عرفات: اتجاه القضايا حول سورية يميل في غير مصلحة واشنطن

عرفات: اتجاه القضايا حول سورية يميل في غير مصلحة واشنطن

استضافت إذاعة ميلوديFM يوم 7/4/2014 الرفيق علاء عرفات، عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وأمين مجلس حزب الإرادة الشعبية في لقاء موسع تناول عدداً من التطورات السياسية والميدانية المرتبطة بملف الأزمة السورية وبعض قضايا المنطقة والعالم ولاسيما في ضوء التراجع الأمريكي المستمر. أجرى الحوار جورج حاجوج وبرزت فيه العناوين والمحاور التالية، علماً بأن التسجيل الصوتي منشور على موقع

www.kassioun.org

جنيف3 أم جولة3 من جنيف2؟

المهم هو ما سينتج عن هذا المؤتمر سواء كان اسمه جنيف3 أو الجولة الثالثة من جنيف2.. هناك من قال بأن جنيف3 يعني التحضير لبنية جديدة للمؤتمر يتم فيها تجاهل ما تم الوصول إليه في جنيف2، وبالتالي فسيكون هناك جملة طويلة من التحضيرات لجهة الحضور أو لجهة جدول الأعمال وما يراد من هذا المؤتمر، وإلغاء السابق كأنه لم يكن. لا أعتقد أن أحداً سيتجرأ ويطرح هذا الطرح، لكن يجب أخذ هذا الكلام بعين الاعتبار. بالمقابل، فالتصريح الروسي عن جولة جديدة من جنيف2 يعني أنها استمرار لما سبق. هناك مؤسسة اسمها جنيف نشأت من أجل حل الأزمة السورية ولها مجرياتها السابقة وينبغي المتابعة وتصحيح الأخطاء والنواقص التي جرت في الجولات السابقة، وأعتقد أن الأمور ستسير في هذا الاتجاه بغض النظر عن التسمية.

انعقاد «جنيف» ضمن مؤشراته الإقليمية والدولية؟

أولاً، من حيث المبدأ وصلت الأزمة الأوكرانية إلى خواتيمها، والطرح اليوم هو أن تتحول أوكرانيا إلى جمهورية فيدرالية وأعتقد أن الأمور ستسير في هذا الاتجاه على الأغلب، وبدأت بعض الأصوات في أوروبا توافق على ذلك، وقد اتضح أن الفائز في هذه المعركة هو الطرف الروسي ومن يدعمه وحلفاؤه. ثانياً، إذا انتقلنا إلى القضية الفلسطينية، ما يسمى الخطة الأمريكية والعمل الأمريكي الذي بدأ منذ عهد بوش الابن والذي وعد بأنه خلال سنة واحدة سيكون هناك دولة فلسطينية، وانتهت فترته الرئاسية وجاء أوباما وانتهت فترته الأولى ومضى سنتان على الفترة الثانية ولم تقم الدولة الفلسطينية إلى الآن. بمعنى أن المخطط في موضوع حل القضية الفلسطينية قد توقف. ثالثاً، الوضع في مصر يتطور بشكل غير ملائم للأمريكيين. رابعاً، حلفاء الأمريكيين في وضع صعب حالياً وخاصة حلفاءهم في الخليج، ونحن نرى أن ما يُسمى بمجلس التعاون الخليجي يعاني اليوم من مشاكل يمكن أن تنذر بتفكيكه ككيان سياسي. وعملياً وضع الجامعة العربية الحليفة لأمريكا في تراجع. الوضع في لبنان ذهب إلى استقرار إيجابي بأشكال متعددة، حتى ولو كان مؤقتاً، ولكنه يوقف التدهور السابق. الملف النووي الإيراني يشهد تطورات بالمعنى الإيجابي. بقي لدينا الوضع التركي هو الذي يتأزم. أي أن الاتجاه العام لما تؤول إليه الأمور حول سورية يميل باتجاه الكفة التي لا توجد فيها أمريكا.

واشنطن بين أوكرانيا وسورية..

