د. جميل للفضائية السورية: سورية الجديدة تتضمن علاقة جديدة بين المجتمع والدولة
أجرى التلفزيون العربي السوري على قناته الفضائية مساء الأحد 1/9/2013، لقاءً موسعاً مع الرفيق د.قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية، والنائب الاقتصادي في سورية، تناول مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي في سورية ومحيطها الدولي في ظل التهديدات بشن عدوان أمريكي عليها. وفيما يلي أبرز ما جاء في اللقاء:
هل نحن أمام عدوان أم ضربة عسكرية، ما انعكاس ذلك على سورية، والمنطقة و«إسرائيل» والعالم، وهل سيكون هناك رد أم سيجري امتصاص هذا الموضوع بناءً على توجيهات سياسية من هنا وهناك، من الأصدقاء والخلّص؟
لا أعرف ما هو الفرق بين الضربة والعدوان، أليست الضربة العسكرية عدواناً؟ هناك أشكال عديدة للعدوان، فالحرب هي عدوان كما حصل في كل من ليبيا والعراق، والضربات العسكرية المحدودة كما حدث في يوغسلافيا هي عدوان، وما كان يجري الحديث عنه بالنسبة لسورية هو عدوان أيضاً. لذلك ورغم تعدد أشكال العدوان إلا أنه واحد، فالعدوان هو الاعتداء على السيادة الوطنية وهو محاولة لاستمرار الهيمنة الاستعمارية الإمبريالية في عالمنا اليوم.
إن العالم في هذه الفترة منشغل بالمسألة السورية وبالموقف الأميركي الذي صدر على لسان أوباما بالأمس، وهنا أعتقد أن الوصول إلى العمق مهم جداً لنفهم هذه الظاهرة، لأننا إذا لم نفهم من أين أتى موقف أوباما فلن نفهم إلى أين يتجه.
ما سبب ضبابية الموقف الأميركي، هل هناك أسباب داخلية وخارجية لها، أم أنها تعود إلى متغيرات في الصراعات التي تحكم اللوبي الغربي؟
هناك أسباب ذاتية وأخرى موضوعية يجب أن نقف عندها بشيءٍ من التفصيل لأنه ومن خلال فهمنا لها، نستطيع أن نفهم الحالة ككل بالإضافة لفهم الأمور واحتمالات تطورها اللاحقة. علينا أولاً أن نأخذ بعين الاعتبار أن أميركا محكومة بالتراجع، أنا شخصياً من محبي الفكرة التي طرحها الأديب الراحل سعدالله ونّوس في المرحلة التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي وأثناء فترة التراجع العامة حيث قال: «إن ما يحدث ليس نهاية التاريخ، ونحن محكومون بالأمل»، وأعتقد بأنه لو كان حياً اليوم لكان أعاد صياغة الفكرة بحيث تصبح: «إن ما يجري اليوم هو بداية التاريخ، ونحن محكومون بالانتصار» أي أن الوضع في العالم بعد عشرين عاماً قد تغيّر تماماً، فما الذي تغيّر؟
الأمريكيون كرأس للإمبريالية العالمية هم في أزمة عميقة، وهم في طور تراجع، وأزمتهم هذه هي أزمة داخلية اقتصادية مستمرة، لذلك فما نراه اليوم هو طور من أطوار التراجع الأميركي الذي بدأ منذ فترة ولم يكن ظاهراً على السطح، أما الآن فقد بدأنا نرى تجليّاته المختلفة. وهذا التراجع هو على صعيد القوى الاقتصادية أولاً، والسياسية ثانياً، والعسكرية ثالثاً. هناك مثال تاريخي أحب التذكير به دائماً وهو أن الإنجليز والفرنسيين دخلوا الحرب العالمية الثانية باعتبارهم القوى الأولى عالمياً ومن ثم فقدوا هذا المركز بعد انتهاء الحرب، حيث ذهب المركز الأول إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي، لكن أياً من الإنجليز والفرنسيين لم يقتنعوا بهذه الخسارة إلى أن أتى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وما تلاه من هزيمة لهم. أي أنهم عاشوا حالة إنكار بالمعنى «الفرويدي أو النفسي» للواقع الجديد استمرت لمدة أحد عشر عاماً. أي أنهم وبعد أن اعتادوا على لعب الدور الأول في السياسة والتاريخ العالميين على مدى عقود وربما قرون، وجدوا فجأةً أن دورهم أصبح ثانوياً، وهذا أمر صعب فعلاً، وأعتقد أن الولايات المتحدة اليوم مصابة بذات المرض، ولاسيما مع صعود القوى الدولية الجديدة وفي مقدمتها دول «البريكس» وعلى رأسها روسيا والصين، وبعد الفيتو الروسي الصيني المزدوج الأول والثاني والثالث، حيث بات بإمكاننا القول أن القطب الأوحد قد انهار وبأن هذا المشروع الذي عمل الأمريكيون على تكريسه في الفترة التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي قد تبخّر.
