نعيسة: الشعب خرج إلى الشارع على أرضية معاناته اليومية
من جانبه، وفي ردود متعددة على أسئلة طرحها الحضور، ذكر الأستاذ عادل نعيسة حادثةً عايشها بداية الأحداث حيث قال له أحدهم: «الآن، يمكنك أن تجلس وتتشفى، أخيراً تحقق ما دفعت عمرك لأجله». وأضاف نعيسة: أنا حقيقةً دفعت عمري الحي، العمر الذي أنتج فيه وأؤسس لحياتي، أؤثر في المجتمع بكل فعاليتي، أؤلف أكتب وأبني، ذاك العمر خسرته ولا شيء في الدنيا يعوضه. كان جوابي عندها على تلك الملاحظة: «لا وقت للوقوف باكياً أو مستبكياً على الأطلال ولن أجعل جرحي بديلاً أو موازياً للوطن.. روما أغلى منك يا يوليوس».. وبهذه الصفة جئت إلى هذا المؤتمر أشارك بصفتي الشخصية وبجرحي الذي أحمل علّي أستطيع إطفاء ولو شعلة في الحريق الذي يهدد البلد، وحقن الدم الذي يهدد بأن يسيطر ويسود..
وفيما يلي بعض مما جاء في ردود نعيسة على تساؤلات الحضور:
علينا التمييز بين الحراك الشعبي الذي عملياً هو من أوجدنا هنا، لكن في نهاية الأمر نحن نخب سياسية وأصر على فكرة قلتها من البداية، الحراك الشعبي الموجود في الشارع على أرضية معاناته اليومية في قاع المجتمع من الفساد والرشوة، المحسوبية والظلم، الشرطي الموجود في رأس كل مواطن، العلق الذي يأكل رغيف خبزه، ونحن لا نطمح أكثر من أن نستطيع القول للمواطن الموجود في هذا الحراك أن تلك المعاناة في قاع المجتمع هي موجودة لأنك محروم من هذا البرنامج الذي نطرحه، فأنت محروم من التمثيل البرلماني السياسي الحقيقي الذي يدافع عنك، ونحن نقول أن خلاصك سيكون عن طريق هكذا برامج و توجهات سياسية كالذي نطرحه نحن.
وفي الطرف الثاني من المعادلة لدينا السلطة، وإذا كنّا لا نريد تسجيل المواقف ونريد أن نطفئ الحريق ونوقف هدر الدم السوري الغالي، وأوجه الكلام هنا للسلطة، فإن أحد أشكال إطفاء الحريق هو تغيير البنية الجذرية البنيوية (الجوهرية)، أي أسس النظام البنيوية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والقيم، يجب تغييرها من قلب المجتمع، هذه طاقتنا وامكانياتنا، نتمنى أن تكون أوسع وأشمل، وأتمنى أنا ألا يدخل على خط الحراك، الذي هو بالنسبة لي شخصياً مقدس بما بدأ عليه، أما ماصار إليه وسوف يصير إلى ماهو أسوأ بسبب كل الغيلان الموجودة على حدود البلد وتريد كوادر هذا الحراك، وأرفض أن يتلوث شرف الحراك ودوره بعمليات لا تمت بصلة لمطالب الناس وهمومهم، بل هي عمليات نهب وسلب وقتل وحتى اغتصاب في لحظة ما، القوى التي تقصد تماماً أن تشوه ذلك الوجه المضيء وهذه القاعدة التي تتحرك اليوم ولأول مرة نراها، المواطن العادي، فرداً أو جماعةً، يرفع رأسه بوجه أجهزة الأمن ليقول لا، لم يتعود أحد على هذا الواقع الجديد لا أجهزة الأمن خلال أربعة عقود وخمسة عقود ، فالفترة الوحيدة التي عشناها وكانت مختلفة عندما سقط الشيشكلي عام 54 حتى استلام عبدالحليم السرّاج في عام 58، تلك الفترة الوحيدة الخصبة في تاريخ سورية وبعدها أصبحت الدبابة والبسطار العسكري مكان المواطن ومنذها ذهب تاريخ سورية وصرنا إلى ما صرنا إليه اليوم.
عندما كنّا في موسكو تناقشنا حول إمكانية وجود ميثاق شرف مع الدولة ويكون له تأثير بحيث يضمن سحب قوات القمع، سواء كانت جيشاً أو أجهزة أمنية ويتم تحييدها، وبالمقابل أن نجد من يضمن في الحراك الشعبي ولو لمدة شهر تجريبي يمارس فيه المواطن نضاله المطلبي ونشاطه السياسي أياً كانت الشعارات التي ممكن تطرح بشرط عدم وجود العمل المسلح في هذا الحراك، وأنا قصدت عندما تحدثت عمّا آل إليه الحراك، فأنا قصدت تلك التصرفات الصادرة عن جملة لا علاقة لها لامنشاً ولا تمويلاً ولا ممارسةً بـ %1 من الحراك الذي نحرص عليه وندافع عنه ونأمل أن ينمو ويتطور، وأقول مجدداً أن هذا هو سبب وجودنا هنا ولما أبداً لولا هذا الحراك الذي انطلق وأعطى إشارة البدء، وليس هناك من ضمانات، علينا أن نعرف ماذا نريد وأن نمارس مهامنا وكلما زادت قوتنا الميدانية كلما استطعنا أن نضمن أكثر، حقيقة لا يوجد ضمانات لأن حجم القوى الداخلة على الخط وحجم مصالحها لايسمح لنا بالتحليل الشامل والوصول إلى تصورات منطقية نهائية وحاسمة، والأطراف بمجملها لاتعترف بمسؤولياتها، أنا كنت مع الوفود التي التقت مع الرئيس، وقد قال لنا يومها: لا تضغط عليكم الأزمة، فهي لا تضغط علي، لوكانت الأزمة تستهدفني لكنت سقطت من الأسبوع الأول، هذه الأزمة تستهدف سورية... وهذا الكلام فيه جزء كبير من الصحة، ونحن سمعنا في موسكو أن سورية هي حجر زاوية في المنطقة واتجاه الأحداث بالتالي ترتبط في الكثير من المتغيرات في المنطقة، ومن هذه النقطة نحن استخدمنا حق الفيتو والكلام هنا على لسان المسؤولين الروس، بالتالي فإن تعقيد الأزمة لا يمكن التعامل معه بالتمني والرغبات وإنما بالعقل والتحليل السياسي والعمل المسؤول الوطني من كل الأطراف والبعد عن التعامل على الأساس الشخصي أو الإسمي لأن ذلك يزيد من التوتر والصدام ولا يحل شيئاً..