النائب أيضاً.. «لا ينطق عن الهوى»!
اعتاد النائب الاقتصادي منذ سطوع نجمه أن يبالغ بتطلعاته، لدرجة أن وصل مؤخراً حد الهيام الذي قد يصيب أحياناً الباحث عن «حب ضائع»، ثم ما لبث أن استفاق من غبطته ليكشف عن ورطة أصابته على حين غرة، فناور متراجعاً عن «قنبلة» ألقاها فـ«فقعت» في وجهه على ما يبدو!.
كان النائب الاقتصادي قد أطلق العنان لنفسه خلال ندوة دارت أعمالها حول تطبيقات «ذكاء الأعمال»، فأكد مجدداً حينها ما كان ذكره في مكان آخر دون أدنى تردد، أن «الحكومة تخطط للتركيز على التنمية البشرية خلال السنوات القادمة لضمان نمو اقتصادي متوازن، ليكون الاقتصاد السوري في عام 2015 الأقوى في المنطقة».. وهو ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية سانا حرفياً (5/10/2010). ولكن سرعان ما استعاد النائب توازنه بعد أيام من تصريحه وتراجع «نظرياً» عن «قنبلته» زاعماً أن ما قاله لم يكن «الاقتصاد السوري هو الأقوى في الشرق الأوسط في 2015» فهذا باعترافه «غير معقول، ولا يمكن أن يصدر عن إنسان عاقل، فكيف إذا كان صادراً عن شخص لديه بعض الاطلاع بحيثيات وتفاصيل اقتصادنا؟».
وفي سياق سحبه لكلامه، رمى النائب بكل حريرات تفكيره في أتون البحث عن «تصريفة» للقضية، فركز على معارضته شخصياً لمصطلح «الشرق الأوسط» لكونه «مصطلحاً سياسياً غربياً، وهو مرفوض في سورية» علماً أنه لم يتلفظ في تصريحه الأخير بهذا المصطلح وإنما استبدله بالمصطلح الأصح وهو «المنطقة»، وهي عملياً قد تمتد من قزوين إلى المتوسط!.
ولكن رغم ذلك، فإن النائب الذي تراجع عن «شططه» الأخير وليس الآخر، لم يعد إلى مواقعه- كمطلع على حيثيات الأمور- تماماً، إذ عاد ووعد بأن «يتجاوز إجمالي الناتج المحلي في سورية إجمالي ناتج الاقتصادين اللبناني والأردني عام 2015»، متناسياً أن الفوارق البشرية تتطلب لتحقيق ذلك زيادة الناتج السوري ضعفي الناتجين الأردني واللبناني معاً، ومتجاهلاً المؤشرات السلبية التي خلّفها نهجه الليبرالي في الاقتصاد، ودون أن يهمل طبعاً تذكير الحاضرين في غرفة تجارة دمشق بأن «الكلام الذي تنطقه الحكومة ليس كلاما في الهواء بل هو موجود على أرض الواقع»، وبهذا فإن النائب ذهب في شططه أبعد من السابق، والفرق هذه المرة في الاتجاه، فهاهو اليوم يطالب الناس بأن يؤمنوا بالحكومة وبه كرسول لها: فهو أيضاً «لا ينطق عن الهوى»، ولكن.. من أي أرض وواقع يستلهم وحيه يا ترى؟.. حتماً ليس من السماء!.