المنطق يقول بأن أزمة أوكرانيا وما تلاها تفرض على الأمريكيين إن كان لديهم ما يكفي من الدهاء والذكاء، أن يدعوا بسرعة إلى مؤتمر جنيف لسبب بسيط وهو أن ظهور تداعيات الأزمة الأوكرانية سيضع الأمريكيين في موقف ضعيف جداً، وبالتالي ما كان يمكن أن يطرحوه في مؤتمر جنيف ويحصلوه من وجهة نظرهم، لن يكونوا قادرين على تحصيله بعد شهر أو شهرين من الآن. وهم يدركون هذا الأمر ولذلك لا يفكرون في تغيير ميزان القوى وإنما بالحفاظ على ميزان القوى القائم، وهذا أقصى ما يستطيعونه. ومن المعروف أن هنالك انقساماً في الإدارة الأمريكية بين مجموعة الحرب أو الفاشيين، وهي لا تريد تراجعاً أمريكياً سلساً وهادئاً بل تريد إجراءه أو إيقافه عبر تفجير الحرب في مناطق العالم، وبين طرف عقلاني مقتنع ومتفهم أن الولايات المتحدة لم تعد قواها كما كانت ويجب الانكفاء إلى داخل الحدود الأمريكية وإعادة ترتيب البيت الداخلي وإلخ، وهذا يحتاج إلى سنوات كيلا يؤدي التراجع لتصدعات كبرى داخل الصف الأمريكي وحلفائه.

تصدع الإدارة الأمريكية ومشاكلها

الآن تحدث التصدعات الأمريكية حيال أوكرانيا وسورية..! إحدى مشاكل الأمريكيين هي أن حلفاءهم لا يفهمون كثيراً عليهم، بمعنى أنه مازال من حلفائهم من يعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على أن تتدخل عسكرياً وبشكل مباشر في سورية، ولكنها لم تعد قادرة، وإذا فعل الأمريكيون فأمامهم احتمال كبير للخسارة مما سينعكس عليهم وعلى حلفائهم بشكل رديء جداً ويؤدي إلى تراجعهم بشكل أسرع. في مرحلة التحول والانتقال هناك من يصدق وهناك من لا يصدق وتأتي الوقائع لتقنع الناس، وهنالك من يصل لها بالتحليل (كقراءة أرقام الاقتصاد والبطالة وغيرها) ويعرف من يتقدم ومن يتراجع ويصل للاستنتاجات الصحيحة سياسياً. لذلك نحن نشهد العملية التي يقال عنها عملية الإنكار التي تمر بها غالباً الإمبراطوريات العظمى. اليوم الولايات المتحدة كانت رقم واحد وهي بتراجعها لن تصبح رقم اثنين أو ثلاثة وإنما ستصبح واحداً من ثلاثة أو أربعة متشابهين.. هذه القصة لا تدخل في الدماغ مباشرة..!

«جنيف» وخروج

الأمريكيين من «الإنكار»؟

المشكلة أن الولايات المتحدة تسمي نفسها راعياً لمؤتمر جنيف وكلنا نعرف أنها داعم لأحد الأطراف. اليوم إذا حاولت أن تعرقل فسوف يتضح على الملأ أن صفة الراعي لا تمتلكها وهي لا تملكها أصلاً وبالتالي يصبح من حق الأطراف الأخرى أن تنزع عنها هذا اللقب وتذهب إلى مؤتمر يحل المشكلة بعيداً عنها، ربما بوجود رعاة آخرين (روسيا والأمم المتحدة أو روسيا والصين أو روسيا منفردة)، وإن حصلت هذه الحالة ستكون سابقة تاريخية.

«الهاون» بين «السياسي» و«الإعلامي»

وما سبب اشتعال القذائف مؤخراً في عدد من مناطق سورية؟ من الواضح أنه كلما اقتربنا من جولة حل سياسي من «جنيف» يرى مطلقو القذائف أن هذا له ثمن على طاولة المفاوضات. ونعرف أن الجيش تمكن مؤخراً من تحرير يبرود من المجموعات المسلحة وبالمقابل ردت بشكل محدود بكسب واليوم تجري معارك في الغوطة ومحيطها وفي أماكن أخرى. وهذا الكلام بمجيء الجولة الثالثة هو محاولة لتغيير الوضع لتحقيق المكاسب على الأرض لتصرف على طاولة الحوار. وللأسف تقاس هذه المكاسب بالمعنى الإعلامي على أنه تقدم للمعارضة وأنها قادرة على قصف دمشق أو حلب، مثلاً.

