نعومكين: جنيف1 أساس لقاء موسكو غير الرسمي الذي يمكن أن يمهد لـ«جنيف3»
قبل أيام من انعقاد اجتماعات موسكو المرتقبة أواخر الشهر الجاري بجهود روسية حثيثة، بهدف إعادة إحياء المسار السياسي لحل الأزمة السورية، عرضت قناة «روسيا اليوم» مساء الخميس 15/1/2015 لقاءً ضمن برنامج «قصارى القول» مع السيد فيتالي نعومكين، مدير معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ومنسق الحوار السوري- السوري، وكان الحوار التالي الذي تعيد «قاسيون» نشر أبرز مقتطفاته نظراً لأهمية وطبيعة الموضوع، والمهمة الموكلة حالياً للسيد نعومكين.
وفي رده على سؤال في مستهل اللقاء عن عدد الدعوات الموجهة لحضور اجتماع موسكو، قال نعومكين «تقريباً كما أعرف أرسلت الدعوات في البداية إلى قرابة ثلاثين شخصاً من المعارضين المرموقين والمشهورين من المنظمات المختلفة بصفتهم الشخصية، ولكن هذا لا يعني في رأيي أن هذه القائمة مغلقة وأظن أنه من الممكن أن ترسل الدعوات إلى عدد آخر من المشاركين ولكن دون أن يزيد عدد المشاركين عن حد معين حتى يكون هذا اللقاء لقاءً عملياً وتتاح الفرصة للجميع لأن يتكلموا ويساهموا في هذا الحوار الحر».
الدعوات الشخصية مقصودة
ولا «ممثل شرعي ووحيد»
وحول ما إذا كان مقصوداً توجيه الدعوات على أساس شخصي قال: «كان هذا مقصوداً طبعاً حتى لا يتحول هذا اللقاء باعتباره لقاءً تمهيدياً وليس بديلاً عن أي لقاء رسمي دولي كبير حتى لا يتحول إلى منافسة أو صراع بين الفصائل المختلفة حول من هو الفصيل الأهم أو من هو الأضعف. والحقيقة لا يمنع هذا من أن يعبر أي شخص تلقى دعوة رسمية من وزارة الخارجية الروسية عن الرأي المنسق أو المتفق عليه ضمن منظمته التي ينتمي إليها، ولكن هو يأتي إلى هذا اللقاء على أساس شخصي كي تكون هنالك مساواة بين المشاركين وحرية كاملة في التعبير عن الآراء».
وفي تعليقه على سؤال المضيف، سلام مسافر، أن هنالك الكثير من المنظمات والهيئات تتنطع لكي تكون هي الممثل الوحيد والحقيقي للمعارضة السورية، أكد نعومكين أنه إذا نظرنا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (بخصوص بيان جنيف1) فليست هنالك أية إشارة في هذا القرار إلى أن هنالك فصيل، والمقصود "الائتلاف"، يمكن اعتباره أنه الممثل "الشرعي الوحيد" للمعارضة.
وحول لماذا أطلقت على اجتماع موسكو صفة غير رسمية، ولماذا لا تقول موسكو إن هذا لقاء رسمي تتبناه وزارة الخارجية وهي تنتظر نتائج رسمية وشبه رسمية، أوضح نعومكين: «أولاً وزارة الخارجية الروسية تقدم ساحة موسكو للقاء بين المعارضة السورية والمجتمع المدني السوري والحكومة السورية، ولكن هذا اللقاء هو لقاء غير رسمي لأنه ليس بديلاً عن مفاوضات جنيف، بل بالعكس هذا اللقاء ممكن أن يمهد لـ«جنيف3» في حال إحراز أي نجاح في هذا اللقاء، ولكن الفكرة الأساسية وراء هذا اللقاء أنه حر بين الوطنيين السوريين، لأن كل الوطنيين السوريين في تصورنا لهم مصلحة مشتركة في إنهاء الاقتتال الفظيع وإنهاء التقاتل فيما بين السوريين أنفسهم والمشاركة في هذا الحوار لإيجاد تسوية سياسية سلمية ليس هنالك أي بديل عنها بالنسبة لإنهاء هذه الأزمة السورية الداخلية».
«القاهرة» ليس جزءاً من تحضيرات «موسكو»
وحول ما يجري تداوله عن عقد اجتماع في القاهرة لعدد من فصائل المعارضة في الثاني والعشرين من الشهر الجاري ومدى تناسق هذا النشاط المصري قبل اجتماع موسكو مع الجهد الروسي في هذا الاتجاه أكد نعومكين «في رأيي الحكومة المصرية لبت مطلب المعارضة السورية للقاء في القاهرة تمهيداً لمشاركتهم في اللقاء السوري– السوري في موسكو، ولكن ليس هنالك أي تنسيق حسب معرفتي بين ما يحدث في موسكو وما يحدث في القاهرة وليس هنالك أي تنسيق بين موسكو والقاهرة» مشدداً على أنه «لا يمكن اعتبار أن هذا اللقاء (في القاهرة) جزء من التحضيرات للقاء موسكو».
وعما إذا كان اجتماع موسكو المرتقب سيساهم في استعادة روح جنيف، قال: «طبعاً، لأن هذا اللقاء حسب فكرة الجهات الرسمية الروسية مبني على أساس بلاغ جنيف، لأن بلاغ جنيف هو الأساس الشرعي الوحيد، بلاغ 30 حزيران عام 2012، وتمت المصادقة عليه من الأمم المتحدة، بالقرار رقم 21/18، ولذلك هذا هو الأساس القانوني الدولي لمثل هذا اللقاء وطبعاً هو أساس معترف به دولياً وروسياً، لذلك ليس هنالك تناقض بين هذا اللقاء وهذه الوثيقة، ولذلك في رأيي هو إحياء لروح جنيف».
