علي حيدر: نحن حركة الشعب، لأننا المدافعون عن الحرية المقدسة
ثم ألقى د. علي حيدر خلال المؤتمر الأول للجبهة الشعبية للتغيير والتحرير كلمة نادى من خلالها السوريين قائلاً: «أيها السوريون... تحيا بلاد أنتم منها، وأنتم حملة مشروع نهضتها».. وفيما يلي نصها كاملاً:
«تحيا سورية، تحيا بلاد أنتم منها وأنتم حملة مشروع نهضتها..
سأختصر عناء الاستماع بعد الكلمة الجميلة من الدكتور قدري جميل، ونحن متوافقون على كل ما قاله في كلمته، لقد خيل للبعض أن قوة الشعب نامت، فحسبها البعض قد ماتت، وأن الشعب قانع خانع، ظنوا وبعض الظن إثم أنهم يغرقون الشعب في معترك حاجاته فيبقى لاهياً عن المطالبة بحقوقه، وطبعاً ما شهدناه في الأشهر الأخيرة يؤكد أن كل ما ظنوه وقالوه هو ضرب من خيال.
ولكن الذي حصل أنه وفي هذا السياق كثر الذين يريدون أن يستغلوا غضبة الشعب لحقه وكرامته ليحولوها لمنفعتهم، فلذلك الأمر نقول لهم خابت ظنونكم.
نحن الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، ما هي مفردات عنوان ائتلافنا؟ نعم نحن الجبهة الشعبية، نحن مع الشعب ومن الشعب ولكن أي شعب؟ نحن مع الشعب الذي يؤمن بالحق، وينصر الحق بالمجد، ولا ينصر الباطل على الباطل، نحن مع الشعب الذي يؤمن بالإنقاذ لوطن اتفقنا جميعاً على أنه في أزمة، وقلنا ونقول دائماً: إن النظام في أزمة، والمعارضة الوطنية في أزمة- إذا كانت صادقة مع نفسها-، والحراك الشعبي في أزمة كذلك.. ولكل أزمة أسبابها الموضوعية والذاتية ولذلك بحث آخر.
إذاً، الإنقاذ على قاعدة الانتصار بالجميع وليس لفئة على فئة، لا يوجد في الشعب السوري من يستطيع، لا اليوم ولا غداً ولا في تاريخه، أن تنتصر فئة به على فئة أخرى، لأن الانتصار الذي نسعى إليه هو انتصار الجميع بالجميع ولمصلحة الجميع، دون إقصاء لأحد.
الشعب هو الشعب المؤمن بالمبادئ بالحياة الصحيحة والحرية الحقيقية والسيادة الحقيقية، وليس من يشرع حدوده للخارج بحجة أو بأخرى، وتحت يافطة أو أخرى، الشعب هو الذي يرفض أن يسكت عن حقوقه في الدولة وشؤونها، لأنها له ومنه ولا مجال بعد الآن للسكوت عن حقوقه في هذه الدولة وشؤونها، الشعب هو الشعب الذي تعيش فيه المبادئ السامية لا الشعب الذي تتبدل به المبادئ كما تتبدل الأزياء وكأنها موضة!.
باختصار، هذا هو الشعب الذي ندافع عنه ونحن جزء منه، ومعه وبه نحن نقوى، ونعم نحن معارضة، وهذا سؤال نسأل عنه يومياً وقد يلتبس على البعض، ولكن ليس على السائل الذي يسأل بحسن نية وله الحق بالحصول على الإجابة، ولكن لمن يطلق هذا الحكم نقول: نعم نحن معارضة ولكن نستتبعها بتحديد أي المعارضات نحن، نقول نعم إننا معارضة للذين يستقوون على الشعب، وفي تاريخنا الكثير من الاستقواء على الشعب، ولم نرفضه حديثاً ولكن تاريخياً نحن نرفض كل من استقوى على الشعب، ونحن معارضة للذين يهدرون حقوق المواطن والوطن، والذين يمتهنون كرامة المواطن، وما أكثرهم للأسف في هذه الأيام.
نعم، نحن معارضة للعقلية الإقصائية التي تقول إنها تمثل الشعب وحدها، وهي التي تعمل وتحكم وتسوس، وبالنتيجة هي التي تقبض وتضع في جيوبها.. نحن معارضة لكل هؤلاء، وبالمقابل نحن معارضة لأشياء أخرى لا يستسيغها البعض ممن يتصدرون الفضائيات ويتبرمون في مواقعهم في الخارج، وطبعاً ليس على الحساب الجغرافي لأن في الداخل من يقف الموقف نفسه.
