الحقيقة وحدها ثورية!
السياسة هي علم قائم بذاته، وعندما لا نتعاطى الشأن السياسي على هذا الأساس فهي تتحول إلى لغو لا طائل منه بغض النظر عن النية وطالما أنها علم فإن الشرط الأساس فيها هو الشرط المعرفي أي فهم الظاهرة التاريخية على ضوء قوانين علم الاجتماع السياسي، وعليهفإن الفعل الثوري الحقيقي ليس ردات فعل عابرة أو حالة وجدانية أخلاقية فحسب بل هو بالإضافة إلى ذلك فعل واع يتطلب معرفة القوانين التي تتحكم بالظاهرة المعينة في الظرف الملموس،
فلا يكفي في ظروف الأزمة الوطنية الراهنة الاكتفاء برفع شعارات الحد الأقصى، كييكون المرء ثورياً، ولا يكفي أن يؤخذ « نقد النظام ومحاولة إسقاطه » دليلا وحيداً على ثورية المرء أو الحزب أو أية جهة سياسية بل ينبغي قول الحقيقة كاملة، أي اكتشاف الجوهر العميق لما يجري من الناحية المعرفية ، وبالتالي تحديد مسؤولية كل أطراف الأزمة، وابتداعحل واقعي حقيقي، بغض النظر عن الوعي الشعبوي... فما هي الحقائق الأساسية في ظرف الأزمة السورية؟
انطلقت في البلاد حركة احتجاجية مشروعة نابعة من حاجات الواقع الموضوعي، تسعى إلى التغيير الجذري الشامل.
تعاطى النظام مع هذه الحركة بالقمع بمختلف صنوفه، ولم يستطع استيعاب هذه الظاهرة التاريخية الجديدة وقوتها الكامنة.
حاولت قوى عديدة استغلال الظرف الناشىء لتحقيق مصالح قوى دولية وإقليمية لا علاقة لها بالشعب السوري فلجأت إلى تسليح الحركة وتطييفها.
لا حلاً حقيقياً في ظل توازن القوى الحالي إلا بالشروع بالحل السياسي وأداته الأساسية حوار وطني حقيقي وجدي.
إن التعويل على دعم قوى الرأسمال العالمي والرجعيات العربية والإقليمية في تحقيق التغيير هو شكل من أشكال الخيانة الوطنية.
إن غض النظر عن أي جانب من هذه الجوانب أثناء تحديد الموقف يجعله موقفاً كسيحاً وأعرج ويضر عملية التغيير المنشودة، وبالتالي فإن الحرص على عملية التغيير تستوجب قول الحقيقة كاملة، والنظر إلى جميع العناصر الفاعلة في معادلة الأزمة.