التفاهم ضرورة
وحول تباين التفسيرات بين أوساط في المعارضة السورية والنظام لبيان جنيف1 بوصفه الوثيقة والقاعدة القانونية التي تستند إليها حوارات موسكو، وأن المعارضة الخارجية تركز على "المرحلة الانتقالية ورحيل الرئيس"، قال نعومكين: النقطة الأولى المهمة أنه ليس هنالك إشارة في هذه الوثيقة إلى أي اسم من الأسماء السورية، النقطة الثانية المهمة أنه يجب التوصل إلى مثل هذه الحلول على أساس الإجماع والتوافق بين الجميع، ولذلك لقاء موسكو في رأيي إن نجح يجب أن يؤدي إلى نوع من التوافق، لو لم يكن إجماعاً على الأقل التفاهم والفهم المشترك ليس لهذه الوثيقة بل التقدم إلى الإمام بالنسبة لإيجاد حلول، طبعاً في رأيي أن الأطراف المتنازعة في أي لقاء- وأنا أعرف ذلك كباحث من التجربة العالمية في كل النزاعات الإقليمية وغير الإقليمية- أن كل الأطراف عندما تجتمع يجب أن تكون مستعدة لنوع من الحركة لا نقول المساومة أو التخلي عن مبادئها ولكن أن يكون هنالك استعداد للتفاهم مع الطرف الآخر.
تأويلات مؤسفة وغير صحيحة
ورداً على سؤال أن بعض وسائل الإعلام الموالية للنظام تقول إن اجتماع موسكو هو مصلحة روسية وليست سورية وأن الحضور الرسمي السوري هو من باب المجاملة للحليف الروسي أكد نعومكين: «أنا مقتنع تماماً أن هذا التفسير مؤسف وغير صحيح. إن مصلحة موسكو الوحيدة حسب فهمي واعتقادي هي مساعدة السوريين وإعطاؤهم فرصة وإعطاؤهم الساحة لبداية الحوار على ساحة موسكو، التي لا يوجد لديها أية مصلحة سياسية أو جيوسياسية في هذا. موسكو تريد أن تساعد السوريين أن يفتحوا الحوار، وهو حوار مفتوح، وثم هذا بداية العملية، أنا شخصياً أتمنى أن تستمر هذه العملية يمكن أن تستمر مع جنيف أو تمهيداً لجنيف أو يمكن أن تستمر من خلال لقاءات أخرى».
وحول ما يقال في المقابل أن روسيا تحاول الالتفاف وإلغاء بيان جنيف1 بما يخدم أهداف النظام السوري تهرباً من البنود الأساسية في هذه الوثيقة، قال نعومكين «أرى أن هذا التفسير هو خطأ كبير، موسكو تريد أن تلعب دور الوسيط أو الجهة التي تريد أن تقدم كل الإمكانية لإيجاد حل للأزمة وليس أن تأخذ رأي طرف معين في هذا النزاع، وحسب فهمي لابد أن يكون هناك تجدد معين فيما يحدث في الساحة السورية، لا يمكن أن يكون هنالك ركود كامل في أية دولة، بأي نظام، بأي مجتمع، كل المجتمعات تتجدد، وهناك وطنيون سوريون في كل الجبهات، في جبهة النظام وفي جبهة المعارضة ولذلك نعتبر أن هذا اللقاء هو لقاء بين الوطنيين السوريين».
وحول ما إذا كانت موسكو بالمحصلة ستكون كما يقول المثل العربي الشعبي «أم العروس تحاول أن ترضي كل الأطراف، وبالنتيجة لا ترضي أحداً»، قال: «أظن أن هذا خطأ أيضاً، لأن موسكو لها مبادئ معينة، مثل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، واحترام سيادة الدول، ووحدة الشعب السوري، ووحدة سورية، وخدمة القضية الوطنية، واحترام السوريين، وهناك صداقة قديمة بين الشعبين السوري والروسي، وهذا من المبادئ الروسية ومن المستحيل إمكانية إرضاء الجميع».
«الإرهاب» و«السياسة»
كلاهما على الطاولة
وبالعودة إلى نقطة أولويات الجدل، بين القيادة السورية وحديثها عن أولوية مكافحة الإرهاب، والمعارضات الخارجية وحديثها عن أولوية المرحلة الانتقالية وكيف سيتم التوفيق بين هذين الفهمين المتنافرين لدور الحوار ومجاله أجاب نعومكين: «رأيي الشخصي أنه لابد من التوفيق بين هاتين النظرتين، لأنه طبعاً محاربة الإرهاب الدولي الذي تمارسه كل المنظمات المتطرفة والإرهابية ضروري وهذا شيء يجمع السوريين كلهم، موالاة ومعارضة، ولكن لا يمكن أن يكون المسألة الوحيدة التي يجب الحوار حولها في لقاء موسكو التمهيدي الاستشاري، لذلك لابد أن يكون هنالك مسائل سياسية تناقش، ولا محالة من أن تناقش الشؤون السياسية أيضاً والطرق المؤدية للتسوية السياسية».
وحول ما لديه من تصورات أو معلومات حول من سيمثل القيادة السورية، قال نعومكين: «هذا غير واضح حتى الآن»..!