نحن معارضة للذين يشرعون الحدود للعدو الخارجي، ويقبلون تحت عنوان أو آخر بالتدخل الخارجي، ودائماً كنا نقول إننا ضد الاستقواء بالخارج، فما بالنا لا نكون ضد التدخل الخارجي المباشر؟ ويجب أن نؤكد أن التدخل الخارجي ليس التدخل العسكري فقط ولكن هذا النوع هو الأكثر سفوراً ووقاحةً، وأياً يكن العنوان، لأن حماية المدنيين تكون بإغلاق الأبواب والنوافذ على الحضن الدافئ السوري والعمل من الداخل، وليس بتشريع وفتح الأبواب والنوافذ والسقوف فيما بعد، فنحن معارضة لهؤلاء، وبالنتيجة كما كنا معارضة للعقلية الإقصائية التي تجلس في موقع السلطة نحن معارضة للعقلية الإقصائية التي تمارس سلطة إقصائية من موقع المعارضة، وتدعي لنفسها شرفاً ومجداً ليس لها، أو على الأقل ليس كله لها، حتى لا ندخل في لغة التخوين والتهميش والإقصاء كما يفعل الآخرون.
فليقبل الجميع بأننا جميعاً موجودون وهو أمر واقع، وليقبل الجميع بأننا جميعاً معنيون بالخروج من الأزمة عبر حوار جدي عميق كما عبرنا مراراً، بهذه القاعدة نعم نحن معارضة للنظام المتسلط الفردي الفئوي إن كان موجوداً، للعقلية الإقصائية، وللسياسات الاقتصادية التي هاجمناها على مدى سنوات، ولبنية النظام القائم على الأحادية، كل هذه المسائل نحن معارضون لها ونقف في وجهها ونعمل لتغييرها، لكن ليس على قاعدة أن نربح التغيير ونخسر أنفسنا.
لنربح التغيير الحقيقي يجب أن نحافظ على أنفسنا أولاً، وأن يكون التغيير لخدمة الوطن والمواطن في الدرجة الأولى.
وبهذا نكون نحن حركة الشعب، ونحن الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، لأننا قررنا ألاّ نصادر الشعب، بل أن نقف أنفسنا في سبيل حياة وإرادة وحق خير الشعب، وليس لأي شيء آخر، وليس لجعل الشعب مطية لأهوائنا الشخصية، ولمنافعنا الخصوصية ولسياسات الآخرين التي ننطق بها دون أن ندري أو أن ندري وتلك مصيبة أكبر.
نحن حركة الشعب لأننا آمنا بأن الانتصار ليس انتصار جهة نفعية على جهة نفعية أخرى، فبهذه الحالة عندما ينتصر الشر على الشر أو جهة على جهة نكون قد بدلنا اليافطة فقط، ومشكلتنا ليست في اليافطات، بل هي في الذهنيات والعقليات التي يجب أن تتبدل لنطلق مفاهيم جديدة نعمل بها ومن خلالها جميعاً لمصلحة وخير سورية.
نعم نحن حركة الشعب، لأننا المدافعون عن الحرية المقدسة بالنسبة للسوريين، ولا أظن بأن هذا العنوان يحتاج إلى تفصيل حول أية حرية نريد، لا نريد الحرية المنفلتة بل حرية النظام، ولا أقصد هنا بالنظام كنظام، بل النظام الفكري في النهج والأشكال التي يجب أن نعمل لتأسيسها لمصلحة سورية في الأيام القادمة.
نحن حركة الشعب لأننا رافضون لاستثمار الشعب في سبيل مصلحة الشعب لمصلحة البعض على حساب الشعب.
أخيراً أقول للجميع وأوصي بأن نرفض كل ما يمنع الشعب من ممارسة حقوقه على قاعدة وحدة مصلحته التي تربط بين الجميع، وتجمع الجميع جسداً واحداً شعباً واحداً أمةً واحدةً ودولة واحدة، ولكن فيها من كل الألوان ما يجمل هذه الحديقة الجميلة التي تجمعنا جميعاً.
ارفضوا الرق المتلبس لبوس العدل، وإننا لمنتصرون».