ما رأيك بالموقف الأخير الذي صدر عن وزير الخارجية الروسي لافروف حين قال بأن روسيا لن تتدخل عسكرياً؟
أولاً الموقف الروسي موقف مبدئي وثابت، أما بالنسبة لتصريح لافروف، فقد أراد من خلاله أن يحصّن الموقف الروسي للعمل ضد التدخل الأميركي، وقد نجح بذلك إلى حد كبير بدليل الحشد العالمي المتزايد والرافض للعدوان الأميركي المحتمل، وقد تلخصّت إحداثيات هذا الحشد بالتالي: أولاً، انقسام عميق في الأوساط الغربية، وفي هذا الإطار فإن ما جرى من تصويت في مجلس العموم البريطاني ضد أي اعتداء على سورية هو أمر هام جداً.ثانياً، معظم الحكومات الأوروبية الأساسية والوازنة- ما عدا فرنسا- لن تشارك في العدوان المحتمل. ثالثاً، تصاعد الحملة الشعبية الرافضة للعدوان في أميركا والبلدان الأوروبية.
وهذه عوامل هامة جداً ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
لذلك، فعندما صرّح لافروف بأن بلاده لن تتدخل، فقد كان يقصد بأن روسيا لن تسمح لأحد بالتدخل، وقد أثبتت الوسائل السياسية الرادعة لمنع التدخل نجاعتها ليس فقط في منع العدوان، بل بالحفاظ على السلم العالمي أيضاً، أما بخصوص ما أثير حول هذا التصريح، فقد كان الغرض منه إدخال روح الشك بالموقف الروسي الثابت.
هل ما زالت أميركا تقود العالم؟
العدو اليوم يتراجع، وعندما يتراجع العدو عليك أن تتقدم، وأنا هنا لا أقصد سورية فقط بل كل البلدان التوّاقة للحرية والعدالة والسلام، وهناك فرصة تاريخية اليوم أمام هذا البلدان لأخذ زمام المبادرة، ولكي تعود حركات التحرر والسلم والديمقراطية في العالم إلى الصعود، ونحن- لحسن حظنا - نشهد الخطوات الأولى بهذا الاتجاه.
هل ننعى الضربة الأميركية، أم ما زلنا ننتظر قرارات الكونغرس؟
عندما شاهدت تصريحات أوباما، تبيّن لي بأنه لا يعرف ماذا يريد، لأنه كان يتحدث عن الضربة قبل يومين أما الآن فقد انتقل ليقول ربما غداً أو بعد أسبوع أو بعد شهر. وأظن أنه في وضع صعب للغاية كونه يواجه مقاومة شديدة داخل مؤسسته وبلده وبين حلفاءه، وبالتالي فهو مضطر للتراجع. وهنا أريد أن أشير إلى أن احتمال الضربة قد تراجع ولكنه لم يُلغ، ومن الممكن أن تتطور الأمور ويعود هذا الاحتمال للارتفاع. المسألة متعلقة بحسابات الأميركيين وهم كما ذكرت براغماتيون وعمليّون جداً لذا فسوف يقومون بإجراء حساباتهم على قاعدة الربح والخسارة. والسؤال المطروح هو في حال أراد الأميركيون القيام بالضربة، فما هي الخسائر وما هي الأرباح الناجمة عن هذا العمل؟
لقد صرّحت سورية بأنها سترد دفاعاً عن سيادتها الوطنية، وفي حال تمت الضربة واستخدمت سورية حقها بالرد، فإن ذلك سيضع الإقليم بأسره أمام احتمال حرب شاملة، ومن يضمن ألا تتحول هذه الحرب إلى حرب عالمية، ومن يعلم النتائج النهائية لهذه الحرب فيما لو حصلت على الأميركيين؟ باختصار، فإن الدخول في هذا الموضوع ليس كالخروج منه، وعلى الأميركيين أن يفكروا ملياً قبل الدخول فيه خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار توازن القوى الدولية الذي يميل لغير مصلحتهم، والأزمة الاقتصادية العميقة التي يعيشونها، وازدياد منسوب التوتر الاجتماعي- السياسي في الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية. بناءً عليه، فلا أعتقد أن لهم أي مصلحة بالقيام بخطوة من هذا النوع بالنظر إلى الخسائر الكبيرة التي سيتكبدونها والتي ستفوق الخسائر المترتبة على تراجعهم عن خيار الضربة العسكرية، وأعتقد أن الصراع والنقاش الدائر حالياً في الأوساط الغربية الحاكمة يتمحور حول هذه النقطة.
