خبير صيني: بايدن لن يستطيع إنقاذ النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وسيعود خاوي الوفاض

خبير صيني: بايدن لن يستطيع إنقاذ النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وسيعود خاوي الوفاض

نشرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، الأربعاء 13 يوليو/تموز، مقال رأي لدينغ لونغ الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي الدولية للدراسات، علّق فيها على زيارة بايدن للمنطقة، واصفاً إياها بأنها فاشلة قبل أن تبدأ، وتوقّع أنه سيعود منها «خاوي الوفاض».

وقال لونغ في مقاله: «في مواجهة مثل هذه الانتقادات، كتب بايدن مقالًا ونشره على الواشنطن بوست في 9 يوليو/تموز، في محاولة لإيجاد أعذار نبيلة لزيارته للشرق الأوسط. تعكس هذه الخطوة النادرة الجدل الكبير الذي أثارته الرحلة».

وقال بأنّ «أحد الأسباب الرئيسية لجذب اهتمام رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط هو أن الزيارة تحتوي على العديد من المفارقات».

«أولاً، انحنى بايدن، الذي وعد خلال حملته الرئاسية لعام 2020 بجعل المملكة العربية السعودية «منبوذة»، للواقع واضطر إلى تحديد موعد الزيارة لزيادة إمدادات النفط. وهذا يعني أن مذهب بايدن القائم على (الديمقراطية) ودبلوماسية (القيم) قد انهار».ا

«ثانيًا، جعل بايدن إحياء الاتفاق النووي الإيراني أولوية رئيسية مع دخوله المكتب البيضاوي. عندما توقفت المفاوضات، حث البيت الأبيض الدول العربية على التعاون مع «إسرائيل» لمواجهة إيران. هذه الخطوة ستثير غضب إيران وتعقّد المحادثات».

«ثالثًا، على الرغم من أن إدارة بايدن مصمّمة على تقليص التزامها تجاه الشرق الأوسط، في محاولة للتعامل مع الصين وروسيا، إلا أنها مترددة في فقدان هيمنتها في المنطقة. نتيجة لذلك، تحاول إدارة بايدن زيادة وجودها في الشرق الأوسط من خلال الزيارات وبناء علاقات عسكرية أعمق من أجل الحفاظ على نظام التحالف الشرق أوسطي الهشّ».

«رابعًا، على الرغم من أن بايدن يعتزم زيارة «إسرائيل» وفلسطين، على ما يبدو لتعزيز السلام في المنطقة، إلا أنه تجنب القضية الفلسطينية، وهي السبب الجذري لقضايا الشرق الأوسط. لقد اختطفت «إسرائيل» بالفعل أجندة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط. عندما تم تهميش القضية الفلسطينية، شجعت الولايات المتحدة بدلاً من ذلك على تطبيع العلاقات بين «إسرائيل» وبعض الدول العربية، وتمجيدها على أنها «اختراق سلام» في الشرق الأوسط. هذه الممارسات تضر في الواقع بتحقيق سلام حقيقي في المنطقة».

«قد تبدو جولة بايدن في الشرق الأوسط عالية المستوى ويرغب الرئيس الأمريكي في إبراز القيادة الأمريكية، ولكن على خلفية الصراع الروسي الأوكراني، شهدت المناظر الطبيعية الجيوسياسية العالمية والإقليمية تغييرات جذرية. هذا سيجعل من الصعب على بايدن الوصول إلى هدفه. في النهاية، لن تكون الرحلة أكثر من التقاط صورة».

«بادئ ذي بدء، سيكون من الصعب الوصول إلى هدف زيادة إمدادات النفط. يريد بايدن من منتجي النفط في المنطقة زيادة إنتاج النفط وإمداداته لأوروبا. سيؤدي هذا، من ناحية، إلى تقليل التأثير السلبي للعقوبات الغربية على روسيا، ومن ناحية أخرى، حل مشاكل ارتفاع أسعار النفط والتضخم والاقتصاد ومعيشة الناس. ستجري الولايات المتحدة انتخابات التجديد النصفي في غضون أشهر قليلة وانتخاباتها الرئاسية في غضون عامين. بايدن يريد إعادة انتخابه. لإنقاذ شعبيته، عليه أن يذهب إلى الشرق الأوسط. أما بالنسبة لمصالح حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فهذا ليس في نظر بايدن».

وأضاف لونغ بأنّ «رؤية بايدن لخطة أمنية للشرق الأوسط ستؤدي إلى تكثيف المواجهة بين الكتل الإقليمية. وخلال هذه الزيارة، سيعقد بايدن قمة مع الحلفاء العرب في جدة بالمملكة العربية السعودية وتهدف إلى إقامة (تحالف دفاع جوي للشرق الأوسط) ضد إيران. تحاول الولايات المتحدة تحويلها إلى (نسخة شرق أوسطية من الناتو)».

«ومع ذلك، سيقتصر التحالف على التعاون العسكري الأساسي فقط، وهو أبعد ما يكون عن تحالف عسكري كامل وحقيقي. الولايات المتحدة تستخدمه فقط لإرضاء حلفائها في الشرق الأوسط وللتغاضي عن المطالب الأمنية لهؤلاء الحلفاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن التصورات المختلفة لما يسمى بالتهديد الإيراني بين الأعضاء تحدد أن (النسخة الشرق أوسطية من الناتو) تفتقر إلى الجوهر ومحكوم عليها بالفشل. ومع ذلك، فإن هذا التحالف، الذي هو أكثر رمزية، سوف يوجه ضربة لتيسير العلاقات بين الدول الكبرى في الشرق الأوسط، وقد يجبر دول المنطقة على مسار المواجهة القديم».

ورأى الكاتب الصيني بأنه «من الصعب على الولايات المتحدة إيقاف تدهور نظام تحالفها في الشرق الأوسط. لم تكتف واشنطن بالتشدق بحلفائها في المنطقة، ولم ترضِ مطالبهم الأمنية، وما زالت تتمسك بدبلوماسية حقوق الإنسان، وكلها قوضت الثقة الاستراتيجية للحلفاء في الولايات المتحدة. من الصعب أن تعود علاقة التحالف إلى ما كانت عليه في الماضي».

ولفت إلى أنه «منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، عززت أزمة إمدادات الطاقة الدولية بشكل كبير الاستقلال الاستراتيجي والثقة للدول المنتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية. لم يعودوا يشترون سياسة الولايات المتحدة المنافقة في الشرق الأوسط. أدى الانكماش الاستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط إلى اختفاء وهمهم بحماية الولايات المتحدة. توفر المنافسة بين القوى الكبرى مساحة استراتيجية أكبر لدول الشرق الأوسط، التي أصبحت مصالحها الوطنية أكثر تنوعًا. هذا يحدد أنهم لن ينحازوا إلى جانب بين القوى الكبرى كما طالبت الولايات المتحدة، ولكن بدلاً من ذلك، سيستمرون في الحفاظ على التعاون الوثيق مع الصين وروسيا».

وختم أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغاهاي مقاله بالقول إنّ «دبلوماسية إدارة بايدن في الشرق الأوسط مليئة بالمفارقات. تتم رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط بأسلوب رفيع المستوى، لكن هذا لا يمكن أن يغير حقيقة أنه سيعود خالي الوفاض، ولا يمكن أن ينقذ التراجع الأمريكي في الشرق الأوسط».

 

معلومات إضافية

المصدر:
globaltimes