نقاشات جدّية وعميقة وصعبة.. وخطوة إلى الأمام
عقد لقاء موسكو التشاوري الثاني للحوار السوري- السوري في العاصمة الروسية في الفترة بين 6-9 نيسان الجاري، حيث تمّ تخصيص اليومين الأولين لنقاشات المعارضة فيما بينها، واليوميين التاليين لنقاشاتها مع الوفد الحكومي، وذلك على أساس جدول الأعمال ذي النقاط الخمس (الموضح تالياً) الذي اقترحه مسبقاً السيد فيتالي نعومكين ميسر اللقاء في رسائل الدعوات وأقرّه المجتمعون في بداية لقاءاتهم بعد إدخال بعض التعديلات عليه.
ساد اليومين الأولين من اللقاء- وهما المخصصان لنقاش المعارضة فيما بينها- جو إيجابي عام، حيث انعقدت ستة جلسات مثمرة على مدى اليومين، بدا واضحاً فيها حرص الغالبية العظمى من المعارضة على تقريب وجهات نظرها، وبلورتها في موقف واضح ومصاغ، وهو ما جرى عبر ورقة تفاهمات أعلنت في اليوم الثاني من اللقاء، وتضمنت شقين رئيسيين: الأول سياسي، والثاني إجرائي عاجل يتعلق بالوضع الإنساني وإجراءات بناء الثقة (الورقة كاملة في الصفحة التالية).
ركز الشق السياسي على مرجعية جنيف 30 حزيران 2012، وعلى تحديد هدف لقاءات موسكو بالتمهيد لانعقاد مؤتمر «جنيف-3». أما الشق الإجرائي، فتركز على إجراءات بناء الثقة الضرورية والعاجلة التي على الطرفين المسارعة نحوها لتخفيف معاناة السوريين الهائلة ولتسريع الوصول إلى مؤتمر جنيف. كما وجه قسم كبير من المعارضين المشاركين نداءً إلى الأمين العام للأمم المتحدة (النداء كاملاً على الصفحة التالية) طالبوا فيه بتسريع عقد مؤتمر «جنيف-3»، وتصحيح اختلالات تمثيل المعارضة في «جنيف-2»، خلال التحضيرات لتلك الجولة، بهدف إنهاء الأزمة السورية. وقد أثبتت المعارضة المجتمعة في موسكو، سواء بسلوكها خلال اللقاء كاملاً أو بوصولها إلى وثيقتها المشتركة، إضافة إلى مطالبتها بتعديل برنامج عمل اللقاء ليقتصر على يوم واحد للنقاش فيما بينها، مقابل ثلاثة أيام للنقاش مع الوفد الحكومي بدل يومين، أنّ حجم التقاطعات بينها كبير، وأنّها معارضة تتحلى بالمسؤولية تجاه الشعب السوري وتستطيع السير قدماً في عملية الحل السياسي، وهو ما يسجل لها. وقد أسقطت بذلك الذرائع المختلفة التي طالما تحجج بها متشددو النظام ونظراؤهم على الضفة المقابلة، ليلتفوا على العملية السياسية وليتمترسوا على خيار الحرب والدمار.
على خلاف اليومين الأولين اللذين شهدا وصولاً سلساً إلى التفاهمات، كان اليومان التاليان المخصصان لنقاش وفود المعارضة والنظام أكثر صعوبة، فبعد جلسات متواصلة خلال يومين طويلين تمّ الوصول إلى ورقة سياسية هامة (مرفقة في الصفحة التالية) تنجز البند الأول فقط المتعلق بـ«تقييم الوضع الراهن في سورية» من بين خمسة بنود على جدول الأعمال، وإن كانت بالمعنى العملي تنجز أيضاً البنود الرابع والخامس وإن لم يقل ذلك.
وفي اليوم الأخير خصصت الجلسات المسائية التي تم تمديدها حتى ساعة متأخرة للبحث في بقية البنود المدرجة على جدول أعمال الملتقى، غير أنّ ضيق الوقت فيما يبدو حال دون إنجاز توافق مماثل على النقطتين المتعلقتين، على التوالي، بمكافحة الإرهاب، وبإجراءات بناء الثقة، حيث أصرّ الوفد الحكومي على مناقشة ورقته الخاصة ببند الإرهاب، في حين أصرّت المعارضة على مناقشة ورقتها، التي سبق لها التوافق فيما بينها عليها بخصوص إجراءات بناء الثقة، لينتهي الأمر باستماع كل طرف إلى رأي الطرف الآخر، لا أكثر، علماً بأنّ المعارضة أودعت ورقتها حول إجراءات بناء الثقة لدى الوسيط الروسي لمتابعتها.
تضمن جدول الأعمال النقاط التالية: 1- تقييم الوضع الراهن في سورية. 2- إمكانيات ومهام القوى الوطنية في البلاد المنوطة بها للمشاركة في مواجهة التحديات الراهنة بما فيها الإرهاب الدولي. 3- إجراءات بناء الثقة التي يمكن تبنيها من قبل الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. 4- أسس العملية السياسية متضمنة بنود بيان «جنيف-1». 5- الخطوات المطلوب اتخاذها من الأطراف بهدف تقريب المصالحة الوطنية وحل الأزمة.