لكن ورغم ما سبق، فعلينا ألا نتوهم، فهم لم يتخلوا عن أهدافهم التي كانوا يسعون للوصول إليها بهذا الشكل أو ذاك، واليوم يدور الحديث حول كيفية الوصول إلى ذات الأهداف لكن بوسائل مختلفة على اعتبار أن الوسائل المباشرة والعنيفة لم تعد تحقق هذه الأهداف. وبالتالي فإننا أمام واحدة من أكبر المعارك السياسية في التاريخ الحديث حول مستقبل سورية والمنطقة الذي يتغير أمام أعيننا، وينبغي أن نكون مستعدين لها.
(..) إن انعقاد جنيف يمثّل انهياراً لجميع مخططات التدخل الخارجي. وجنيف هو بداية الحل، حيث أن مهمة جنيف تتلخص بالتمهيد للحوار الذي سيجري في سورية والذي سيتم بين كل السوريين بفئاتهم السياسية لأننا بحاجة لحوار جدي لكي نصيغ مستقبل دولتنا، ولكي يتم هذا الحوار، علينا أن نوقف التدخل الخارجي، وبالتالي فكلما سرعنا عملية إيقاف التدخل الخارجي، كلما اقتربنا من الوصول إلى مخرج آمن من الأزمة، وفي هذا السياق فإن المهمة الأولى والأساسية لجنيف هي إيقاف التدخل الخارجي، وفي حال تم هذا الأمر فسيصبح حل كل ما تبقى من مسائل أمراً سهلاً بين السوريين وهنا أقصد جميع السوريين، معارضين أو موالين، ومسلحين وغير مسلحين، وهم قادرون على ذلك كما أنهم قادرون على اقتلاع المسلحين غير السوريين من جذورهم ورميهم خارج سورية.
لماذا لا ترى بعض معارضة الخارج هذه الصورة الشفافة التي رسمتها؟
أولاً، من غير الصحيح استخدام مصطلح معارضة الداخل ومعارضة الخارج، لأن هناك وطنيون في الخارج كما هناك لا وطنيون في الداخل. هناك معارضة وطنية ومعارضة غير وطنية، المعارضة غير الوطنية هي تلك المعارضة التي كانت تريد أن تأتي إلى السلطة على أسنّة حراب الأجنبي، إلا أن وجود مثل هذا المعارضة لا يعني بأننا لا نريد التغيير الديمقراطي والجذري والعميق في سورية، فالمعارضة الوطنية تعمل من أجل تغييرات عميقة في بنية الدولة وبنية المجتمع والعلاقة بينهما وهذا حق للسوريين وهم يستحقون التغييرات الديمقراطية الجذرية والديمقراطية والشاملة التي ستحسن أوضاع البلاد. أما بخصوص المعارضة غير الوطنية التي تسعى لاستدعاء التدخل الخارجي، فهي مقطوعة الجذور في الداخل عملياً وليس لها وزن فعلي لأنها لو امتلكت هذا الوزن، لما كانت لجأت لاستدعاء التدخل الخارجي.
