فشل مشروع حجب الثقة عن النائب الاقتصادي
كلمة الرفيق جمال عبدو عضو رئاسة حزب الإرادة الشعبية من كتلة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير في مجلس الشعب
السيد الرئيس... السادة الزملاء والزميلات
إذا كان من حق أي عضو في مجلس الشعب القيام باستجواب أي وزير والحكومة مجتمعة، فإن حق الاستجواب يجب أن لا يستخدم على طريقة «كلمة حق يراد بها باطل».
بداية لابد من التأكيد على أن توقيت الاستجواب لم يأتي صدفة بل جاء استكمال لهجوم بالتتابع في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بما فيها الالكتروني على نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
واللافت للموضوع أن غالبية «المتشدقين» اتجه عن عمد نحو شخصنة المسؤولية حتى وإن وضعوها في إطار ما يسمى بالفريق الاقتصادي، وهو مصطلح غير صحيح في إطار الحكومة الحالية التي تعمل على مواجهة ثلاث عقبات رئيسية وخطيرة:
1) الحصار الاقتصادي الدولي والعربي الجائر على سوريا والذي كان له الأثر الكبير على تعميق الأزمة الوطنية التي تعصف بالبلاد منذ أواسط آذار 2011.
2) الوضع الأمني ـ الميداني وتقطيع أوصال الطرق والنقل بين المحافظات وحتى داخل معظم المحافظات، وزاد في الطين بلّة وصول عدد النازحين في الداخل إلى عدة ملايين يحتاجون للإغاثة والإيواء.
3) استمرار وتفاقم ظاهرة الفساد داخل جهاز الدولة وخارجها، والتي زادت من تعقيدات الوضع الاقتصادي عن ما كان عليه من سوء قبل الأزمة.
من هنا نأكد مجدداً على مقولة «إن المعالجة الجذرية للوضع الاقتصادي تتطلب حلاً سياسياً للأزمة التي تستنزف البلد والبشر وتهدد وحدة سورية أرضاً وشعباً».
وكل ذلك لا يعني الرضوخ وعدم إيجاد حلول إبداعية للصعوبات وحتى لو مؤقتة لوقف التدهور الاقتصادي والحد من تداعيات الأزمة على المستوى المعيشي للناس، وبالعودة إلى «كلمة حق يراد بها باطل» يبدو أن الزميل طالب الاستجواب قد تناسى في معرض حديثه عن سعر الصرف أن الاقتصاد علم وليس تنجيماً، أي أن سعر العملة محكوم بالعلاقة بين الكتلة السلعة والكتلة النقدية، والزميل المستجوب لا يرى الانخفاض الكبير والواضح في الإنتاج الزراعي والصناعي الذي جرى خلال عامين من عمر الأزمة حتى الآن وكان سبباً في انخفاض قيمة العملة وإضعاف مناعتها، وبنفس الوقت ازدادت الكتلة النقدية وفوقها جاءت المضاربات التي يقوم بها الصيارفة بالتعاون والتشارك مع جهات مصرفية داخل جهاز الدولة، وأما عجز الموازنة بحجم الدعم فتلك حجة «الدردري» تكررها معه اليوم جهات خارج وداخل جهاز الدولة، وبالعودة مرة ثانية إلى «كلمة حق يراد بها باطل» فهناك أداة أخرى يستخدمها الفاسدون لحماية أنفسهم والمضي قدماً في تخريب الاقتصاد السوري من خلال اختلاق عدو وهمي أمام المواطنين متمثل بشخص «النائب الاقتصادي» وفي هذا السياق هناك نمط مبرمج من الهجوم تديره منابر إعلامية لخلط الأوراق وإعاقة الضرورة الموضوعية والوطنية القاضية بمحاسبة الفاسدين خصوصاً بعد صدور قانون العقوبات الاقتصادية الجديد الذي أمّن البنية التشريعة الملائمة لمحاسبتهم.
السيد الرئيس والسادة الزملاء والزميلات:
ليس صدفة أن الزميل طالب الاستجواب لم يذكر في مداخلته أية إشارة لقوى الفساد الكبير التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه ولازالت تعيق الوصول إلى مخرج آمن من الأزمة، إن الفساد اليوم ليس فساداً على شاكلة الفساد قبل الأزمة بل أنه متطور ومضاف إليه فساد الأزمة بكل أشكاله السوداء والتي لا تقف عند التهريب والخطف والقتل وتجارة الأعضاء بل تعداها إلى أنماط أكثر تنظيماً وخطراً، تجارة يديرها كبار تجار الأزمات.
أن معالجة تدهور الوضع الاقتصادي جذرياً غير قابل للتحقيق دون حملة تطهير حقيقية لجهاز الدولة من الفاسدين الذين يعيقون ويمانعون بشراسة وبتكافل وتعاضد وأحياناً عبر أشكال بيروقراطية أكثر وقاحة وتعقيداً، كل خطوة باتجاه الحل ووقف التدهور الاقتصادي والمستوى المعيشي للجماهير الشعبية.
السيد الرئيس والسادة الزملاء والزميلات:
نحن لم نكن يوماً ضد الاستجواب وتوسيع المحاسبة، لا بل إننا نرى في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير أن الجبهة الاقتصادية تتحول إلى جبهة حاسمة في هذه اللحظات، وأن التطورات الحاصلة والضاغطة وغير المسبوقة على معيشة أوسع الجماهير الشعبية تحدث بفعل قوى الفساد في جهاز الدولة المتواطئة مع قوى خارجية، كما أن أداء الحكومة الحالية مجتمعة في هذا الجانب لا يرقى إلى مستوى الضرورات في مجابهة الوضع القائم مما يستدعي اجراءات سريعة وحاسمة تستند إلى برنامج حكومي جديد يأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة وخاصة في الوضع الاقتصادي والمالي.
وهنا نتحدث عن صلاحيات للحكومة تسمح بمعالجة وضع سعر الصرف وضبط سلوك الإدارة المالية وسلوك المصرف المركزي بهدف منع تدهور المستوى المعيشي للسوريين وهذا يتطلب مجابهة منظومة الفساد وآليات عملها لأنها المسؤول الأول ليس عن تدهور سعر الصرف فقط بل عن تدهور الوضع المعيشي للجماهير الشعبية آخذين بعين الاعتبار الاستحقاقات السياسية أمام البلاد والسير باتجاه الحل السياسي.
لسيد الرئيس، السادة الزملاء والزميلات:
إن الهدف العميق من هذا الاستجواب ليس إيجاد الحلول بل إعادة خلط الأوراق والشخصنة وتوجيه السهام ليس إلى عنوانها الصحيح، ومن هنا وضعنا الاستجواب بـ«كلمة حق يراد بها باطل».