كيف نواجه قوى الإرهاب والتكفير؟
لدى الحديث عن الحل السياسي والدعوة إلى ضرورة الإسراع به، تقيم بعض أوساط الموالاة الدنيا ولا تقعدها، بداعي أنه لايمكن التفاهم مع قوى الإرهاب والتكفير بالحلول السياسية.
لاشك أن قوى التكفير واضحة في طرحها، وهي بدورها ترفض الحديث عن أي حل سياسي، وهي إلغائية إقصائية، وطائفية، ومرتبطة مباشرة بالخارج تمويلاً وتدريباً، وأغلب قياداتها غير سورية، وبالتالي فإن إمكانية التفاهم معها في إطار حل سياسي أشبه بالمستحيل، ومما لاشك فيه أيضاً أن هؤلاء ليسوا ضمن الحل السياسي المنشود الذي يجري الحديث عنه وتتم المطالبة به، فالمعني بهذا الحل من المسلحين هم المسلحون السوريون حصراً، وبغض النظر عن الخطأ الفادح الذي وقع فيه هؤلاء برفع السلاح فإن أغلبهم وطنيون دفعتهم ظروف معقدة إلى مثل هذا الموقع، الذي اشتغلت عليه قوى عديدة داخلية وخارجية، وحاولت شرْعنته مستفيدة من السلوك الاستفزازي لبعض الأجهزة الأمنية تجاه الحراك السلمي في البدايات، وسلوك الميليشيا المسلحة التي شكلتها قوى الفساد، بالإضافة إلى حالة الاحتقان المزمنة التي عانت منها شرائح اجتماعية واسعة وخصوصاً في الريف وأطراف المدن عانت من الفقر والبطالة والتهميش.
إن الظروف الموضوعية متوفرة اليوم، لكي يضع هؤلاء السلاح جانباً، والوقائع الملموسة في العديد من المواقع تقول بحصول مواجهات بين هؤلاء المسلحين السوريين، وقوى الإرهاب والتكفير القادمة من الخارج، وعليه فإن هؤلاء وفي الحال الشروع بحل سياسي جدي وحقيقي، من الممكن تماماً أن يكف قسم كبير منهم عن العمل المسلح، وبذلك فقط يمكن تحجيم دور الجماعات الإرهابية التكفيرية وعزلها، وبالتالي يمكن للجيش العربي السوري أن يتفرغ لمهمته المباشرة في مواجهة قوى الإرهاب والتكفيرهذه، وبمعنى آخر إن الحل السياسي الذي يجري الحديث لايقصد منه اطلاقاً التفاهم مع هؤلاء بل بالعكس تماماً، هو عامل مساعد وضروري للقضاء على تلك العصابات الإرهابية المسلحة.
لا يكفي هذه الأوساط الموالية أن تتحدث عن خطر الإرهاب فقط- وهو قائم بالفعل- بل ما هو أهم من ذلك يكمن في اتباع السياسات وتوفير الأدوات الضرورية الكفيلة بإلحاق الهزيمة بها، ويأتي في مقدمها التفريق بينها وبين المسلحين السوريين، فليس من المفيد إطلاقاً إطلاق صفة التكفيرين على كل المسلحين كما تعمل هذه الأوساط المتشددة من الموالاة، لأنه بذلك توسّع من حيث تدري أو لا تدري جبهة العدو القادم تحت ستار الدين، كما أنه من الضروري استثمار المزاج الجماهيري المتصاعد ضد التسلح بشكل عام وخروج مظاهرات جماهيرية في العديد من المواقع ضد الجماعات المسلحة وذلك لايكون إلا من خلال الشروع بالحل السياسي الحقيقي.