جميل: «الجو والميدان» شرط لازم ولكن غير كاف..
استضافت قناة الميادين مساء الأربعاء 4/11/2015، د.قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، ضمن برنامج «حديث 2015»، مع ضيفين آخرين من دمشق واستوكهولم، هما عضو مجلس الشعب السوري د.أحمد الكزبري، والناطق باسم تجمع عهد وكرامة، ماجد حبو، وذلك لمناقشة التطورات السياسية والميدانية المحيطة بالمشهد السوري ولاسيما في ضوء ما تمخض عنه اجتماع فيينا الموسع الأخير. ونرصد فيما يلي أهم ما ورد في مداخلات د.جميل، مع الإشارة إلى أن اللقاء كاملاً منشور على موقع قاسيون.
حول سؤال ما إذا «كنا أمام محاولة جدية لإعادة السياسة إلى سورية وإيقاف الرهان على الحسم العسكري»، أوضح جميل: «بالأحرى تقصدين القول إعادة النفس للحل السياسي كي يرافق بشكل جدي عملية مكافحة الإرهاب ودحر داعش، أعتقد أن العمليات العسكرية الجارية اليوم جواً وأرضاً غيرت موازين القوى وفرضت معطيات جديدة وأعطت نفساً جديداً ضمن هذه المعطيات للحل السياسي. اليوم نشهد مرحلة جديدة من هذا الحل عبر «فيينا» سبقها جنيف1، ويجب أن لا نقلل من أهمية موسكو1 و2 لأنها من نوع معين، نوع حوار لأول مرة بين النظام والمعارضة. واليوم جاءت فيينا بأهميتها التي تكمن بأن الأطراف الخارجية كلها، التي لها علاقة بالأزمة السورية التأمت بالطاولة حول بيان جنيف1، ووصلت إلى توافقات دنيا، والباب مفتوح لمتابعة الحوار وتضييق هامش الخلافات من أجل تسهيل وصول السوريين إلى حل سياسي بدون تدخل خارجي بشؤونهم ودون وصاية من أحد عليهم».
الوتيرة المتسارعة
وحول ما إذا كانت فيينا ستكون مساراً طويلاً، لفت د.جميل النظر إلى أن «فيينا1 حصل، وفيينا2 قريباً سوف يلتئم، ويمكن أن يكون 3 و4 ولكن انتبهوا اليوم الوتيرة متسارعة، الفترة الزمنية الفاصلة بين فيينا1 وفيينا2 هي أسبوعين والهدف في النهاية هو ضم النظام والمعارضة إلى هذه العملية، وأعتقد أن الأمور ستتسارع اليوم، لا يجب التشاؤم والقول أن العملية ستكون طويلة».
فشل النموذج السابق
ورداً على سؤال لماذا يجب أن ينجح الروس في المكان الذي فشل فيه الأمريكيون في الحرب على الإرهاب، وعن المآخذ الموجودة لدى البعض على بيان فيينا بأنه يتحدث عن علمانية الدولة وبالتالي سيقصي الإخوان المسلمين مثلاً، في وقت أخذ على جنيف2 أنه أقصى أطراف المعارضة وحصر التمثيل بطرف واحد، قال جميل: «موسكو يمكن أن تحقق لأنها ممثل لاتجاه صاعد اليوم دولياً، الصين- روسيا، كل هذا المعسكر الذي يقوى يفرض نفسه أكثر فأكثر، وبالتالي سوف يتجسد هذا سياسياً. أما المعسكر الآخر، الامبريالي، الذي يريد أن يفرض أنظمة حكم ويضع رؤساء وأن يغير رؤساء هو بحالة تراجع وبحالة أزمة، لذلك اقترح أن نرى الأمور في حركتها، وليس انطلاقاً من نموذج سابق فاشل».
المنصتان.. جدلياً
وأضاف: «اليوم هناك حركة جدية في العالم، هناك تغير في موازين القوى، هذا التغير نأمل أن ينعكس إيجاباً على الأزمة السورية. من هنا أريد أن أضيف على ما قاله زملائي: الأزمة السورية بحاجة إلى منصتين وليس إلى منصة واحدة، منصة خارجية تلزم الجميع بمكافحة الإرهاب ووقف دعم المجموعات المسلحة كي يستطيع الشعب السوري أن يصنع منصته الداخلية عبر الحوار الداخلي من أجل توحيد جميع قواه من أجل دحر الإرهاب. ومن هنا اقترح أن نرى العلاقة بين الداخل والخارج بين المنصة الداخلية والمنصة الخارجية بشكل جدلي، الطيران الروسي جيد أنه يقوم بعمليات مؤثرة.. الجيش السوري شيء جيد أن يحقق تقدماً في الفترة الأخيرة. ولكن اسمحوا لي أن أقول لكم بأن الطيران الروسي والجيش السوري هما شرط ضروري للانتصار، ولكنهم شرط غير كاف، إذا لم ترتبط العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب بعملية سياسية عميقة توحد السوريين وتجعلهم يوحدون بنادقهم تجاه العدو الأساسي داعش وأخواتها من المنظمات التكفيرية المتأسلمة ولو اختلفت ألوانها وأسمائها».
