من يوميات التحضير للقاء موسكو التشاوري

من يوميات التحضير للقاء موسكو التشاوري

تستمر تحضيرات الاجتماع التشاوري المزمع عقده في موسكو نهاية الشهر الجاري بالتواتر والتقدم، وذلك على الرغم من بعض آخر محاولات العرقلة السياسية والإعلامية التي يقف خلفها متشددون من أطراف مختلفة لا مصلحة لهم بالحل السياسي.

إعداد قاسيون

فيما يلي نورد بعضاً من التصريحات السياسية التي نقلها الإعلام لدبلوماسيين روس وأمريكيين، إضافة إلى تصريحات المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا خلال الأسبوع الفائت، وننتقل بعد ذلك لتقديم صورة أولية عن بعض مواقف القوى المعارضة السورية من الحدث.. 

ماري هارف

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تدعم كل جهد يهدف إلى تسوية الأزمة في سورية، وذلك في تعليق رسمي على جهود روسيا بهذا الشأن.

وفي مؤتمر صحفي يوم الاثنين 12 كانون الثاني ردت المتحدثة باسم الوزارة ماري هارف على أسئلة حول المقترحات الروسية بإجراء مشاورات سورية- سورية في موسكو قائلة: «نحن نعتقد أن كل جهد من شأنه أن يقربنا من الحل السياسي لهذه المسألة وضمان التقدم الحقيقي، والتوصل إلى تسوية مستدامة، يعتبر مفيداً».

كما أعلنت المتحدثة هارف يوم الأربعاء 14 كانون الثاني أن واشنطن تترك للمعارضة السورية حرية الاختيار للمشاركة أو عدم المشاركة في لقاءات موسكو. وأضافت: «إن واشنطن ليست طرفاً في التحضير للقاءات أطراف الأزمة السورية في موسكو».

بوغدانوف

وفي خبر أوردته وكالة سانا السورية الرسمية للأنباء في 12/1/2015 أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التقى بالسفير السوري في موسكو رياض حداد لمناقشة تطور تحضيرات لقاءات موسكو، وجاء في بيان للخارجية الروسية عن اللقاء: «لقد تمت مناقشة المسائل المتعلقة بإجراء المشاورات السورية نهاية كانون الثاني من هذا العام، من أجل العمل على الإسراع بإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية». 

كما نُقل في اليوم التالي عن بوغدانوف إعلانه أن المحادثات بين ممثلي الحكومة السورية وقوى المعارضة ستنطلق في 26 من كانون الثاني الحالي، موضحاً أن تلك المباحثات ستستمر لمدة ثلاثة أيام على أن تنتهي في 29 من الشهر ذاته.

لافروف

بدوره أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الأطراف السورية التي لن تشارك في اجتماع موسكو ستفقد أهمية دورها اللاحق في عملية التفاوض.

وأعرب لافروف في خبر تناقلته وكالات الأنباء يوم 14/1/2015 عن أمله في أن يكون مستوى الحضور في هذا الاجتماع جيداً، وقال: «لا أريد أن أورد أية تقييمات أو تكهنات بعيدة الأمد. لننظر إلى الأطراف التي أبدت اهتماماً حقيقياً في القدوم إلى موسكو».

وأشار إلى أن روسيا ترى أن مختلف أطياف المعارضة السورية تعي ضرورة المشاركة في المفاوضات، المزمع عقدها في موسكو، وقال: «على أية حال، فإن انطباعاتنا من الاتصالات مع مختلف مجموعات المعارضة والدول التي تنشط في أراضيها هذه المجموعات، وبينها بطبيعة الحال سورية، توحي بوجود تفهم لأهمية هذا اللقاء وضرورته».

وأضاف: «وإذا قرر أحد ما عدم المشاركة في هذا اللقاء، فهو، في رأيي، سيفقد أهمية دوره في عملية التفاوض. ولذلك نأمل في أن يكون مستوى الحضور جيداً».

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التنزاني برنارد ميمبي في موسكو الجمعة 16 كانون الثاني، أكد لافروف أن أي فصيل من المعارضة السورية لم يرفض حتى الآن بشكل نهائي المشاركة في لقاء موسكو المرتقب حول الأزمة السورية.

وقال: «إن أياً منها (فصائل المعارضة السورية) لم يرفض الحضور بشكل نهائي، والتحضيرات للقاء موسكو تجري على قدم وساق».

وأضاف لافروف: «نشعر بأن هناك اهتماماً كبيراً بهذا الحدث من جانب المعارضين الذين تمت دعوتهم للمشاركة وكذلك من جانب ما يسمى باللاعبين الخارجيين».

وأشار إلى أن الوضع معقد، علماً بأن هذه هي أول محاولة منذ بداية الأزمة السورية لجمع مختلف الممثلين المتنفذين للمعارضة السورية.

كيري

وفي 14/1/2015 نقلت وكالات الأنباء إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمام الصحفيين عقب لقائه المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا تأييده للجهود الروسية لتسوية الأزمة في سورية، مضيفاً تمنياته بأن تكون المبادرة السلمية الروسية لعقد لقاء سوري في موسكو «مفيدة»، ومؤكداً على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المدن السورية، ابتداء من مدينة حلب.

