاهر السلمي الذي رفع شعارات جامعة لا تُقصي إلا من يقف بوجه التغيير الحقيقي ويريد تغييراً شكلياً فقط، وأنا أعترض على أساليب الإعلام القاصرة في سورية ومعالجتها للأزمة من وجهة نظر وحيدة الجانب ومتطرفة في هذا الأمر وتستند أحياناً إلى المزاودة على وطنية الحركة الشعبية والتشكيك بنضالها السلمي».

 

مهمة اجتماعية بأهمية

المهمة السياسية والاقتصادية

ـ الأستاذ المحامي (سليمان. د) قال: «إن تحقيق الوحدة الوطنية أساساً يرتبط بإدارة الحكم في البلاد، والتي يجب أن تكون بعيدة عن أي انحراف في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، اللتين يجب أن تبتعدا عن أية ممارسات غير دستورية، وعن الوقوع في أخطاء سياسية لها تأثير على تماسك الجبهة الداخلية، وانعكاسات سلبية على أفراد والمجتمع تؤدي إلى تذمرهم من تلك السياسات والممارسات التي لا يمكن بعد اليوم التغاضي عنها، لذلك فحكومة الوحدة الوطنية المرتقبة يجب أن يكون لها وجه اجتماعي ومهمة اجتماعية كما هي مهمتها السياسية والاقتصادية تماماً، فأنا أنظر إلى الوحدة الوطنية على أنها رباط يجمع أهل بلد معين يساعدهم على التعالي فوق صغائر الأمور بغرض تحقيق مصلحة عليا يُتفَق عليها، وهي مصلحة الوطن، التي لن تتحقق إلا عن طريق تحقيق مصلحة المواطن، وهذا أمر يتعلق بالعدالة الاجتماعية تماماً كما يتعلق بالممارسات السياسية التي هي جزء من تكوينها، فضلاً عما تغرسه السياسات المتبعة من مفاهيم وأخلاقيات تتمثل في الحب والولاء للوطن، والشعور بالانتماء الحقيقي الطوعي له، لقد سمعنا كثيراً في الحكومات السابقة من يتاجرون بالوطنية وهم أبعد ما يكونون عنها، ورأينا الكثيرين يدعون للحفاظ على المال العام وهم من تعدى عليه، فلا حققوا عدالة اجتماعية ولا تكافؤ فرص ولا مكافحة للفساد، ولا عملاً سياسياً يقوم على احترام الدستور والقانون، لذلك فعلى حكومة الوحدة الوطنية كمطلب عاجل وملح لحل الأزمة السورية أن تتبنى عملاً وطنياً تتحقق به مقومات الوحدة الوطنية وفق أسس علمية أخلاقية سياسية اجتماعية واقتصادية، تشارك فيه الأسرة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، لنعيد صياغة المعادلة التي يجب أن تبدأ من كبار المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية بأن يكونوا قدوة صالحة في الحفاظ على مصالح الوطن والمواطنين، وأن تتحمل الحكومة المرتقبة في إطار نهجها السياسي الاقتصادي الاجتماعي مهمات أساسية هي مكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتطبيق مبدأ سيادة القانون، والعمل بشكل جدي على تعميق الوحدة الوطنية وبذل قصارى جهدها في تحقيقها، وتأخذ على عاتقها العمل على إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث في سورية، وفتح ملف المفقودين لمعرفة مصائرهم، الأمر الذي أتوقع أن يزيل الكثير من الاحتقان، لأن أي خلل جديد في مقومات الوحدة الوطنية فإنه سيكون الشعرة التي تقصم ظهر البعير في مسار الأزمة السورية».

ـ الأستاذ (إلياس. ع) مدير أحد الأقسام في شركة من شركات القطاع العام قال: «إن طرح تشكيل حكومة وحدة وطنية هو طرح إيجابي وأعتقد أنه سيكون خطوة فعالة جداً لإخراج سورية من أزمتها الوطنية بشكل سريع وآمن، إلا أن هذه الخطوة تفقد أهميتها وجدواها إذا ما تأخر تحقيقها، لأن التأخير يؤدي إلى المزيد من سفك الدم السوري وزيادة توتير الأوضاع أكثر فأكثر، ويجب ألا تطول الفترة الزمنية لتنفيذ هذا الطرح لأن ذلك قد يفتح البلاد على المجهول، ويجب أن تتكون الحكومة التي ستأخذ على عاتقها مهمة حكومة وحدة وطنية، من الوطنيين الشرفاء في المعارضة الوطنية والنظام والحركة الشعبية، ولن تكون حكومةَ إنقاذ وطني حكومةٌ لا تتمثل فيها كل الأطراف، ويجب أن تتمتع بصلاحيات واسعة تمكنها من إدارة البلاد في ظل الأزمة إدارة وطنية حقيقية للسلطة التنفيذية في كل مجالاتها. إن هكذا حكومة مطلوب تشكيلها بشكل فوري وعاجل ويجب أن تضع هدفاً أساسياً لها هو صياغة برنامج وطني شامل للخروج من الأزمة بكل ما يتطلبه ذلك من صلاحيات واسعة في محاسبة المسؤولين عن العنف من كل الأطراف، والإطاحة برؤوس الفساد لأنهم المسؤولون أولاً وأخيراً عن إيصال البلاد إلى ما وصلت إليه من فوضى وتوتر، وعلى الحكومة المرتقبة أن تضع نصب عينيها مهمة إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية الأحداث والتعويض على المتضررين ومعالجة ملف المفقودين وحماية المظاهرات الشعبية السلمية من الجيش العربي السوري».

