جميل: أشك بأن العالم يريد تحول الصراع في سورية إلى صدام إقليمي ودولي
استضافت قناة الميادين مساء الثلاثاء 15/12/2015، د. قدري جميل عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، وأمين حزب الإرادة الشعبية، ضمن برنامج «حديث دمشق» للصحفية ديمة ناصيف، التي استضافت أيضاً د.منى غانم نائب رئيس تيار بناء الدولة، وذلك لسبر آخر تطورات المشهد الدبلوماسي والميداني المحيط بسورية والجاري فيها، وفي مقدمتها اجتماع الرياض، والقوائم الإرهابية السوداء والمعارضة السياسية البيضاء، لتسريع تطبيق بنود فيينا الأخيرة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيتوجه للرياض في حال تمت دعوته قال جميل: «هذا السؤال كان يجب أن يطرح في حينه، ويبحث الموضوع في حينه ونأخذ القرار المناسب في حينه، ولكن الأهم الآن تقييم ما جرى، ما جرى كان يجب أن يكون تطبيقاً لفيينا2، وفعلياً لم يجر تطبيق فيينا2، الذي كان يأمل بأن يكون اجتماع المعارضة في الرياض جامعاً شاملاً بالحرف، وما جرى في الرياض لم يكن جامعاً شاملاً، ثانياً كان يجب أن يجري اجتماع المعارضة في الرياض بإشراف الأمم المتحدة متمثلة بشخص السيد دي ميستورا، الذي لم يكن له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالتحضيرات ومجريات مؤتمر الرياض، لذلك من هذه الزاوية أعتقد أنه قد فقد جزءاً هاماً من مسوغاته وشرعيته. وأضحى هذا الاجتماع مثله مثل اجتماعات بمراكز أخرى جرت بالفترات الأخيرة للمعارضة السورية وضمت جزءاً منها».
لسنا ضد دعوة المجموعات المسلحة من حيث المبدأ
وحول وجود ما أسمته المضيفة شرطاً روسياً بأن يكون هناك تصنيف للمجموعات المسلحة وفرزها بين الإرهابية وغير الإرهابية، أوضح جميل: «أن دعوة كل أطراف المعارضة (لاجتماع الرياض أو غيرها)، هو شرط ضروري ولكن غير كاف لنجاح الاجتماع، فالشروط الأخرى يجب أن تكون متوافرة. المجموعات المسلحة، والتي أنا لست ضد دعوتها على فكرة من حيث المبدأ، ممكن أن تجري دعوتها ليس استباقاً لأمور يجب أن تجري بشكل مواز. مثلاً الأردن كلفته مجموعة فيينا بوضع القائمة السوداء- قائمة الإرهاب. أما اليوم، فاستباق الأمور بالرياض، ودعوة بعض المجموعات الإشكالية، التي يدور حولها نقاش، يعطي الانطباع وكأن البعض يريد أن يفرض أمراً واقعاً من فوق الأسطح على المجتمع الدولي. «أحرار الشام» هناك إشكالية حولهم، أنا لا أقول الآن إنهم يجب أن يحضروا أو لا يحضروا المفاوضات السياسية، ولكن أنا أريد أن أقول هم اليوم في تحالف مع «جيش الفتح» ومع «جبهة النصرة»، وهي جهة مصنفة رسمياً ودولياً بأنها إرهابية، فما هو حكم المتحالف مع إرهابيين؟ هذه نقطة إشكالية، جيش الإسلام دعي، الروس رأيهم أنه جهة إرهابية، يقصف دمشق دائماً، ومن ضمن ما يقصف في دمشق، هي السفارة الروسية..!! لذلك هذه القضية لا تزال قضية نقاش. يعني إذا ما تم دعوتهم إلى الرياض، وإذا وقعوا على البيان الصادر عن الرياض، فهل يعني أن هذا كفيل بـ«تبييضهم»، ويصبحوا غير إرهابيين، هذا اسمه محاولة ليّ ذراع الحقيقة، وفرض أمور على الجميع دون أن تأخذ مسارها المنطقي والحقيقي».