هل من تمايز في طروحات

«التغيير والتحرير»؟

أولاً لابد من تحديد الأهداف والعمل مباشرة لوقف التدخل الخارجي والعنف والبدء بعملية السياسية وقبل كل شيء وقف الكارثة الانسانية. اليوم في سورية كارثة إنسانية حقيقية القليل يتحدث عنها والكل يشرحها من طرفه. مثلاً الحديث عن حصار المدن وهذا موجود في الطرفين مع اختلاف النسب وتفاوتها. ثانياً نحن نختلف بالقضايا التي تتعلق بوقف العنف مع الطرفين. ما تسمى بالمعارضة المسلحة ترى النظام شيطاناً وهي ملائكة، وكذلك النظام يرى الطرف الآخر شياطين وهو الملائكة. ولا هذا صحيح  ولا ذاك. الوقائع على الأرض تقول إن هناك من هو من أوساط المعارضة المسلحة قابل للذهاب إلى حل سياسي وهؤلاء ينبغي فرزهم، خاصة السوريين، عن الأجانب الذين ينفذون عملياً مهمات مطلوبة من الخارج. ولا أنكر أن هناك بعض السوريين ينفذون المهمة نفسها، ولكن هناك مسلحين سوريين يمكن التعاطي معهم بدليل التجربة الواقعية في مناطق عدة من ريف دمشق، وبالتالي لا ينبغي جمع كل الناس في سلة واحدة، وبالمقابل النظام ليس كتلة واحدة لا تريد المصالحات بدليل أنها حدثت في مناطق أخرى وهو قابل لأن يذهب إلى مصالحات وأن يديرها. هذه المسألة من أهم القضايا التي ينبغي إبرازها التي تسمح بالإيقاف السريع للقتل والعنف والانتقال عملياً إلى عملية إعادة بناء الوحدة الوطنية التي تسمح لنا بمجابهة الإرهاب بسرعة أكبر. مجرد طرح الحل السياسي ورؤية الكثير من السوريين أن هناك أفقاً لحل الكثير من المشاكل بدءاً بحل الأزمة ووقفها يمكن أن يجري تغييراً بالجملة في المواقف لدى آلاف الناس لينضموا عملياً إلى الموقف المعادي للإرهاب.. هذا ما يميزنا.

إذا نشأ ما يعرقل مشاركتنا سنعلن!

وحول ما إذا كانت جبهة التغيير والتحرير عند موقفها للتوجه إلى جنيف حتى من دون دعوة قال عرفات إن الوفد جاهز وقد تكون هناك بعض العراقيل ولكن الخطوة ما تزال قائمة وما نزال نعمل عليها وإذا نشأ شيء يمنعها أو بحاجة لتعديل فسنعلن ذلك. وأضاف أن الذي يعيق عقد جنيف اليوم هو مجريات ونتائج جنيف2 حتى الآن، إذ أن نتائج ذاك المؤتمر أوضحت أنه هناك خلل في التمثيل الإقليمي وتحديداً إيران، وهناك خلل في تمثيل المعارضة السورية كونه انحصر بائتلاف الدوحة، وكان هناك خلاف شديد حول جدول العمل وأولويات البحث. واليوم يدور الحديث عن أنه جرى الاتفاق على جدول العمل في آخر جلسات الجولة الثانية. ولقد تحدث معاون وزير الخارجية الروسي عن أن جدول العمل محدد بمكافحة الإرهاب وإيقاف العنف وإنشاء حكومة انتقالية. وإذا كان هذا صحيح ومعتمد فستكون قد حلت نقطة واحدة، وتبقى النقاط التالية كالتمثيل الدولي وتمثيل المعارضة بحاجة إلى حل، وهذه هي المسائل التي أعتقد أنها تعيق انعقاد المؤتمر حتى الآن.

آخر تعديل على الإثنين, 14 نيسان/أبريل 2014 12:27