ويتابع الأستاذ إلياس قائلاً: «إن الوحدة الوطنية ليست مفهوماً يجب إيجاده، بل مفهوم يجب التلاقي على الأخذ بمقتضياته في إطار تعددي، دون أن يسبق ذلك اشتراط أحد الأطراف على طرف آخر أن ينسلخ من جلده أو يتخلى عن انتمائه وتصوراته، فالتلاقي الواقعي هو تلاقي أطراف تتفق في ميادين كافية للوحدة الوطنية، لاسيما في إطار تحقيق أهداف وطنية عليا مشتركة مرحلية، مثل إخراج البلاد من أزمتها، ودرء أخطار الهيمنة الأجنبية والتدخلات الخارجية، ففي هذا الإطار لا يجوز وجود تناقض بين مفاهيم كل الأطراف، ولكن قد يجوز الاختلاف في مفاهيم أخرى تكتيكية، شريطة ألا تتناقض مع المفاهيم الأساسية التي يجب أن تنقل البلاد من وضع غير دستوري إلى حكم يكفل الحقوق والحريات للجميع، وهذا يتطلب بناء نظام جديد يحقق العدالة الاجتماعية، ويسقط الفساد والنهب، ويعطي الحريات السياسية الواسعة للشعب السوري، وصولاً لاستكمال مهمة الدولة السورية في المقاومة والتحرير والتغيير الديمقراطي».

 

مقومات حكومة الوحدة الوطنية

ـ الأستاذ (مصطفى هـ) قال: «وصلت سورية إلى أزمتها الوطنية الحالية ليس فقط نتيجة السياسات الاقتصادية التي أفقرت العباد ونهبت البلاد، مع أن هذا سبب رئيسي دفع الجماهير الشعبية لتطالب بكرامة العيش والعدالة الاجتماعية، بل هناك أيضاً السياسات الأمنية التي كانت تحرم على المواطن الخوض في شؤون الحكم والإدارة، فقد كان مجرد الحديث عن المطالبة بتغيير الحكومة شيء أقرب إلى الخيانة الوطنية العظمى التي تخل بأمن الوطن وكرامته وسيادته، ولكن في هذا الظرف الاستثنائي لابد من مطالب استثنائية بتشكيل حكومة استثنائية تحمل مهمات استثنائية في رأب التصدعات الاجتماعية، وصولاً إلى تعزيز وتوطيد وحماية الوحدة الوطنية التي هي السلاح الأساسي والأكثر أهمية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فما هي الشروط الضرورية لتحقيق حكومة وحدة وطنية؟! استناداً إلى تسميتها هناك شرطان يجب أن يتحققا لكي يمكن الحديث بشكل جاد ومسؤول عن حكومة وحدة وطنية، وهما: الوحدة والوطنية: فالوحدة تعني اتفاق كل مكونات المجتمع من فئات وجماعات وأحزاب، وحتى أشخاص منفردين، على هدف يسعون لتحقيقه مجتمعين، ووحدة الحكومة المنتظرة في هدف سياسي اجتماعي اقتصادي إعماري ثقافي يوحد جميع مكونات الشعب السوري، ويأخذ حل مشاكله بعين الاعتبار. والشرط الثاني لتحقيق حكومة الوحدة الوطنية هو الوطنية، أي وضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، والترفع عن الغايات والمقاصد والمكاسب الشخصية، وليست الوطنية هنا معارضة النظام لمجرد معارضة النظام خدمة لبرامج ومخططات خارجية، فهؤلاء المعارضون الموالون للخارج والمتمولون بدولاراته لا يمكن اعتبارهم وطنيين، ولا يمكن اعتبار الحكومات التي ينادون بها حكومات ذات صفة وطنية، بل المطلوب من حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة أن تكون اسماً على مسمى، وأن تكون حكومة مسؤولة بصلاحيات واسعة، تنجز مهمة وطنية تاريخية وتخرج سورية إلى فضاء سياسي ديمقراطي حر، وأن تكون حكومة شابة نزيهة وشاملة، ومنتقاة على مبدأ الكفاءة بالعمل والاستقامة والفضيلة الخلقية، لا نريد حكومة تنتهي كما انتهت سابقاتها بخاتمة السوء، وفضائح اللصوصية والنهب والتخريب، واتهامها بالسرقة والفساد، فهذه السياسات هي التي نكدت على الناس معيشتهم، وأوصلت البلاد والعباد إلى حال من الفقر والجوع والفساد والقمع وفقدان الأساسيات، ما سبب الأزمة الوطنية التي نعاني منها الآن».

