الحركة الشعبية والانقلاب الثوري في البنية الفوقية

الحركة الشعبية والانقلاب الثوري في البنية الفوقية

 

الوعي الاجتماعي للجماهير الشعبية والطبقات الكادحة هو تلك الآراء و الافكار التي يسترشدون بها في نشاطهم العملي و يتبلور هذا الوعي  بشكل تراكمي عبر الخبرة الميدانية اليومية والتجارب الحياتية لهذه الجماهير

والتي تكون في المحصلة مجموعة من مفاهيم البنية الفوقية السياسية والفلسفية والحقوقية والفنية والدينية و غيرها كانعكاس مباشر لعلاقات الانتاج السائدة في المجتمع والتجليات اليومية للصراع الطبقي الجاري في البلاد فمفاهيم البنية الفوقية المختلفة السياسية والفلسفية والحقوقية والفنية والدينية وغيرها هي ظواهر اجتماعية لها دور مهم في حياة وتطور المجتمع أي إنها إحدى نتائج نشاط الجماهير الاجتماعي وتختلف هذه المفاهيم باختلاف الظروف الذاتية والموضوعية لهذا النشاط بين حركة الجماهير وسكونها على أن هذا النشاط أثناء الحركة الدورية للجماهير يأخذ طابعاً انقلابياً ثورياً في مفاهيم البنية الفوقية فيكون ولادة شيء جديد محل قديم يموت اجتماعياً

جديد الحركة الشعبية

منذ انطلاقة الحركة الشعبية السلمية في سورية قبل اثنين وعشرين شهراً وعلى طول الخط البياني لتطور هذه الحركة كان ثمة انقلاب ثوري أحدثته الحركة الشعبية في الكثير من مفاهيم البنية الفوقية كنتيجة طبيعية لحركة الجماهير وهذه المفاهيم اختلفت كثيراً عن مفاهيم مرحلة  سكون حركة الجماهير أي قبل انطلاقة الحركة الشعبية في سورية وانعكست هذه المفاهيم الجديدة في وعي الناس الاجتماعي أطفالاً وكباراً نساءً ورجالاً من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية في المجتمع السوري وطبعت حياتها اليومية بهذه المفاهيم الجديدة في المنزل والعمل والشارع والمقهى و تناقلت سريعاً بين الناس واستطاعت التأثير وإحداث التغيير السريع نسبياً في بنية المجتمع الفوقية أي صارت الجماهير تفكر بطريقة جديدة. إن طريقة التفكير الجديدة في المجتمع السوري هي جديد الحركة الشعبية وانقلابها الثوري في مفاهيم البنية الفوقية ونستطيع سرد بعض الانعكاسات اليومية لهذه المفاهيم في حياة الناس بغض النظر عن تقدمية بعض المفاهيم ورجعيتها :

-1 النشاط السياسي للناس:

كانت العقود الماضية فترة ركود بالنسبة للعمل السياسي في سورية كأحد نتائج تراجع الحركة الثورية عالمياً وبعد ولادة الحركة الشعبية ارتفع منسوب اهتمام الناس بالسياسة وبما يجري في البلاد من الطفل الصغير إلى الشيخ الكبير

-2 أطفال الحي:

في العديد من الأحياء الشعبية في المدن السورية نستطيع ملاحظة ظاهرة اجتماعية جديدة عند أطفال هذه الأحياء وتبرز هذه الظاهرة بشكل يومي تقريباً في الألعاب الجماعية للأطفال تؤكد تأثر الأطفال تماماً بما يجري في البلاد فنراهم يلعبون في إحدى الحارات لعبة الشبيحة والثورجية إن كان الحي معارضاً أو لعبة الإرهابيين والجيش إن كان الحي موالياً، أو نراهم جالسين على مقاعد المدرسة ينشدون نشيداً سياسياً معارضاً أو مؤيداً حسب الآراء السياسية لسكان الحي

-3 الفكاهات السياسية:

الفكاهة شكل من أشكال الفن والتراث الشعبي وقد لاحظنا مؤخراً وخلال عمر الحركة الشعبية ارتفاع منسوب تداول الفكاهة السياسية المعارضة والمؤيدة وتطورها إلى فكاهات يومية بسبب التطور في وسائل الاتصال والتكنولوجيا  وسرعة وصولها إلى أذهان الناس وكثرت صفحات الفكاهة السياسية على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك مثلاً صفحة تسمى «الله حرية اليابان وبس» وهي صفحة مخصصة للهجوم على المعارضة بكتابة الفكاهات السياسية بحق رموزها صفحة أخرى تسمى «الثورة الصينية ضد طاغية الصين» وهي صفحة مخصصة للهجوم على النظام بكتابة الفكاهات السياسية بحق رموزه.

حياة الناس اليومية مليئة بالأمثلة والأدلة الحية على طريقة التفكير الجديدة التي كانت بدورها نتيجة لولادة الحركة الشعبية وتأثيرات الوضع السياسي في البلاد لا نستطيع اختزالها في مادة صحفية ولكنها كانت بحق انقلاباً ثورياً في مفاهيم البنية الفوقية