تجنيد الأطفال في سورية

تجنيد الأطفال في سورية

مقدمة:تنتشر بشكل واسع منذ فترة وجيزة على بعض وكالات الإعلام تقاريروصور لأطفال تم تجنيدهم في الميليشيات المختلفة الموجودة على الأرض في سورية ، أطفال مسلحون ينتشرون في الشوارع باتت ظاهرة واضحة للعيان فقد صرحت المسؤولة في الأمم المتحدة راديكا كوماراسوامي في شهر حزيران الماضي:«أن المعارضة السورية المسلحة متهمة باستخدام الأطفال كمقاتلين ما يعتبر انتهاكاً للاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد الأطفال » وكان هذا التصريح أول تطرق لهذا الموضوع بشكل عام وأضافت كوماراسوامي بأننا لا نستطيع التأكد من هذه التقارير الواردة حول هذ الموضوع ،تقرير آخرصدر عن وكالة الأخبار الفرنسية AFBفي شهر تموز الماضي ويعتبر أول دليل مصور بالصوت والصورة لتجنيد قاصرين دون الثامنة عشر للقتال مع ما يسمى الجيش السوري الحر حيث أظهر التقرير ميليشيا مسلحة في قلعة الحصن تجبر طفلاً «13 عاماً» على الدخول إلى ساحة معركة ،كما تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة صوراً لأطفال وقصر دون الثامنة عشر مع مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة مجندين في ميليشيات معارضة «الجيش الحر وغيره» وميليشيات مؤيدة «اللجان الشعبية وغيرها».

مدارس إدارة الأزمات في العالم:

قضية تجنيد الأطفال قضية منتشرة في بعض بلدان العالم وخاصة تلك التي يسبق تدخل الناتو فيها فالمقدمة التي أوردناها تضم المفردات التالية: «أمم متحدة، فرنسيون، تجنيد أطفال في ميليشيات» حيث تشكل هذه المفردات المعاناة الفظيعة لشعوب راواندا وسيراليون ويوغسلافيا السابقة وأفغانستان، وغيرها من البلدان التي شهدت عمليان تجنيد أطفال واستخدامهم كمقاتلين في الميليشيات المسلحة وهذه المفردات الثلاثة هي القاسم المشترك بين الأزمة السورية الحالية وما كان يحدث في راواندا وسيراليون ويوغسلافيا إذاً ثمة دليل دامغ لنظرية المعلم الواحد أو المدبر الواحد المتمثل بمدارس إدارة الأزمات في العالم وهذه المدارس ليست جهات مدنية أو تنظيمات سياسية وإنما هي جهات استخباراتية تعي تماماً ماذا تفعل وفق مخططات وخبرات ضباطها في مختلف أنحاء العالم أثناء الأزمات المشابهة، وإن كانت تتخفى أحياناً تحت واجهة الشركات الأمنية أو الجماعات المتطرفة.

من خلال ما ورد نصل إلى نتيجة منطقية مفادها أن علماء متخصصين في مجال الاستخبارات وإدارة الأزمات قد أصبحوا محركاً رئيسياً لما يجري في سورية.

الجانب الاجتماعي:

في هذا الشكل من الأزمات تستهدف شريحة معينة من الأطفال والقصر في عمليات التجنيد وهم الأطفال المنحدرون من البيئات الفقيرة والمهمشة وبشكل خاص الأطفال الأيتام حيث تصطادهم الشركات الأمنية والميليشيات المسلحة والجهات العاملة في هذا المجال بكل سهولة كونهم ينحدرون من بيئات تعيش في وضع أقل ما يقال عنه إنه قمة المآسي الاجتماعية والآلام اليومية لطبقات مسحوقة طبقياً ويتم ذلك بعدة طرق أغلب الأحيان منها تعريضهم لغسيل الدماغ آيديولوجياً أو ترغيبهم برواتب أو تصوير هذه الميليشيات كطريق وحيد للخلاص من عذاباتهم اليومية كذلك يتم استغلال ما يحدث في البلاد منذ عام ونصف نتيجة الانفجار الاجتماعي الذي حصل وأفضى إلى أزمة عميقة بتأثير التراكمات في أحزمة الفقر والتهميش التي ينحدر منها الأطفال المجندون في الميليشيات كما أن قضية تجنيد الأطفال في سورية جاء تعبيراً عن العنف والعنف المضاد الجاري على الأرض وكأحد إفرازات الأزمة السورية بعد دخول قوى ضليعة تاريخياً بهذه العمليات للتأثير على خط تطور الأزمة في البلاد.

الشعب يريد إسقاط السلاح:

إن إنهاء قضية تجنيد الأطفال واستخدامهم كمقاتلين في ميليشيات الأزمة السورية المرفوضة أخلاقياً وسياسياً مرتبط بإنهاء وإسقاط سلاح الميليشيات المسلحة ككل لأنها أحد أشكال إفرازات تسليح الشارع السوري ولابد للحركة الشعبية أن تأخذ مواقف جذرية من قضية السلاح الموجود في الشارع وما كان من ظهور شعار الشعب يريد إسقاط السلاح ومظاهرات موحسن وإعزاز ضد التسلح مؤخراً إلا تعبيراً لحالة رفض شعبي ينمو تجاه السلاح المنتشر كالسرطان.

مرة أخرة فلنتعلم من دروس التاريخ الذي يعلمنا بأن الشعوب لا تستطيع الحصول على مكتسبات وخاصة في بلدان العالم الثالث إلا بحال تحققت وحدة الشعب والجيش الذي سيفضي إلى تغيير ثوري جبار سينهي حالة التسلح الطارئة ويمنع بالتالي تجنيد الأطفال والقصر في ميليشيات ويحافظ على الجيش  الوطني ويمضي بالحركة الشعبية السلمية والفضاء السياسي الجديد إلى الأمام.