حرب كونية على سورية.. «حتّر» يستيقظ متأخراً..!
مرة أخرى يعود ناهض حتر للهجوم المبتذل على د.قدري جميل وخط حزب الإرادة الشعبية المعارض في سورية عبر صحيفة «الأخبار» اللبنانية التي تفرد له مساحات ثابتة ومتتالية لذاك الهجوم في زاويته «بهدوء» دون أن يتسع صدرها لنشر أي رد عليه تحت ذرائع واهية تتعلق بالحجوم وتبويب الصفحات، خلافاً لأي عرف صحفي..!
آخر ما طالعنا به ثنائي «حتر- الأخبار» هو مقالة للأول بتاريخ الاثنين 10/3/2014 تحت عنوان «حربٌ لم تفهموها»، انطلق فيها حسب كلماته من تحول جماعات المعارضة المسلحة في سورية فعلياً وعملانياً إلى أدوات إسرائيلية في إطار مشروع جيوسياسي محلي ـــ إقليمي لإنشاء جيب عميل في الجولان، معدداً مزاياه بالنسبة «للأمريكي» و«الإسرائيلي» و«المسلح السوري العميل»، ومستعرضاً مخاطره على سورية، وحتى الأردن. وبعد أن تتحول فرضية إنشاء هذا الجيب بالنسبة إلى حتر إلى واقع قائم، يستنتج الكاتب أن «عملية الجولان تتعدى ثنائية الوطنية والعمالة، إلى انكشاف تفاقم أزمة المعارضة السورية، بكل أطيافها» الخارجية والداخلية جمعاء، وأن «المعارضين الوطنيين خسروا منذ البداية فرصة التأثير في مجريات الأحداث، بامتناعهم المديد عن إدانة الإرهاب، وإصرارهم على الحوار مع العملاء والعمل على توحيد الصفوف معهم، وإلحاحهم على المساواة بين الإرهابيين والمقاومين في الحرب السورية وعجزهم عن الخروج من إسار البرنامج الليبرالي إلى بلورة برنامج وطني تقدمي (وطني: مع السيادة والدولة والجيش والمقاومة، وتقدمي: معاد للنيوليبرالية، تنموي، ديموقراطي اجتماعي)».
ويستدرك حتر «الوحيد الذي لامس برنامجاً كهذا هو قدري جميل؛ لكنه أضاع الفرصة على حضوره وحضور خطه وحزبه، وتخلى عن موقع رجل الدولة، ليحجز مقعداً «معارضاً»، جنباً إلى جنب مع الجربا وأمثاله، في القطار الوهمي لجنيف 2، قطار أوصله إلى المنفى» ليقول على نحو قاطع إن «الحرب حولت المعارضين السوريين، ويا للأسف، إلى عملاء أو بلهاءـــ مهمّشين»..! وبعد هذا الكم من الخلط المتعمد في مواقف المعارضات السورية والمسبات المجانية لحزب الإرادة الشعبية وأحد أبرز قياداته يدرج حتّر على نحو غير مفهوم وخارج السياق كلياً قوله «إن فلاديمير بوتين لا يبدّل بشار الأسد بمليون معارض حتى من أمثال الرفيق قدري جميل!»..
في كل الأحوال، بالتمعن قليلاً في هذا المنطق الأعوج وموجباته يبدو أن السيد حتر ومن وراءه يتوجسون تحديداً من الحضور المتزايد موضوعياً للخط السياسي والبرنامجي لحزب الإرادة الشعبية وثبوت صوابية رؤيته وتحليله للأزمة ومسبباتها وسبل الخروج منها، بما فيها ما تبناه الحزب منذ البداية باتجاه ضرورة التحول نحو الحل السياسي كمخرج لا غنى عنه وبات وحيداً عبر جنيف بحكم درجة تدويل الأزمة السورية، وكذلك التحول بناءً على جنيف وانفتاح أفق الحل السياسي باتجاه الفرز بين المسلحين لاستقطاب ما يمكن منهم من السوريين في مواجهة التكفيريين والإرهابيين الوافدين، وهو ما بدأ ميدانياً من خلال الهدن والتسويات المطلوب تحويلها إلى مصالحات حقيقية تحقن دماء السوريين، وتوفر عبر جنيف مناخ العملية السياسية السورية بعد وقف التدخل الخارجي بكل أشكاله، من إدخال سلاح ومسلحين وتمويل، ووقف العنف أياً كانت مصادره، بما فيها إرهاب الدولة ببعض أجهزتها وتشكيلاتها العسكرية غير القانونية، بما يفضي بمجمله إلى إحداث التغيير الجذري العميق والشامل والجذري والتدريجي والسلمي، سياسياً واقتصادياً اجتماعياً وديمقراطياً، الذي يستحقه الشعب السوري، وبما يحافظ على وحدة البلاد، وعلى مؤسسة الجيش العربي السوري، بوصفها الضامن للوحدة الوطنية السورية، ويحافظ على صوابية توجه البوصلة باتجاه العدو الإسرائيلي، انسجاماً مع إرادة السواد الأعظم من الشعب السوري أولاً، وأن أي نظام لا يقوم بذلك لن يستمر ساعات بسورية..!
