الشعب يريد «فريق اقتصادي»؟
ظهر توصيف «فريق اقتصادي» في سورية لأول مرة في مرحلة حكومة ناجي عطري، للإشارة إلى ذلك التيار المنسجم فكرياً وسياسياً الذي وُجد داخل تلك الحكومة وعلى حواشيها، والذي تبنى النهج الليبرالي الاقتصادي، ..
ودأب على تنفيذه.
ولم يشكل ذاك الفريق هيئة أو لجنة محددة في حينه، إنما ضم بعض المفاصل الأساسية في دائرة اتخاذ القرار الاقتصادي، كالنائب الاقتصادي عبد الله الدردري، ووزراء المالية والاقتصاد، وحاكم مصرف سورية المركزي، الذي لا يزال في موقعه حتى يومنا هذا، وبعض رموز غرف التجارة والصناعة في المحافظات الأساسية الكبرى، يضاف إلى كل هؤلاء بعض رموز الفساد الكبير في داخل جهاز الدولة وخارجها..
توحدت إرادة أعضاء هذا الفريق حول العديد من التوجهات الاقتصادية، كالتوجه غرباً، أي السعي لاستقدام الاستثمارات الخارجية، بشكل أساسي من أوربا وتركيا ودول الخليج. والعمل على خصخصة القطاع العام، وتنشيط القطاع الخاص الريعي على حساب القطاع العام والقطاع الخاص المنتج. ورفع الدعم عن أسعار المحروقات ومستلزمات الزراعة..آلخ. الأمر الذي أدى إلى نتائج اقتصادية كارثية، سواء على مستوى تراجع دور الدولة الاقتصادي، أوعلى المستوى المعاشي للمواطنين. بحيث لعبت هذه النتائج دوراً أساسياً في انفجار الأزمة التي نشهدها اليوم.
ولا تزال سياسات الفريق الاقتصادي الراحل سارية المفعول حتى يومنا هذا، وذلك بالرغم من التوجه الاقتصادي الجديد للحكومة الحالية، الذي حددت ملامحه في بيانها، وأبرز تلك الملامح التوجه شرقاً، والاستمرار بالدعم. والسبب الأساسي في ذلك هو في غياب وجود فريق اقتصادي اليوم، بمعنى غياب وجود ذلك التيار الموحد نظرياً وعملياً حول التوجه الاقتصادي الجديد. ففي واقعنا الحالي يوجد مسؤولون اقتصاديون، بعضهم يمثل التوجه الاقتصادي الجديد، وبعضهم لا يزال يمثل التوجه القديم. بمعنى أدق يوجد اليوم في الحكومة وحولها فريقان اقتصاديان يتصارعان، لا فريق واحد.
هذا الانقسام في التوجه الاقتصادي يؤدي فعلياً إلى استمرار السياسات الاقتصادية للفريق الاقتصادي الراحل بحكم العطالة، ويعيق تطبيق التوجه الجديد.
لذا فالاقتصاد الوطني اليوم أحوج ما يكون إلى تطهير القرار الاقتصادي من بقايا الفريق الاقتصادي الراحل، من وكلاء الفساد الكبير