مضمون علمانية الدولة
وأردف جميل: «ثانياً، حول علمانية الدولة.. عملياً جرى إقصاء كل المعارضة من جنيف2، وإن كان قصدك اليوم أن بيان فيينا بعلمانية الدولة يقصي أحداً، فأنا لا أعتقد ذلك. علمانية الدولة تعني فصل الدين عن الدولة، وفصل الدولة عن الدين. أي حماية الدين من الدولة، وحماية الدولة من الاستخدامات الضارة للدين. من هنا، فأي مجموعة سياسية تريد أن تستخدم الدين، وحسب الدستور السوري أنا في هذه النقطة موافق عليه تماماً، أنه لا يجوز قيام تنظيمات على أساس طائفي أو ديني، التنظيمات السياسية والأحزاب يجب أن تقوم على أساس سياسي. من هنا فإن علمانية الدولة هي مكسب تاريخي هام للشعب السوري، وعندما يؤكد المجتمع الدولي في فيينا على ذلك فهذا الشيء مهم وضروري ويجب الاستناد إليه، وهذا لا يعني استثناء أحد أو إقصاء أحد إلا من يريد أن يستثني نفسه، إذا كان يريد أن يصر على عدم علمانية الدولة، أي على جعل الدولة دولة دينية، وهو أمر غير ممكن ومضر جداً».
موقف موسكو ثابت
ورداً على سؤال حول حقيقة الموقف الروسي من مسألة الرئاسة الحالية في سورية قال جميل: «أعتقد أن الموقف الروسي ثابت لم يتغير منذ بداية الأزمة حتى اليوم. الموقف الروسي ترك للشعب السوري حق تقرير مصيره السياسي وقياداته، ولم تتغير كلمة واحدة بحديثه. الذي حدث هو أنه بعد فيينا جرى هجوم إعلامي كثيف، وتشويش كبير على الروس لخربطة الأمور وتشويه موقفهم، وذلك نتيجة الانتصار الذي استطاعوا أن يحققوه. ولذلك أعتقد أن الإعلام في منطقتنا و في بلادنا يجب أن يكون حذراً ومتيقظاً من هذه المحاولات».
وفي تعقيبه على طرح د. الكزبري بأن المسألة الأساسية هي التزام الأطراف الإقليمية بتنفيذ قرارات مكافحة الإرهاب الدولية، قال جميل: «الالتزام بالتنفيذ هو قضية أساسية وجوهرية وأعتقد أنه بعد قليل من لن يلتزم بالتنفيذ سيضع نفسه خارج الشرعية الدولية» موضحاً أن «ما كان صحيحاً البارحة ليس حتماً أنه سيكون صحيح اليوم أو غداً فيما يخص ضمانات التنفيذ. الكل اليوم نتيجة تغير ميزان القوى الدولي والإقليمي والمحلي مضطرون لأن ينفذوا. «القصة ليست على كيفهم»».
حول «الأفغنة»
ورداً على سؤال أن هناك من يقول بأن العملية العسكرية الروسية بمساندة الجيش السوري تحمل إلى حد كبير مخاطر الأفغنة، وكيف يضمن الروس نجاح انخراطهم بتحقيق أهدافهم من دون تحييد القوى الإقليمية وخاصة تركيا والسعودية، أكد جميل أن: «عملية تحييد القوى الإقليمية قد بدأت فعلاً، وفيينا أحد الشواهد على ذلك، وفيينا1 ثبت القضايا المتفق عليها، وذاهبون إلى فيينا2 لبحث القضايا المختلف عليها، التي يجب أن تضيق الهوة فيها شيئاً فشيئاً وبسرعة كبيرة». وأوضح أن مخاطر الأفغنة «غير موجودة. أولاً، لأن الروس لن يدخلوا براً، وأكدوا ذلك، وتفويض مجلس الاتحاد الروسي للقيادة الروسية هو عملية جوية فقط لا غير، وكما ترين هذه العملية العسكرية يرافقها ليس زخم عسكري فقط، بل يرافقها زخم سياسي كبير جداً. وهذا عملياً يختلف مع معطيات أفغانستان حيث كانت هنالك عملية برية».
العملية السياسية الجدية
ضرورة وليست ترفاً
وأعاد د.جميل التأكيد على أنه «كي تتغير الأمور في الميدان يجب بدء عملية سياسية جدية في البلاد، لأنها تغير ميزان القوى، وتنعكس على الميدان. وأنا قلت في بداية الحديث أن لا الضربات الجوية ولا الجيش السوري رغم كل قوتهما يستطيعان حل موضوع دحر الإرهاب لوحدهما، إذا لم يلتف حولهما، بكل معنى الكلمة كل أطراف وأطياف الشعب السوري. ومن هنا تأني أهمية بدء عملية سياسية جدية. هي ليست ترفاً، هي ضرورة في ظل كارثة إنسانية كبرى، في ظل تمدد الإرهاب والخطر الذي يمثله لتقسيم سورية، وفي ظل الكارثة الاقتصادية التي نعيشها في حالياً. اليوم الدولار اقترب من 400 ليرة سورية. كم سيتحمل الشعب هذا الوضع؟