ويبدو أن «الكاتب الكبير» الذي يقول ضمناً ببساطة عن نفسه إنه لم يقرأ هذا الكلام مطلقاً في وثائق وأدبيات حزب الإرادة الشعبية وتصريحات ولقاءات الرفيق قدري جميل وبقية أعضاء قياداته منذ ثلاث سنوات إلى الآن، ولم يقرأ بيانات الإدانة للعمليات الإرهابية، ولكل ما شأنه زيادة زعزعة استقرار سورية والموت المطرد لشعبها، أو أنه قرأ ولا يريد أن يفهم، إنما يبتغي الإمعان في التشويش على مواقف الحزب الذي شمّله ضمن من يلحون «على المساوة بين الإرهابيين والمقاومين»، بما يوحي أنه يشير إلى موقف الحزب من دخول حزب الله في أتون الأزمة السورية، والذي سبق للحزب أن عالجه في سياقه عشرات المرات، مشدداً على أن حزب الله تدخل لاحقاً بهدف محدد بعد دخول الإرهابيين والتكفيريين، وأنه بغض النظر عمن تدخل أولاً، فالمطلوب لإيجاد حل ناجز للأزمة خروج الجميع.. اللهم إلا إذا كان حتر ومن على شاكلته، يدعو لبقاء الحزب الله وغيره بعد حل الأزمة بالمنطق السياسي والبرنامجي لحزب الإرادة الشعبية الوارد أعلاه..!؟
كما ويبدو أن حتر المتوجس من فكرة التغيير الجذري والعميق والشامل في بنية النظام، إنما يريد أن يصطف السوريون وهمياً، إما خلف النظام، «بطل الفرص الضائعة» والذي يتحمل مسؤوليته الأساسية في مسببات الأزمة ومآلاتها، أو خلف المعارضة الخارجية التي تثبت أنها تعمل بأزرار التحكم بيد واشنطن وحلفائها، وتتحمل مسؤوليتها هي الأخرى في نزيف الدم السوري. وتراه يتعمد الحديث عن معارضة خارجية وداخلية بالمعنى الجغرافي في الوقت الذي يتطلب فيه الخروج من الأزمة وبناء دولة قوية في البلاد حدوث الفرز في صفوف المعارضة على أساس وطني أو لاوطني استناداً إلى برنامج متكامل سياسياً واقتصادياً اجتماعياً وديمقراطياً، يترك للسوريين حق اختياره أو معارضته عبر صناديق الاقتراع النزيهة والشفافة حصراً، التي لم تعرفها سورية بتاريخها الحديث.
وضمن هذا الاصطفاف الوهمي الذي ينشده، من جهة، وضمن تجاهله المتعمد لحقيقة أن أمين حزب الإرادة الشعبية أقيل من الحكومة ولم يستقل، من جهة أخرى، يكرر حتّر عزفه على مقولته هو تحديداً دون غيره من «تخلي قدري جميل عن موقع رجل الدولة»..! وكأن أخذ الصور مع رؤساء الدول، كحالة، أو الوجود في الحكومة أو المشاركة فيها، كحالة ثانية، هو من يصنع رجال الدولة، وليس الاستناد إلى منظومة معرفية متسقة والنضال السياسي اليومي والالتصاق بهموم الناس والدفاع عن مصالحهم وطرح البرامج بناءً عليه! وإذا كان الوجود الوزاري هو المحدد الوحيد، فليعدد لنا السيد حتر عدد «رجال الدولة» في سورية أو في بلده الأردن التي يصنف فيها مليكه يسارياً بالمعنى الاقتصادي الاجتماعي ويكتفي «بنصحه» للانتباه لمغبة تورط الأردن في التحضير «للجيب العميل» الذي انطلق من الحديث عنه..! ليتحفنا بالنهاية بإعادة اختراعه للعجلة، كهاملت المستيقظ متأخراً: إنها حرب كونية..!!!
ويبدو أن السيد حتر من خلف إطلاقه وابلاً من القنابل الدخانية «اليسارية»، وإصراره السطحي على شخصنة الأزمة السورية ومخارجها، يريد خطب ود متشددي النظام وإيهامهم أكثر فأكثر بانعدام الجدوى من جنيف، وليس تثبيته، أي إبعاد أفق الحل السياسي، وترك السوريين وجيشهم بانتظار إطار آخر غير موجود بعد، أي أنه هدف استمرار الاستنزاف نفسه الذي يسعى له كل الغرب وأجهزته الاستخباراتية منذ بداية الأزمة لليوم، وهو بهذه الحالة إنما يكرر بشكل هزلي وعلى قياسه سلوك مليكه الراحل في أيام حرب العراق، متسبباً في حينه بزيادة توريط العراق في أزماته التي أدت إلى الغزو والاحتلال.
ولكنها مهزلة فعلاً بعد كل ذلك أن يأتي من اعتبر أن خروج الأردن من اتفاقية وادي عربة المذلة مع الكيان الصهيوني ليس أولوية اليوم بالنسبة للشعب الأردني وقضايا المنطقة ليعطي الآخرين دروساً في الوطنية، ولاسيما لحزب يستند لتاريخ عريق اسمه «الإرادة الشعبية» وهو أحد مؤسسي جبهة اسمها «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير»..!
أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية
عن موقع قاسيون