عرفات: الاختلاف حول درجة نجاح «موسكو» يتعلق بالآمال التي توقعها كل طرف

أجرت إذاعة ميلودي اف ام عصر الثلاثاء 10/2/2015 حواراً مع الرفيق علاء عرفات أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، حيث تركز الحوار على اللقاء التشاوري بين قوى المعارضة والنظام الذي استضافته العاصمة الروسية مؤخراً ونتائجه وآفاقه.

وفي رده عن سؤال استهلالي «هل عدنا من موسكو بخفي حنين»، قال عرفات «لا طبعاً، عدنا بتقدم، ومسننات الحل السياسي بدأت تتراكب وهي بحاجة إلى دفعة أعتقد بأنها قد تحدث في الاجتماع المقبل». وأضاف أن «اجتماع موسكو بالرغم من أنه تشاوري غير رسمي وتمهيدي، إلا أنه على مستوى عال من الأهمية السياسية، ويحق لنا كمساهمين في هذا الاجتماع أن نتفاءل بأن يكون حل الأزمة السورية قد بدأ من هنا»، موضحاً أن «ما تم هو خطوة جيدة إيجابية، والاختلاف حولها يتعلق بالآمال التي كان يتوقعها كل شخص وكل طرف من الأطراف».
للتفاؤل أسبابه..
وحول أسباب قوله إنه متفائل جداً باجتماع موسكو ومجرياته ونتائجه قال عرفات «أولاً، المعارضة لم تلتق بهذا الشكل مع بعضها البعض سابقاً ولا مرة، وما حدث خلال اليومين الأوليين هو أن أطراف المعارضة المدعوة من الداخل والخارج التقت وكانت هنالك توافقات بشكل جيد جداً. وأقول الآن أنه أصبح لدينا طرف مفاوض للنظام بعد اجتماع موسكو. ثانياً، الجليد بين المعارضة والنظام كسر في هذا الاجتماع، وفي موسكو كانت هناك جلسة جدية بين المعارضة ووفد الحكومة، وجرى طرح كل المسائل تقريباً، وكان هناك تبادلاً للآراء واستمع كل طرف للطرف الآخر بهدف محاولة الوصول إلى توافق. في المحاولات السابقة مثل «جنيف2» الأطراف لم تكن ذاهبة لتتفق، بل كانت تتقاتل فيما بينها. وثالثاً، هذا الاجتماع خرج بقرار أنه ينبغي الاستمرار بهذه العملية، أي أن هذا اللقاء ليس نشاطاً إعلامياً كما حاول البعض الترويج له، فالعملية تقول إن الأطراف ذاهبة من أجل أن تواصل عملية الحوار للوصول إلى اتفاق تمهيدي يسمح بالذهاب لـ«جنيف3» لعقد اتفاقات رسمية تتعلق بحل الأزمة السورية، وبالتالي على هذا الأساس نستطيع أن نتفاءل جداً».
معضلة "الائتلاف"
وحول الفروقات بين جنيف2 وموسكو لجهة الحضور من أطراف المعارضة وأن البعض مسرور جداً بسبب غياب من كانوا موجودين في «جنيف2»، وأن الحاضرين في موسكو هم الأقرب إلى الحكومة قال عرفات: «هذا غير صحيح. الحاضرون هم أنصار الحل السياسي الحقيقي، وإن مشكلة الائتلاف أنه كان من أنصار الحل المسلح وإسقاط النظام بالسلاح، هذا الفارق الأساسي» مشيراً إلى أن تجذر منطق الحل السياسي لدى القوى التي توجهت لموسكو هو أقدم بكثير من اضطرار الائتلاف لقبول هذه الفكرة قبل 48 ساعة من ذهابه إلى جنيف2. وأضاف إن «وجود الائتلاف كان مفيداً لو أنه قدم إلى موسكو وبذل جهداً للوصول إلى اتفاق بما يتعلق بالحل السياسي. وعدم وجوده يشير أنه مازال متردداً تحت تأثير عاملين، الأول ضغط القوى داخل الائتلاف التي تريد أن تستمر باستخدام السلاح، والثاني أن الائتلاف إلى الآن لم يستوعب أنه لم يعد كما كان سابقاً عندما كان يجري تدليله من الأمريكيين وبعض الدول العربية والخليجية خصوصاً وما يسمى بأصدقاء سورية وأخبروه أنه هو ممثل المعارضة والممثل الوحيد وأحياناً يخبرونه بأنه هو ممثل الشعب العربي السوري(..) وبالتالي لم يستطع الائتلاف حتى الآن أن يستوعب هذه الحالة وهو في حالة ضمور وتآكل وتفتت».