العربة والحصان
حول أنه كلما اقترب الحل ثمة نقطة يصطدم بها المجتمعون دائماً سواء في جنيف أم في كل لقاء معارض، وهي بين المرحلة الانتقالية وتنحي الرئيس الأسد، أو عدم تنحيه، وتأثير ذلك على تعطيل الحل، قال جميل: «العملية السياسية بحد ذاتها، الحوار والمفاوضات بين المعارضة والنظام هي المدعوة لأن تحل قضية الرئيس، والتي هي قضية من القضايا وليست كل القضايا، بقاءه أو رحيله، لذلك لا يجوز وضع العربة أمام الحصان. نحن في الجبهة نقول هذا الكلام منذ بداية انفجار الأزمة السورية. لذلك فإن أية عملية سياسية بشروط مسبقة، تعني عملياً عرقلة بدء العملية السياسية. وطريق جهنم مفروش بالنوايا الطيبة.. إذا أردت أن أنظر إلى مخرجات الرياض اليوم، فهي لم تقرب العملية السياسية كما كان مخططاً لها في فيينا2، وإنما أخرتها لأنها خلقت جملة من المشاكل، تحدث عنها جون كيري. الأولى، هي مشكلة المعارضة وتسميتها، والثانية مشكلة المجموعات الإرهابية وتحديدها.
هل كل من رفع شعار إسقاط النظام هو معارضة؟
وحول ماذا سيكون موقف موسكو على الأقل في حال تم تصنيف المجموعات المسلحة التي شاركت في الرياض كلياً أم جزئياً بأنها إرهابية أعرب جميل عن اعتقاده بأن «هذا يعود بنهاية المطاف إلى توافق دولي. لن يستطيع أحد أن يصنفها منفرداً، سيكون هناك اتفاق، والكل سيلتزم به من الأطراف جميعها. لذلك السؤال يجيب على نفسه! وإذا تم الاتفاق على القائمة السوداء، وتم الاتفاق على القائمة البيضاء (قائمة المعارضة)، فهذا يعني أنه جرى توافق دولي، وانفتح باب الحل السياسي واسعاً. نحن في الجبهة نطالب بالتغيير الجذري الشامل الديمقراطي السلمي التدريجي الاجتماعي- الاقتصادي والسياسي للنظام منذ اللحظة الأولى للأحداث في سورية. ولا نطالب بشعار إسقاط النظام، لأننا رأينا أن هذا الشعار في المناطق الأخرى تحول إلى إبقاء للنظام وإلى زوال أو إسقاط وتغيير لرئيسه فقط لا غير. نحن لدينا هدف أبعد من هذا، فنحن نهدف لتغيير حقيقي وجذري. لذلك ليس كل من رفع شعار إسقاط النظام هو معارضة. بالعكس، كثيرون من الذين رفعوا هذا الشعار أطالوا بسلوكهم عملياً من عمر النظام بشكله السابق، ومنعوا الوصول وأخروا الوصول للحل السياسي».
السعودية فشلت في الامتحان
وعن تصريحات السعودية عن احتمال قرب إرسال قوات خاصة خليجية إلى سورية، وعن أن وضع المجموعات التي تشكل ثقلاً في العمل المسلح على لائحة الإرهاب، من شأنه أن يفتح الحرب أكثر لتحالفات جديدة وتدخلات جديدة، قال جميل: «بعض القوى، التي كانت ضد الحل السياسي وأجبرت عبر فيينا على القبول به، ولو قولاً، تعمل فعلياً على الأرض ضد الحل السياسي. كما أن السعودية سقطت بالامتحان ولم تستطع أن تشكل وفداً جامعاً وشاملاً للمعارضة. والمطلوب اليوم من المجموعة الدولية أن تعيد النظر عملياً بقرارات الرياض كلها، بحيث تستطيع تشكيل ذلك الوفد المتوازن الشامل لكل أطراف المعارضة لكي يسمح ذلك بالتقدم نحو الحل السياسي. موضوع المجموعات الإرهابية ووضعها أو عدم وضعها على القائمة هو موضوع يجب أن تنهيه مجموعة فيينا أيضاً. لكن الأهم من هذا كله، أن انطلاق العملية السياسية سيؤمن القوى الكافية لدحر الإرهاب والتغلب على «داعش» والإرهابيين الذين على شاكلتها كلهم، ولن نكون بحاجة لقوات خاصة لا خليجية ولا غيرها. فالسوريون قادرون بلحمتهم وتوحدهم وتوجيه بنادقهم نحو العدو الأساسي الأخطر، وهو داعش وأخواتها، قادرون على الانتصار بهذه المعركة. أما البعض فيريد استمرار النزيف واستمرار الاشتباك كي تستباح سورية أكثر مما هي مستباحة حتى هذه اللحظة، لذلك نحن مصرون أكثر فأكثر من أي لحظة مضت على بدء العملية السياسية لأنها طوق النجاة الوحيد والأخير للشعب السوري وهي المخرج الحقيقي للانتصار على الإرهاب، وإيقاف الكارثة الإنسانية الكبرى التي يعيشها الشعب السوري.
