التكامل والانسجام بين متشددي النظام والمعارضة

التكامل والانسجام بين متشددي النظام والمعارضة

عامان كاملان انقضيا على انفجار الأزمة في سورية، ذلك الانفجار أوحى لجميع القوى المتشددة بأن تغييرا جذريا تشارك فيه الغالبية المنهوبة يلوح في الأفق

هذا الانطباع لدى أعداء مصالح الأكثرية المنهوبة في البلاد كان يكفيها لإطلاق عنان العنف الآثم، الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم، والذي أخذ أشكالاً مختلفة ومتغيرة على طول فصول الأزمة، في الشارع والإعلام وفي الأوساط السياسية داخل البلاد وخارجها.

حيث بدى جلياً على طول الأشهر المنصرمة أن هذه الأطراف المتشددة كانت تعاني رهاباً تاريخياً من عودة الجماهير إلى الشارع، تلك الجماهير التي عادت إلى واجهة الحياة السياسية في البلاد مطالبة بحقوقها السياسية والاقتصادية..

كانت مصلحة المتشددين في الطرفين تقتضي تكريس أوهام «الحسم والإسقاط»، التي احتاجت على الدوام إلى تغذيتها بأعمال العنف والعنف المضاد لتتابع عملها كنقيض للحل السياسي الآمن، لأن استمرار دوامة العنف يؤجل البت في الملفات التي تطال رؤوس الفساد الكبير والمسؤولين عن العنف..

وهكذا تستمر دوامة العنف والعنف مضاد وتتصاعد كأن الموتورين من الطرفين يمررون الكرات فيما بينهم ذهاباً وإياباً، فذريعة ممارسة العنف من أحد الجانبين هي عنف الطرف الآخر، والعكس صحيح، الأمر الذي يبقي الحل السياسي بعيدا وغير معقول، كما يزعمون. وهذا الأمر يدلل على اتفاق ضمني هو أشبه بتكامل وانسجام بين عنفي الطرفين.

هذه الحالة التي لازمت فصول الأزمة حتى اليوم أتعبت الناس وأوهمتهم في كثير من الأوقات أن الحل السياسي هو ضرب من الخيال، وأن البلاد دخلت النفق المظلم الذي لا مخرج منه..

ثم ما لبث أن تقدم الحل السياسي مؤخرا ليصبح خيارا ضروريا للطرفين بعدما أفلس خطاب «الحسم والإسقاط»، وجاء الانعطاف باتجاه خيار الحل السياسي كنتيجة للتوازن الصفري دولياً وإقليمياً، الذي تكرس لاحقاً بالفيتو الروسي- الصيني المكرر ثلاث مرات، وكنتيجة للتوافقات الدولية على حل الأزمة السورية حلاً سياسياً..

لم يؤد الانعطاف باتجاه الحل السياسي إلى انكفاء أعمال العنف، بل تزايدت بشكل مضطرد في الأسابيع الأخيرة في محاولة بائسة من هؤلاء لإعادة إحياء أوهام «الحسم- الإسقاط»، وللتشويش على الحل السياسي. تجلت هذه الأعمال بالتفجيرات الأخيرة إضافة إلى استهداف العاصمة بالقذائف، وسلوك بعض الأجهزة الأمنية المتشددة، وتعاملهم السيء مع المواطنين، وعمليات الخطف الممنهج من قبل الميليشيات الموزعة هنا وهناك..

 كلها أعمال إن هدفت فهي تهدف إلى التشويش على المسارات الآمنة للحل التي ستعصف بتجار الأزمات وتكنس المتشددين إلى دائرة القصاص في المرحلة المقبلة..

آخر تعديل على الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 04:37