مؤتمر القاهرة ومحاولات هيمنة الإخوان المسلمين
تحظى طروحات وتوجهات الإخوان المسلمين اليوم في سورية بالمباركة الأمريكية الأوروبية الخليجية، وهي التي تعتبر الأكثر توافقاً مع مصالحهم مقارنة مع باقي طروحات المعارضة السورية ، وبالتالي فهي تحظى بالدعم المادي والإعلامي والسياسي، وبمحاولات مستمرة لفرض مفرداتها وخطابها على الحركة الشعبية، وعلى خطاب باقي أطياف المعارضة أيضاً.
وبالاستناد إلى وثيقة «عهد وميثاق» التي أصدرتها الحركة في آذار 2012 وإلى التصريحات الإعلامية لمسؤوليها ، يمكن الاستنتاج أن تعامل الإخوان المسلمين مع الأزمة في سورية يقوم على ثلاثة اتجاهات:
- رفض الحل السياسي كحل للأزمة السورية، والدعوة المستمرة لمجلس الأمن للتدخل تحت الفصل السابع، ودعم ما يسمى «الجيش الحر» بجميع الوسائل الأمر الذي من شأنه رفع وتيرة العنف والعنف المضاد.
- محاولة خلق قبول لها لدى أطياف الشعب السوري المختلفة من خلال طرح وعود بإقامة دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تتحقق فيها العدالة الاجتماعية وذلك بشكل غائم ودون برنامج واضح ودون الخوض في تفاصيل وآليات تحقيق تلك الأهداف أو الإشارة إلى مكامن الخلل في النظام السياسي والاقتصادي القائم حالياً.
- إرسال إشارت تطمينية إلى الخارج لكسب الرضا، من خلال التأكيد على هدفها ببناء دولة تنبذ الإرهاب وتحاربه وتحترم العهود والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتكون عامل استقرار وأمان في محيطها الإقليمي والدولي ، مع إشارة خجولة إلى استرجاع الأراضي المحتلة بكافة الوسائل «المشروعة«
وبالعودة إلى مؤتمر القاهرة الذي عقد تحت يافطة الهدف المعلن وهو توحيد المعارضة، وإيجاد الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقالية، التي صدرت على شكل مقررات سميت «وثيقة العهد الوطني» والتي تضمنت في الكثير من بنودها تقاطعات مع وثيقة الإخوان المسلمين «عهد وميثاق»، تتضح المحاولات المستمرة لفرض طرح الإخوان واستحواذه على الخطاب المعارض، الأمر الذي لقي الرفض من بعض الشخصيات الوطنية في المعارضة فقد تحفظت هيئة التنسيق على الكثير من بنود «وثيقة العهد الوطني»، وهو ما يعتبر خطوة صحيحة باتجاه فرز المعارضة وتموضعها في الخندق الصحيح، أن حركة الإخوان المسلمين بما تمثل من بنية طائفية من حيث النشوء والتكوين، وبما تمثل من امتدادات إقليمية ودولية معروفة، وبما تمثله من برنامج اقتصادي اجتماعي، وبما لها من ماض ملتبس لا يمكن أن تكون الموجّه لقوى سياسية وطنية، ومن غير المنطقي أن تحدد هي اتجاه التطور اللاحق في البلاد، وتحدد شكل تطور الحركة الشعبية، ان التماهي مع برنامج الإخوان المسلمين أو محاكاته هو نسف لأي عملية تغيير حقيقية دفع شعبنا ويدفع أثماناً باهظة للوصول إليه، وهو استخفاف بدماء شهداء الحركة الشعبية وتضحياتها الجسام، عدا عن أن سياستها المعلنة تتقاطع مع مشيخات النفط المعروفة بمواقفها من القضايا القومية والوطنية والتي تشكل إحدى أدوات تسويق المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية، وبالتالي فإن القطع النهائي مع برنامج هذه الجماعة هو مقدمة لابد منها للحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعباً وانجاز عملية التغيير الحقيقي نفسها.