محاولات الإعاقة محكومة بالفشل
وحول ما إذا كانت واشنطن والغرب والسعودية وقطر وتركيا سيحاولون من خلال توسيع موسكو لأطياف المعارضة التي ستحضر الجولة الثانية أن يعيدوا اللقاء التشاوري الثاني إلى المربع الأول، أجاب عرفات «قد يحاولون القيام بذلك لكن لا أتوقع أن تنجح طروحات من هذا النوع، اليوم ميزان القوى الإقليمي والعالمي تغير، والأطروحات التي كانت تطرح لم يعد لها مكان، وحتى الدول التي كانت تطرح إسقاط النظام وتغيير الرئيس لم تعد تطرح هذا الكلام ولم يبق سوى بعض الأشخاص المنفردين وإن إيقاع تكرار هذا الكلام أصبح متباعداً لأنه لم يعد مقبولاً». ولكن عرفات أضاف أنه «يحق لكل الموجودين على طاولة حوار موسكو، وكسوريين، أن يقولوا ما يريدون في مجمل القضايا التي تخص الأزمة السورية وليس هنالك من ممنوع على طاولة الحوار والنقاش»، موضحاً «ولكن لا يحق للتركي أن يقول أن فلان لا يجب أن يكون رئيساً ويجب أن يكون وزيراً، هذا ليس عمله. هذا شأن السوريين».
الحل ناضج موضوعياً وذاتياً
وقال عرفات إن الحل السياسي للمسألة السورية ناضج بالمعنى الموضوعي وبالمعنى الذاتي وبالتالي هنالك صعوبة كبيرة في منع الحل، موضحاً أن اجتماع موسكو ماكان لينعقد وينجح ويستمر لو لم تكن الأمور ناضجة بهذا الاتجاه رغم كل الهجمات المسبقة عليه. وأضاف أن احتمالات حضور ممثلي الائتلاف باجتماع الجولة الثانية في موسكو أعلى بكثير من الجولة الأولى مستشهداً بتصريحات لافروف قبل المؤتمر ببضعة أيام عندما قال إن من لن يحضر موسكو سيضعف دوره في العملية التفاوضية، لذلك أعتقد أن الأطراف الجادة بصياغة حل في سورية ستحضر اجتماع موسكو الثاني لأنه يمهد لجنيف ويفترض أن تخرج عنه توافقات تسمح بالذهاب إلى «جنيف3».
"تعويم" جنيف3 ..!!؟
وحول ما وصفه المذيع عن إصرار جبهة التغيير والتحرير على عنوان «جنيف3» والذهاب إليه وتعويمه، في وقت هنالك من يقول بالذهاب إلى دمشق وأن «جنيف3» في حالة موت سريري ولن يحصل، وحتى الروس باتوا لا يستخدمون هذا المصطلح بعد لقاء موسكو أوضح عرفات «هذا الكلام غير صحيح، فالروس يقولون من البداية أن الاجتماعات تستند إلى بيان «جنيف1»، الذي يعني مؤتمر جنيف، وإن التعبير الملموس عن تطبيق بيان «جنيف1» يجب أن يكون في إطار «جنيف3» وكل النقاشات تصب في هذا الاتجاه، ليس لأننا نريد تعويمه فهو لم يغرق، وأن المؤسسة الوحيدة الموجودة الآن لحل الأزمة السورية والمتوافق عليها دولياً وإقليمياً وحتى داخلياً هي بيان جنيف، وتطبيقه يجب أن يتم ضمن إطار مؤتمر جنيف. أتمنى أن يحصل حوار في دمشق فنحن بذلنا كل جهدنا لحل الأزمة في دمشق عبر الحوار الداخلي ولكن برأينا وبرأي الكثيرين أن مستوى تدويل الأزمة لم يعد يسمح بأن تحل بين السوريين في سورية، لأن هنالك تدخلاً دولياً واسعاً وأصبح هنالك ظاهرة كلنا نسميها الإرهاب ومكافحته ليس مسؤولية سورية فقط بل أصبحت مسؤولية إقليمية ودولية(..) وبالتالي لدينا مشكلتان الأولى هي حل الأزمة السورية بالمعنى السياسي وما ينظم هذه العملية بيان جنيف وقرار مجلس الأمن ذي الصلة وثانياً محاربة الإرهاب التي أصبحت ظاهرة تجاوزت حدود سورية وأصبحت مسؤولية دولية، التعامل مع مثل هذه الظاهرة يتم في الإطار الحقيقي والوحيد وهو «جنيف3» وليس رغبةً منا ومحبة به، ولكن ليس هنالك من مخرج غيره، ومن يقول "دمشق" هم نوعان أو ثلاثة من الناس، الأول، لا يعرف ما هي القضية التي نعالجها، والثاني، يعرف ما هي القضية ولكنه لا يريد الحل، والثالث، هو بين الأول والثاني، الأمور غير واضحة لديه»، موضحاً أن «عقد اتفاق واضح ضمن إطار جنيف يسمح لنا بالعودة إلى سورية وفتح باب الحوار الوطني الشامل».
