الخطة ب..  على قدم وساق

الخطة ب.. على قدم وساق

هز تفجير مبنى الأمن القومي، اليوم الأربعاء، أرجاء دمشق وزاد من توتر الوضع السياسي والأمني المتوتر أصلاً. ينبغي قبل كل شيء قراءة الحدث ضمن ظرفه الدولي والداخلي لاستخلاص النتائج الصحيحة، وللتنبؤ بالمنحى العام الذي تتجه إليه الأوضاع..

يمكن تكثيف الوضع الدولي بالتالي: حل الأزمة الأمريكية- الغربية المستعصية يتطلب السيطرة على منابع الطاقة في المنطقة وتسعيرها بالدولار، الأمر الذي يتطلب تطويق وإنهاء سورية وإيران وصولاً إلى روسيا، تدخل عسكري مباشر في سورية على الطريقة الليبية سيحل المشكلة، صعود القطب الروسي- الصيني والتوازن الصفري يمنع التدخل المباشر وتذهب أمريكا نحو التدخل غير المباشر، ازدياد الوزن النسبي للقطب الجديد يجبر أمريكا على الرضوخ لفكرة الحل السياسي والحوار، تجهز أمريكا خطتها البديلة من أجل الحوار.. عملاؤها داخل النظام جنباً إلى جنب مع الإخوان المسلمين والمعارضة الليبرالية الأمريكانية إلى سدة الحكم في سورية عبر انقلاب «أبيض» على طاولة الحوار، يعاد التحاصص بين الناهبين ويبقى النظام على حاله مع تغيير جذري في جانب واحد هو الجانب الوطني، يبوس الناهبون شوارب بعضهم البعض ويرفعون الدم السوري نخباً لسلطة «ثورية» جديدة، الخطوة التالية هي إبقاء فتيل الانقسام العميق الجاري حالياً، ما يسمح لأمريكا بأخذ سورية نحو ليبيا الراهنة.. ليبيا المشروع الفدرالي القبلي، وهنا الطائفي- القومي..

يأتي في السياق ذاته، التصعيد الكبير خلال أيام الاثنين، الثلاثاء، والأربعاء وما سيتلوه من معارك كبيرة على الأرض، تثبيط لمعنويات الجيش، «انشقاقات» لبعض طلائع الفاسدين الذين سيحاورون النظام بعد قليل كمعارضة له!، وتجهيز معارضين من نوع خاص قادرين على التحاور مع الجيش.. وما جرى اليوم الأربعاء، إذ يدلل على عمق الاختراقات الموجودة داخل النظام فإنه من جهة أخرى يبين أن الترتيبات الأخيرة والحاسمة نحو تطبيق الخطة ب قد بدأت فعلاً ولن تطول..

يبدو أن تعقد الأمور على الأرض تنحو بكثير من الناس والسياسيين لمعالجة الأمور من وجهة نظر جنائية، في حين أن وجهة النظر السياسية العلمية كانت ولا تزال ترى في برنامج القوى المختلفة أساساً لقراءة سلوكها وتوقع السلوك اللاحق، إن القسم «الناتوي» من معارضتنا، والذي يتبجح بالحريات ويتفجع من الجرائم ليس أقل خيانة من أصحاب المشروع ذاته داخل النظام، الفاسدون من هنا وهناك يرفعون عالياً برنامجهم الذي سموه يوماً «دع الأغنياء يغتنون»، ويكملون اليوم «ودع الفقراء يقتتلون ويدمون حتى نغتني أكثر».. برنامج الجانبين يدفع الناس ليسقط في يدهم.. والمآل الأخير أن الطرفين سيسقطون بيد الشعب السوري..