 

لا أمل... بناء على تجارب سابقة

ـ المواطن (سفيان د) قال: «أنا ليس عندي بصيص أمل في وجود حكومة كهذه، لأنني أعتقد أن فكرة تحقيق حكومة وحدة وطنية عند الفاسدين الكبار المتغطرسين في السلطة ليس في الواقع سوى العمل على إخضاع العناصر الجديدة على الساحة السياسية لإرادتهم، وليس للاتفاق بين جميع الفئات على الخروج من الأزمة، وأعتقد أن الحديث عن حكومة وحدة وطنية هو مجرد شعار للاختباء خلفه وليس له أية سمة من سمات الوطنية، لأنهم يقصدون بحكومة الوحدة الوطنية حكومة وحدة لخدمة السلطة وتحقيق سيادتها على الشعب، حكومة موحدة في أهدافها الداخلية على الاستمرار في نهب ثروات البلد وتوسيع الفساد الكبير وقاعدته الفساد الصغير والإداري. فمن تصرفات السلطة أصبح عندي شك حول مفهومها للوحدة الوطنية، فقد شغلت كلمة الوحدة الوطنية حيزاً كبيراً في التصريحات والمواقف، ولكن ليس في قالب مساعي التوحيد بل في قالب منازعات يدور معظمها حول مطالبة «الآخر» بالانصياع أو جره جراً إلى «وطن المتكلم» أو بتعبير آخر تصوره الذاتي عن ذلك الوطن المشترك، فإن لم يستجب فقد يصل العداء إلى درجة التخوين، وهذا جنباً إلى جنب مع تفاقم الأخطار على الأوطان وساكنيها جميعاً في وقت واحد، فإن ما يصفونه بضرورة الاستقرار إنما يقصدون به استقرار السلطة، وكلمة الوحدة الوطنية أو الحفاظ عليها تستخدم غالباً لتسويغ أهداف النظام، بمعنى إذا اختلفتَ معهم في الرأي يتهمونك مباشرة بتعريض الوحدة الوطنية للخطر، من أجل سلب من يعارضهم حرية الفكر والتصور والمنهج، وحق الاعتراض على التجاوزات القانونية والدستورية. إن رغبة الناس الطيبين وحلمهم في تحقيق حكومة وحدة وطنية تخرجهم من الأزمة ليس سوى أسطورة أو وهم يبنون عليه الآمال، وأعتقد أن الحكومة القادمة أيا كانت ومهما تغيرت شخصياتها يمكن تسميتها حكومة توافق وليس حكومة وحدة وطنية، لأنني أعتقد أنها ستكون كسابقاتها من أجل تحديد حصة كل من الكتل والأحزاب والشخصيات البارزة في هذه الحكومة. فحكومة الوحدة الوطنية لن تتحقق في ظل الفساد إذا لم تتم محاربته واجتثاثه، واستمر معششاً في كل مفاصل الدولة وخاصة الحيوية منها ومراكز القرار. وسياسة أية حكومة قادمة يجب ألا تكون مقررة سلفاً وتُلزم أعضاءها التقيد بتنفيذ ما هو مقرر، بل يجب أن تكون واسعة الصلاحيات، وتضع برنامجاً وطنياً أمام عينيها للوصول إلى المصالحة المنشودة عبر محاسبة كل من كان سبباً في تفاقم الوضع والوصول إلى الأزمة الحالية محاسبة علنية شفافة، وإن تحقيق حكومة الوحدة الوطنية يتطلب أن يكون هناك أساس لها، وأساس هذه الوحدة هو التخلص من كل الصفات الفئوية وإثارة النعرات من أينما يتم توجيه هذه الإشارات التي تقسم الشعب السوري إلى طوائف ومذاهب وفصائل متفرقة».

 

ليست خياراً بل ضرورة

إن حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا على أساس الهدف الوطني في التغيير الديمقراطي والتحرير وضمان كرامة المواطنين جميعاً وسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني، ولهذا فهي حكومة وحدة وطنية، ووجود مثل هذه الحكومة يتطلب وجود شعار يمكن أن تتوحد على أساسه جميع القوى الجماهيرية الشريفة في المعارضة والنظام والحركة الشعبية لإنقاذ البلد من أزمته، ألا وهو رفع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات والخلافات والتفرقات الجانبية العرضية، لأن تحقيق الوحدة يتطلب أن يكون هناك قوام لهذه الوحدة وقوامها الأول وحدة الهدف بين جميع المواطنين السوريين، سواء بمنظور مواجهة الأزمة لحلها وتجاوزها ومواجهة الخطر الخارجي، أو بمنظور تلاقي الجهود على طريق البناء الدستوري الجديد في الحرية والديمقراطية، والقوام الثاني للوحدة الوطنية هو حفظ حقوق جميع المواطنين بغض النظر على انتماءاتهم ومعتقداتهم ومواقفهم.