ليس بينكم وبين حجاب من حجاب

ليس بينكم وبين حجاب من حجاب

بداية، لست من المثقفين العرب (وخاصة القوميين البحت) الذين يكيلون المديح للنظام في سورية، كما اعتادوا، وأعتقد أن النقد هو نضال حقيقي، وربما هذا الفارق بين المثقف والمثقف النقدي المشتبك.
تتفاقم الأزمة الاقتصادية (النقدية) خاصة في سورية  يوماً بعد يوم. وهي تشكل الحلقة الجديدة في استلال أدوات جديدة لتدمير الدولة بكاملها. ولكن السؤال الاجتماعي الطبقي وحده الذي يفتح الباب على فهم هذه الهجمة، بمعنى: إن أي خراب داخلي لا يمكن أن يؤثر ما لم تكن هناك قوى اجتماعية، طبقية تحديداً، تقف وراءه وتخدمه بل وتنخرط فيه. وفي الحالة السورية فإن التخريب الاقتصادي هو فعل تقوم به شرائح طبقية تبدأ من أجنحة في النظام متمكنة ومتمترسة ولها كما يبدو تشعباتها وصولاً إلى بعض البروليتاريا الرثة. لقد كتبت في نشرة كنعان الإلكترونية مقالة طويلة (السنة الثالثة عشرة العدد 3248، 10 تموز 2013) بعنوان: «الاقتصاد السوري من وصفات الأكاديميا إلى الحماية الشعبية». وملخص المقالة أن على الدولة أن تمسك بالاقتصاد تماماً، وأعتقد أن أي تردد في هذا السياق يكشف بأن السلطة الحالية تخشى من التوجه الاشتراكي حتى لو كان هو الحل، ولهذا معانيه الطبقية الواضحة، بل مخاطره. قبل أيام التقيت بصديق زار سورية وقال لي: «أنا سمعت من الرئيس الأسد بعد بدء الأزمة بستة أشهر حيث قال ونحن نزوره: «خيارنا هو الاشتراكية»». ولا شك أن السلطة في سورية إضافة إلى وجود شرائح طبقية من الكمبرادور الموجه للخارج كمستورد وكخصم طبقي لقطاعات الإنتاج المحلية، والفاسدين كمنفذين لمصالح الكمبرادور على الأرض سواء بالهجوم بالعملات الأجنبية، وخاصة الدولار على الليرة السورية، ناهيك عن أدوار أخرى لهم/ن، وكذلك المضاربين على العملات والطفيليين، لا شك أن هذه الشرائح تشكل غطاء مقصودا أو غير مقصود لفوضى اللصوصية والبلطجة والخوات... الخ. ويبدو أن أنواع الفلتان في سلطة أوسلو- ستان أقل منها في سورية. ذات مرة سمعت الرئيس السوري يقول، وخاصة بعد هروب حجاب (رئيس الحكومة الفار): «إن الباب مفتوح لمن يريد مغادرة سورية» ويبدو أن ذلك كان تلافياً للدخول في صراع مع هذه الشرائح الخطرة وخاصة التي منها في السلطة، وربما هذا ما حول شعار التوجه شرقاً، إلى مجرد دغدغة ليس أكثر. ولكن هذه الشرائح لدرجة تمكنها في البلد وجدت بأن عليها البقاء حفاظاً على ما نهبت. فما من طبقة تتخلى عن مصالحها ومنها مسروقاتها ببساطة سواء سلطة سياسية أو سلطة اقتصادية تحديداً. وما يدور في مصر يعطي درساً جديداً في هذا الصدد، بمعنى أن تحرير الأموال المسروقة– كما قال لينين– للبلاشفة قبل إشعال الثورة: «إسرقوا الأموال المسروقة»، وهنا نقول حرروها،  طبعاً يقول بوخارين حين نطق لينين بهذا: وقف شعر رؤوسنا؟ كيف نكون لصوصاً، ولكننا أدركنا بعدها أننا جميعا مسيحيون وهو وحده الشيوعي. لذا، أعتقد أن من المفيد للنظام في سورية، وتحديداً للنهج المقاوم والجذري الذي يرى في «ديكتاتورية طبقية للطبقات الشعبية/ ديكتاتورية حربية» ضرورة حياتية لا بد أن يقوم بالإمساك بمختلف مفاصل الاقتصاد من التصدير، للبنك المركزي، إلى الاستيراد، إلى التسويق المحلي، إلى منع التعامل بالعملات الأجنبية وحتى إن أمكن إصدار ليرة جديدة. أما لتمفصلات حجاب فلا بد ان يُقال لهم ليس بينكم وبين اللحاق بحجاب أي حجاب. أيها الرفاق، حفظاً للعشرة القديمة، اخرجوا كي لا نضطر للحرب الطبقية معكم فنُدخلكم/ن... إلى...