الحل السياسي والتحالفات!
عرفت القوى السياسية العديد من أشكال التحالفات خلال سنوات الازمة، بعضها تفكك في سياق تفاعلات الأزمة السورية وتداعياتها، بعضها مر بحالة مد وجزر من حيث الفاعلية والدور والموقف من الأزمة والحلول الممكنة... ولكن ما بات مؤكداً هو: لا توجد قوة سياسية اليوم في ظروف سورية قادرة وحدها على التصدي لمهام المرحلة لا في النظام ولا في المعارضة بتسمياتها المختلفة، إذاً والحال هذه فإن التحالفات من حيث المبدأ ضرورة وطنية سورية لاغنى عنها لمن يريد أن يقوم بالحد الأدنى من دوره، وواجباته ولمن يريد أن يستمر في الفضاء السياسي الجديد الذي يتشكل بالضرورة.
أهم جانب من جوانب اي عمل ذي طابع تحالفي هو البرنامج الذي يعمل التحالف بموجبه في الظرف الراهن، واستناداً إلى الوقائع الملموسة وتجربة الأزمة منذ تفجرها بشكلها العنفي فإن مبدأ الإقرار بضرورة الحل السياسي هو الخطوة الأولى لأي تحالف جدي ذي طابع وطني حقيقي وفعلي، أي أن المهمة الأولى الموضوعة على جدول أعمال أي تحالف بين القوى السياسية يجب أن يكون العمل على إيجاد مخرج من الأزمة الراهنة، وقطع الطريق على استمرار حالة الاستنزاف الوطنية في البشر والثروة والبيئة وماضي ومستقبل البلاد ولاسيما أن تجربة الأزمة تؤكد أن المخرج الوحيد هو العمل بالحل السياسي.
القاسم المشترك الأكبر
العمل من أجل الحل السياسي اليوم هو القاسم المشترك الأكبر بين السوريين بمختلف مواقعهم موالاة ومعارضة، أي أن الأرضية الشعبية لإنجاز هذا النوع من التحالفات ليست موجودة فقط بل مطلوبة شعبياً وبإلحاح، وعليه من الممكن أن يستقطب قوى سياسية وشعبية وأهلية هامة، ويستطيع أن يكون رافعة لنهوض شعبي حقيقي وقوى شعبية واسعة لا تجد المجال حتى تعبر عن ذاتها ومواقفها ومغيبة تماماً عن وسائل الإعلام، وأي تحالف جدي يأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار ويستند عليها وينطلق منها، سيكون بارقة أمل وبصيص نور في ليل الأزمة الكالح، وعدا عن كونه مطلباً شعبياً فإن تحالفاً كهذا يتقاطع مع توازن القوى الدولي الجديد أي أنه يتماشى مع التطور الموضوعي العالمي، ومن هنا يكتسب أحد مصادر قوته الأخرى.
مواجهة الإرهاب.. وقوة تغيير!
إن تحالفاً يقوم على أساس هذه الرؤية مستقلاً عن تحالف المعارضة اللاوطنية، ومستقلاً عن سياسات النظام ،من شأنه ان يكون قوة جذب واستقطاب كل السوريين في مواجهة قوى التكفير والتطرف والإرهاب بما فيها امكانية انخراط فئات هامة من المسلحين السوريين، وبالتالي إمكانية بناء مقاومة شعبية ضد هؤلاء الغزاة الذين يخوضون حرباً بالوكالة نيابة عن التحالف الأمريكي الصهيوني العربي الرجعي، ومن شأن مثل هذا التحالف ان يكون أيضاً وفي الوقت نفسه حاملاً لعملية التغيير الجذري والشامل كحق مشروع للشعب السوري.