داعش هي أمريكا.. وأمريكا هي داعش!
واصل الأحمد واصل الأحمد

داعش هي أمريكا.. وأمريكا هي داعش!

داعش هي الخبر الأول في نشرات الأنباء، داعش في العراق، داعش في سورية، في اليمن، في الأردن، في الأرض المحتلة، تكاد داعش  تسيل من صنبور الماء، وتطل برأسها من ربطة الخبز..  

استطاعت الامبراطورية الإعلامية أن تخفي لو مؤقتاً اللاعب الأساسي، وتظهر داعش بأنها هي اللاعب الأهم في الملعب الاقليمي، فإذا كانت هناك أزمة فلأن داعش موجودة، واذا كان هناك عدو فهي فقط داعش؟!

لماذا داعش؟

تساءلت مراكز الأبحاث الامريكية قبل سنوات لماذا يكرهوننا في الخارج؟ تم طرح السؤال عقب الاحتلال الامريكي للعراق، وعلى الرغم من أن السؤال بطبيعته كان تضليلياً، فإنه كشف عن حقيقة مفادها إن الانخراط الأمريكي المباشر في الصراعات العالمية لم يعد يؤتي أكله ولا بد من توفير بدائل عن الطريقة المتبعة، وإن ايجاد وكيل يقوم بالمهمة نفسها، ويحقق الأهداف ذاتها التي كانت أمريكا تحاول تحقيقها من خلال الحروب العسكرية المباشرة باتت ضرورة ملحة، هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن صناعة ورعاية وتمويل وتدريب تيار تكفيري طائفي ضرورة وأداة لاستجرار طوائف اخرى إلى ساحة الصراع، كما ان «فزاعة» طائفية من هذا النوع تشهر في وجه الطوائف الأخرى، كفيلة باستنفار طائفي، واعلان حالة طوارىء طائفية، وعرقية وقبلية، ودينية من قبل الكل، ليأتي دور كراكوزات الإعلام في التشحين والتوتير، بحيث إن أية شرارة تكون قادرة على إشعال الغابة بمن فيها..

وضمن هذا الفهم فإنه يمكن تحديد وظيفة داعش المباشرة بأنها أداة ميدانية وعملياتية لإثارة الفوضى من جهة، وأداة استدراج «المكونات» الأخرى إلى الانطواء على الذات، ومن ثم التخندق والتسلح، بما يقود من يريد ومن لايريد إلى ساحة «المعركة» رغماً عنه.

إن الطريقة التهويلية التي قدمت بها وسائل الإعلام ما حدث في العراق في الأيام الأخيرة، وحالة «العجز» التي ظهرت فيها السلطات العراقية، وتقديم داعش بهذا الزخم وقدرتها على تحقيق هذه «الإنجازات» خلال أيام معدودة  يؤكد على فكرة استخدام داعش كفزاعة يتم تخويف جميع الفرقاء بها، ويقود الجميع إلى الارتماء في أحضان الأمريكي، أليست الولايات المتحدة هي «العدو الأول» للإرهاب؟! والرسائل التي بعث به الرئيس الامريكي مؤخراً في هذا المجال أكثر من واضحة، فإما أمريكا  أو داعش؟ والولايات المتحدة تدرس خيارات المساعدة في مواجهة الارهاب!.. وبالتالي فإن إحدى وظائف هذه الجماعة التكفيرية هي أن تكون أداة لاحتواء الخصوم من خلال الزعم بالمساعدة في « مواجهة الارهاب».

أداة فاشية بامتياز؟!

الذي يميز داعش هو أنها ليست أداة تقليدية، من الأدوات الأمريكية فلا هي دولة لتسأل عن أعمالها، ولا هي جماعة محلية متوطنة في بلد ما يمكن مواجهتها بالطرق المعروفة، بل هي حرب متنقلة كلما تصبح الولايات المتحدة في المنطقة الحرجة.

والأخطر من كل ذلك أن داعش هي أداة لاستمرار الاستنزاف من خلال الحرب في مناطق متعددة من العالم، الأمر الذي يتطلبه محاولة الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمركز الامبريالي، والذي يفرض عليها موضوعياً اللجوء إلى الخيار الفاشي باعتبار الحرب أداة – ربما وحيدة – لذلك بعد أن سدت في وجهها الخيارات الأخرى المتوافقة مع بنية الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعي، بمعنى آخر فإن داعش هي امتداد لقوى الرأسمال المالي الإجرامي، التي تعتبر الحامل الاجتماعي للفاشية الجديدة على المستوى الدولي.

إن كل محاولة للتفريق بين الولايات المتحدة، وبين هذه الحركات التكفيرية، أو تجاهل دور المركز الامبريالي الذي يرعاها في استراتيجية مواجهة هذه الجماعات، أو محاولة ايجاد أي تناغم مع فاشية المراكز بحجة مواجهة «الإرهاب» هو عملياً انخراط في المشروع ذاته، فداعش هي أمريكا وأمريكا هي داعش، ولايتعدى دورها إلا كأداة ليس إلا.