الموقف الروسي أحضر الجميع للمسار السياسي
وحول ما إذا كانت التطورات الأخيرة تفقد، حسب المضيفة، الروس السيطرة على المسار السياسي، أوضح جميل أن الروس لا يمسك بالمسار السياسي وإنما «أحضروا الجميع إلى المسار السياسي مجبرين. فمن من هذه القوى كان يريد الحل السياسي منذ عام؟ إن الموقف الروسي بثباته وإصراره واستمراره أحضر الجميع إلى المسار السياسي، وطبيعي أن تظهر عرقلات لتأخير هذه العملية بهذا الشكل أو ذاك. ولكن أعتقد أن القوى الشريفة والنظيفة في سورية وأصدقاء سورية وأصدقاء الشعب السوري الحقيقيين قادرون على تذليل هذه العقبات كلها، فالمسار السياسي هو الوحيد القابل لإنقاذ الوضع في سورية، لأن استمرار المعركة بالمعنى العسكري يعني استمرار الكارثة الإنسانية ويعني استمرار تمدد الإرهاب، وإن انقسام الشعب السوري سيؤدي خدمة جيدة جداً لداعش، في حين أن توحيد السوريين سيؤدي إلى إيقاف تمدد داعش وإيقاف الكارثة الإنسانية، وليس عن عبث أن طالبت المجموعة الدولية بوقف إطلاق نار سريع».
وحول التصعيد العسكري المتبادل بين حلفاء دمشق وخصومها وانعكاسه بأن الحل في سورية لن يكون إلا عسكرياً، والحل السياسي بعيد جداً، أجاب جميل: «إذا ذهبنا إلى العكس. كل تصعيد من طرف على المستوى الإقليمي والدولي يقابله، ويمكن أن يقابله، تصعيد من الطرف الآخر، مساو له ومعاكس بالاتجاه، فـ«شو آخرتا»؟ في نهاية المطاف الشعب السوري هو من سيتحمل النتيجة، لذلك يجب إخراج الشعب السوري من معاناته، يجب إيقاف الكارثة والذهاب إلى حل سياسي... هؤلاء دعموا بالصواريخ والأسلحة والطرف الآخر أيضاً دعم، إلى أين سنصل؟ هذا يعني أن الصراع في سورية ممكن أن يتحول إلى صدام إقليمي وحتى عالمي، هل يريد العالم ذلك؟ أشك بهذا..!
لا لتجميع المعارضة
في بوتقات اصطناعية..!
وعن إمكانية اتحاد «المجموعات العلمانية» لإحداث توازن مع القوى الإسلامية داخل المعارضة، قال جميل: «أعتقد أنها متحدة برنامجياً. والفوارق تنظيمية، ومن الطبيعي أن تبقى الآن ولاحقاً. المهم الآن ليس توحيد المعارضة، ولا تجميعها في بوتقات اصطناعية. المهم الآن تكوين وفد مفاوض له وزنه يمثل أطراف المعارضة كلها ولا يقصي أحداً»، مضيفاً في تعليقه على الضغوط السعودية التركية القطرية للهيمنة على وفد المعارضة أن «القطبة المخفية هي أن قطر وتركيا والسعودية يحاولون تكوين وفد معارضة يرفضه النظام، لكي لا يبدأ الحل السياسي. هذه القصة كلها باختصار. هم يريدون استفزاز النظام لجره إلى ردود الفعل من أجل ألا يبدأ أي حوار وأية مفاوضات.