ولكن ألا تتفق معي أن الرأي المطروح من خلال ما نتابع أن مجلس اسطنبول أو الائتلاف هي أدوار وأسماء وهمية أطلقت هنا وهناك.. الفرنسيون اختاروا برهان غليون، الأكراد اختاروا سيدا، الليبراليون اختاروا هيتو، السعودية اليوم تختار جربا والعشائر وكأننا نبحث عن شروحات وتقسيمات وإضافات أخرى وعن شق الصف؟
المشروع الأمريكي للديمقراطية هو عودة إلى مكونات ما قبل الدولة الوطنية، أما المشروع الوطني للديمقراطية هو ديمقراطية وطنية مبينة على أساس التيارات السياسية الموجودة في المجتمع السوري، المشروع الأول يعني وضع الأساس لتفتيت المجتمع السوري، اي الفوضى الخلاقة، في حين أن الوحدة الوطنية لا يمكن الحفاظ عليها من خلال ديمقراطية مكونات ما قبل الدولة الوطنية. وإن العاملين الذين يحافظان على الوحدة الوطنية في البلاد هما الجيش العربي السوري والأحزاب العابرة للأديان والطوائف والقوميات.
وأعتقد أن على الدولة الوطنية تأمين الحاجات الأساسية للمواطن، وإلا فإن المواطن سيشعر باغترابٍ شديدٍ في وطنه، وهذا الاغتراب قد يشدّه إلى ما وراء الدولة الوطنية وهذا ما جرى عملياً خلال العقود الماضية، لذلك لا يمكن فصل مفهوم الدولة الوطنية عن مفهوم السياسات الاجتماعية- الاقتصادية التي تقع على عاتقها مهمة توطيد الوحدة الوطنية، أي أن السياسات التي تزيد الإفقار والبطالة لا تتسبب فقط بهجرة الإنسان إلى خارج بلده، بل إنها تجعله مغترباً وهو في وطنه، وعندها يصبح من الممكن استخدام هذا الإنسان بأشكال مختلفة، وبالتالي فإن المهمشين في المجتمع السوري تحولوا إلى حطب قابل للإشعال من قوى خارجية. المشكلة عندنا هي سورية الأصل بالدرجة الأولى، وهو ما استغله الخارج، لذا فإن أي حل في المستقبل يجب أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار عبر صياغة النموذج الاقتصادي الاجتماعي المطلوب والذي يوطّد الوحدة الوطنية عبر تخفيف الفوارق الاجتماعية من خلال الوصول إلى أعمق عدالة اجتماعية كما نصّ على ذلك الدستور الجديد.
ما هي رؤيتكم للتكاليف المترتبة على الأميركيين في حال نفذوا تهديدهم بشن اعتداء عسكري، وهل من الممكن أن تساهم هذه التكاليف في تقليل فرص هذا العدوان؟
أعتقد أن المنظومة الرأسمالية العالمية تاريخياً مبنية على مبدأ أنها كلما دمّرت أكثر كلما عاشت أكثر، هذا وقد قال أحدهم في القرن التاسع عشر بأن الحرب هي الرئة الحديدية التي تتنفس من خلالها الرأسمالية، وقد تضخمت هذه الرئة بشكل كبير خصوصاً في النصف الثاني من القرن العشرين، فوفقاً لمختصين أميركيين فهناك 240 ألف مؤسسة إنتاجية وغير إنتاجية تخدّم البنتاجون داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن الرئيس الأميركي السابق آيزنهاور الذي قاد قوات الحلفاء قام بالتحذير من خطر المجمّع الصناعي العسكري الأميركي على الديمقراطية، وإذا قمنا بنظرة سريعة إلى المسؤولين الاميركيين من رؤساء ووزراء خارجية ودفاع، سنرى بأنهم كانوا في السابق مدراء في هذا المجمّع الصناعي العسكري الذي يقوم بإرسالهم إلى هذه الوظائف في الدولة، وعند انتهائهم منها يعودون إلى المجمّع ذاته. لذلك فهناك تداخل هائل بين المؤسسة الصناعية العسكرية وبين إدارات الدولة، أي أن الرأسمالية اليوم أصبحت- وبسبب بنيتها- تعمل على خلق طلب على الأسلحة وهذا الطلب على الأسلحة يعني الحروب.