اللغط حول "مبادئ موسكو"
ورداً على سؤال عن ماهية التحفظات لدى من لم يوافق على ورقة مبادئ موسكو قال عرفات «على جملة مسائل، أولاً، الوثيقة لم تطرح للنقاش وكان المطلوب أن تناقش، وكان هنالك من حاول أن يقدم بعض التعديلات ولم تأخذ مداها هذه العملية» مضيفاً أنه لو طرحت الوثيقة للنقاش كان من الممكن إجراء توافق عليها.
في لقاء موسكو
تقاربنا مع الجميع تقريباً..
وحول الجديد في التقاطعات والتمايزات مع هيئة التنسيق سواء في موسكو أو فيما يتعلق بتطوير مذكرة التفاهم بين الجبهة والهيئة أوضح عرفات «بالحقيقة، في لقاء موسكو كنا قريبين جداً ليس مع هيئة التنسيق فقط بل مع الغالبية العظمى من الأطراف الموجودة في المعارضة. في هيئة التنسيق لديهم التزام بوثيقة القاهرة التي صدرت قبل أيام من اجتماع موسكو وبالتالي هم قادمون بعقلية وروح هذه الوثيقة، نحن ليس لدينا هذا الالتزام وبالتالي كنا مرتاحين أكثر منهم ، وكانوا طوال الوقت يعملون على أن يكونوا مرنين لإنجاح الاجتماع مع الحفاظ على الاتفاقات التي قاموا بها في القاهرة وهذا شيء طبيعي وجيد». وأضاف أنه «بعد مذكرة التفاهم قمنا بتفاهمات أعلى قليلاً الآن، وكان هناك ميلاً لدى الأخوة بنقاش مذكرة خارطة الطريق، لم يحصل لها مجال، ونحن داخل الجبهة لدينا ملاحظات كثيرة على مذكرة التفاهم وحتى هم لديهم ملاحظات على هذه المذكرة وبالتالي لم يتم التطوير بالسرعة المطلوبة ولكن الأمور الآن تنضج أكثر».
وحول ما إذا كانت جبهة التغيير والتحرير ستحضر المؤتمر الذي ستعقده هيئة التنسيق في القاهرة بأواخر نيسان قال عرفات «سنرى، وفي الحقيقة نحن تكلمنا بالجبهة بهذا الموضوع ولدينا موقف أنه ليس لدينا من مانع أن نحضر في حال علمنا من هم المدعوين وكان تمثيلنا مناسباً وكنا نساهم ببناء الوثائق من الصفر، والمسألة الأخيرة هي قضية التمويل وبهذا الموضوع لدينا حساسية عالية، فمعرفة الممول تحدد إن كنا سنوافق على الحضور أم لا».

متفائل بـ2015؟
«نعم متفائل جداً وأتمنى أن يتحول هذا التفاؤل إلى واقع حقيقي، وهذا التفاؤل ليس فقط إحساس هو نتاج رؤية نحن منذ زمن طويل نقول بالحل السياسي وقد حان وقته وتأخر في حقيقة الأمر، سورية كان يجب أن تبدأ في الحلول منذ عام على الأقل، ينبغي بدء هذه العملية والسير فيها بأسرع ما يمكن من أجل أن ننهي هذه المأساة الإنسانية التي تعيشها البلاد والذهاب إلى بندين أساسين يجب أن يكونا متزامنين وهما محاربة الإرهاب من ناحية والتغيير الوطني الديمقراطي الشامل من ناحية ثانية».