خطوة نحو الأمام..
عقب اللقاء جملة من المؤتمرات الصحفية التي عقدها المشاركون في المؤتمر من الطرفين ورعاة المؤتمر، حيث جرى فيها طرح تقييمات كل طرف من الأطراف لما جرى، ورغم التباين في تقييم ما استطاع اللقاء انجازه إلّا أنّ من الممكن تسجيل عدة نقاط تدلل على أن اللقاء شهد تقدماً ملحوظاً مقارنة باللقاء السابق ومن بين أبرز تلك النقاط:
أولاً، توسع عدد وطيف المشاركين من المعارضة السورية مقارنة باللقاء السابق. ثانياً، وجود جدول أعمال واضح ومتفق عليه بخلاف اللقاء السابق الذي كان بلا جدول أعمال. ثالثاً، خروج المعارضين المشاركين بورقة موحدة (معروضة في الصفحة التالية) لاعتمادها أساساً في النقاش مع الوفد الحكومي، وتقدمهم بطلب منذ اليوم الأول لاجتماعاتهم لتعديل البرنامج الزمني للّقاء ليصبح يوماً واحداً للمعارضة فيما بينها مقابل ثلاثة أيام للنقاش بين المعارضة والنظام بدلاً عن يومين، الأمر الذي عبّر بشكل واضح عن درجات عالية من التوافق وتحمل المسؤولية الوطنية من المعارضين، على خلاف ما روجت له وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وما يدل أيضاَ على إنجاز لقاء موسكو لأحد أهدافه الأساسية وهو تصحيح التشويه في تمثيل المعارضة الذي حصل في «جنيف-2»، وذلك بتثبيت تعددية المعارضة السورية وتنوعها، وقدرتها على التوافق وتحمل المسؤوليات ضمن تعددها وتنوعها. رابعاً، وصول الوفدين بعد محادثات عميقة وجدّية وصعبة ورغم محاولات العرقلة المختلفة إلى تفاهمات سياسية هامة تتعلق بالبند الأول من جدول الأعمال تمّ التعبير عنها بورقة تفاهمات بعشرة بنود (معروضة جانباً)، في حين لم تخرج عن اللقاء الأول– كانون الثاني الماضي- أية تفاهمات أو أوراق مشتركة. خامساً، وصول اللقاء بمجمله وعبر الورقة السياسية إلى تخوم التنفيذ العملي لاتفاق «جنيف-1» بما يعني أن المتشددين في النظام وفي الطرف الآخر، قد أسقط في يدهم ولم يعد لديهم ما يهربون به من انعقاد مؤتمر «جنيف-3» سوى الهجوم العلني على اللقاء نفسه أو محاولة الالتفاف عليه.
إعلام «الفشل المأمول»!
تفاعلت وسائل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي السورية، ومعظم وسائل الإعلام الأخرى، مع لقاء موسكو التشاوري بأعلى قدر لديها من السلبية وقلة المسؤولية، فتدرج أداؤها بين التجاهل والتعتيم خلال اليومين الأولين، حيث ورد خبر اللقاء مقتضباً هزيلاً في نهاية النشرات دائماً، وبين التشويه المتعمد، حيث كان الإعلام الرسمي وشبهه وبشكل سافر وواضح يقفان موقف من يتصيد الخلافات ويضخمها، ويعمل بشكل شبه علني لإفشال اللقاء وتقليل ثقة السوريين به، ولكن طبعاً عبر إلقاء تبعة «الفشل المأمول»! على الجانب المعارض، ما ينم عن استمرار سيطرة عقلية «الحسم العسكري» بكل ما عنته وتعنيه من خراب ودمار للبلاد والعباد..
المشاركون عن المعارضة السورية:
جبهة التغيير والتحرير: د. قدري جميل، د. مازن مغربية، فاتح جاموس، علاء عرفات، حيقار رشيد.
هيئة التنسيق: أ.حسن عبد العظيم، عارف دليلة، صفوان عكاش، عبد المجيد حمو، ، زياد وطفة، عادل اسماعيل.
قوى وأحزاب الإدارة الذاتية: أمينة أوسي، سنحاريب برصوم، فنر حسين الكعيط.
مجلس قياد العشائر: عباس حبيب، حميدة حسن العلي.
حزب الاتحاد الديمقراطي PYD: صالح مسلم، خالد عيسى.
منبر النداء الوطني: سمير العيطة، فخر زيدان.
هيئة العمل الوطني: محمود مرعي، ميس كريدي.
التحالف المدني السوري المعارض: ريم تركماني.
حركة المجتمع التعددي: رندا قسيس.
حزب الشباب الوطني السوري: سهير سرميني.
حزب سورية الوطن: مجد نيازي.
الجبهة السورية: لمى الأتاسي.
حزب الشعب: نواف طراد الملحم.
مستقلون: سليم خير بك، خالد المحاميد، نمرود سليمان، عبد الناصر الهنيدي، محمد رحال.