لقد كانت الولايات المتحدة خلال الفترة ما بين عام 1991 - 2010 قوة عسكرية كبيرة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. لكن ورغم هذا، فقد كان لهذه القوى حدود معينة، وقد اتضحت هذه الحدود في حرب العراق التي فشل الأميركيون عملياً في كسبها، كما لم يستطيعوا أيضاً تحقيق مخططهم الاستراتيجي بالسيطرة على المنطقة عسكرياً. بمعنى آخر فإن العدوانية الجينية التي تمتلكها هذه المنظومة غير قابلة للتغير ولا سبيل لإيقافها سوى عبر ردعها من قوى أخرى، وهذه القوى قد ظهرت خلال الفترة الأخيرة، من هنا فإن الموضوع صعب ومعقّد جداً، لأن الأمور قد تتطور إلى صراع عالمي دون أن ننسى بأن هذه القوى العالمية هي قوى نووية.
كيف قرأتم تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة والتي وصف من خلالها حديث أوباما «بالهراء»، وما سبب استخدامه هذه الطريقة في التعبير؟
أعتقد أن بوتين استخدم هذه اللهجة لأن السماح للأميركيين بتنفيذ عدوان على سورية بهذا الشكل يهدد الأمن الوطني الروسي، ومن الجدير بالذكر أن روسيا نفسها كانت مهددة في الفترة التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي، ولولا أنها استعادت دورها وانتعشت اقتصادياً لكانت مهددة بالتقسيم من الولايات المتحدة. بمعنى أن الصراع في منطقتنا هو خط دفاع هام جداً بالنسبة للأمن الوطني الروسي، أي أنه عندما يقوم الروس والصينيون بالدفاع عن القوانين والمواثيق الدولية فيما يخص سورية، فإنما يقومون بالدفاع عن أنفسهم. وبالتالي فإن الأميركيين وفي حال انتصارهم في منطقتنا، فسيصبحون قاب قوسين أو أدنى من الحدود الروسية ولا سيما منطقة القفقاس التي سيتمكنون عبرها من إشعال لهيب التفتيت داخل روسيا نفسها.
ما رأيكم بموضوع التصويت في الكونجرس الاميركي؟ وإلى أين سيقودنا هذا الأمر؟
أعتقد أن الوضع في الكونجرس الأميركي سيكون أكثر تعقيداً مما حصل في مجلس العموم البريطاني، ومن الصعب التنبؤ حالياً بمآلات النقاش الذي سيجري داخله، أعتقد أننا سنرى ثلاثة مواقف في الكونجرس الأميركي وليس موقفين فقط كما حدث في مجلس العموم البريطاني (مع/ضد). الموقف الأول سيكون ضد الحرب وأصحاب هذا الموقف هم العاقلون في الولايات المتحدة والذين يعلمون بأن مصلحة أميركا تتنافى مع التدخل بسبب ضعف إمكانياتها وستورطها وتجارب التاريخ القريب والبعيد منذ فيتنام إلى ليبيا تثبت ذلك، وبالنسبة للطرف الثاني فهو الطرف الذي يريد التدخل والذي يتفق مع أوباما. اما بالنسبة للطرف الثالث، فهم أولئك الذين يفوقون أوباما تطرفاً حيث أنهم لا يريدون ضربة محدودة باعتبارها إهانة لهم ويطالبون بالقيام بضربة واسعة إلى أقصى حد ممكن. وبالتالي فأعتقد أن الأكثرية تقف ضد الضربة المحدودة والسؤال هنا: هل سيتحالف أصحاب الضربة المحدودة مع أصحاب الضربة الواسعة، أم أن كلاً من أصحاب الضربة الواسعة من جهة ورافضي الضربة بكل أشكالها سيصوتون ضد الضربة؟ هذا ما سنراه خلال الأيام القادمة. ولكن المطلوب هو استمرار سورية بجاهزيتها، واستمرار تنسيقها مع أصدقاءها، واستمرار رفع وتيرة التصدي شعبياً وسياسياً لهذه الضربة في الغرب إضافة لاستمرار انقسام مواقف الدول الأوروبية من الضربة، كون الفضاء السياسي الأوروبي الغربي يعيش حالة اهتزاز.