وأشار كيري إلى أنه على الرغم من الوضع الصعب على الساحة الدولية إلا أن المشكلة السورية ما زالت تحتل «موقع الريادة» في السياسة الأمريكية، مضيفاً أنه يتوجب على الحكومة السورية اتخاذ إجراءات لوضع حد «للمأساة التي طالت».

دي ميستورا

في المقابل نقل عن المبعوث الدولي إلى سورية قوله إن هناك اتفاقاً على ضرورة التوصل إلى حل للصراع في سورية خلال العام الحالي، مشيراً إلى استمرار مباحثات مكثفة لوقف القتال بحلب.

وأضاف دي ميستورا في مؤتمر صحفي بجنيف أنه يأمل أن تكون حلب «بادرة حسن نية» تسهل التوصل إلى اتفاق سياسي في بقية المناطق السورية. وقال إن إيران وروسيا توافقان على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية هذا العام.

وأكد المبعوث الدولي أن انعدام الثقة بين أطراف النزاع يزيد من صعوبة الأزمة والمطلوب هو القيام بالخطوة الأولى. وأعلن أن هناك وفداً جديداً سيذهب إلى دمشق لبحث المبادرة حول حلب من جديد.

واعتبر دي ميستورا، أن الأزمة السورية هي الأسوأ في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وأضاف أن القوات الحكومية ومسلحي المعارضة موجودون في حلب، وأن عناصر تنظيم «داعش» باتوا على بعد 20 ميلاً من المدينة، وقال إنه «يجب ألا يكون هناك أي أجنبي في سورية»، منوهاً إلى أنه لا يمكن لأي طرف في سورية كسب المعركة.

واعتبر أن سورية عادت خلال الأزمة «40 سنة إلى الوراء، وهي تعيش أسوأ وضع اقتصادي بعد الصومال، كما أن الصراع أدى لمقتل آلاف السوريين وانتشار الأمراض وتهدم المدارس». وقال إن الوضع الإنساني في سورية هو وصمة عار على جبين الإنسانية، والعالم كله مسؤول عنها.

مواقف من المعارضات

أكدت جبهة التغيير والتحرير موافقتها الرسمية على حضور ممثليها المدعوين إلى موسكو عبر بيان أصدرته في العاشر من الجاري ومما جاء فيه: «تؤكد جبهة التغيير والتحرير السورية المعارضة أنها موافقة رسمياً على تلبية دعوة الخارجية الروسية لحضور اجتماعات موسكو المزمع عقدها في نهاية الشهر الجاري، على أساس دعوات شخصية». ورأت الجبهة «ضرورة تلبية هذه الدعوات لأنها تشكل بصيص أمل أمام حل الأزمة السورية بالوسائل السياسية، مشددة على أن الجبهة ستعمل بكل الجدية والمسؤولية الوطنية المطلوبة لإنجاح اجتماعات موسكو». كما أبدت الجبهة استغرابها من رفض بعض المدعوين تلبية الدعوة معتبرة أنّ «حجم معاناة الشعب السوري لا يسمح بهذا الترف في المواقف الآن». 

وبينما أوردت مختلف الصحف ووكالات الأنباء خبر إعلان صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي ونائب رئيس هيئة التنسيق عن موافقته على الذهاب إلى اجتماع موسكو، أعلن المعارض سمير العيطة نيته الذهاب إلى العاصمة الروسية للمشاركة في اللقاء المزمع عقده، وذلك عبر مقالة نشرها يوم الجمعة 16 كانون الثاني بعنوان «ذاهب إلى موسكو». ومما جاء فيها: «الصراع في سورية هو صراع إقليميّ دوليّ عبر السوريين. ولن ينتهي إلاّ إذا جرى توافق دوليّ على الخروج منه». وأضاف: «يعرف السياسيّون، خصوصاً في «الائتلاف» و«الهيئة»، أنّ صراعاتهم على النفوذ السياسي لا معنى لها اليوم. يجب بذل كلّ الجهود كي تتوحّد كلمتهم. لكن إذا لم تتوحّد هذه الكلمة، فلن اصطفّ مع قوّة سياسية معيّنة، مهما كان رأيي الشخصيّ، وسأذهب إلى موسكو بصفتي مواطناً سنحت له الفرصة أن يقول كلمته، وسأقولها». 

وكان كل من معاذ الخطيب، الذي أنشأ مؤخراً مجموعة «سورية الوطن»، ومنى غانم نائب رئيس تيار بناء الدولة، قد أعلنا عن عدم مشاركتهما في مباحثات موسكو، وإلى جانبهم أعلن ائتلاف الدوحة على لسان رئيسة الجديد رفضه لمفاوضات موسكو، فيما لم ترشح حتى الآن مواقف نهائية عن بعض المدعوين المتخبطين الذين لم يؤكدوا حضورهم ولا امتناعهم عن الحضور حتى الآن، في وقت يبدو فيه مشهد الامتناع أكثر انحساراً.