المؤتمر الصحفي الكامل للدكتور قدري جميل يوم الإثنين 7/12/2020 (بالنص)

المؤتمر الصحفي الكامل للدكتور قدري جميل يوم الإثنين 7/12/2020 (بالنص)

 استضافت وكالة روسيا اليوم مؤتمراً صحفياً للدكتور قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية يوم أمس الإثنين 7/12/2020. وفيما يلي النص الكامل للمؤتمر:

 

 نتيجة «الرابعة» تحديد موعد «الخامسة»!

«عندما وَجَّهت لي إدارةُ المركز الصحفي الدعوةَ لهذا النشاط، ترددتُ كثيراً في قبوله لأنني لم أكن أعلم ما الذي يجب أن أقوله حول نتائج الجولة الرابعة من محادثات جنيف، لماذا؟ لأن النتيجة الوحيدة للجولة الرابعة هي تحديد موعد الجولة الخامسة ولا شيء غير هذا. أي أن اللجنة الدستورية المصغرة ما زالت تدور في مكانها وأنتم تعلمون جميعاً أنه منذ مؤتمر سوتشي الذي اتخذ قراراً بإنشائها مضى عامان طويلان حتى تشكلت. وبعد تشكلها عقدت أربع جولات خلال عام، ولم يتحقق فيها أي تقدم يذكر.

أكرر: القرار الوحيد الذي يمكن اعتباره مفيداً هو قرار تحديد الجولة الخامسة الذي أعلنه السيد بيدرسن في نهاية الجولة الرابعة على أن تعقد الجولة الخامسة في نهاية الشهر الأول في عام 2021. السؤال، ما الذي يمكن قوله عن هذا الوضع؟ لِعِلْمكم فإنَّ منصة موسكو التي أقرَّ بوجودها القرار الدولي لمجلس الأمن 2254، محرومة من حضور جلسات اللجنة الدستورية المصغرة منذ الجلسة الثانية بسبب قرار ظالم وغير قانوني اتخذته هيئة التفاوض بتأثير من هيمنة الائتلاف عليها، هذا القرار مفعوله سارٍ حتى الآن، وتم أخذه بأكثرية غير قانونية من الأصوات. بالمناسبة القرار هو تجميد عضوية أحد رفاقنا، مهند دليقان، في هيئة التفاوض ولم يكن هناك قرار بإبعاده عن اللجنة الدستورية، ولكن تم خداع الأمم المتحدة وإخبارها أنه أُبعد ولم يكن هناك قرار من هذا النوع...

ماذا يمكن أن نقول؟ نحن المُبعَدين؟

لماذا أُبعِدَ مهند دليقان من الجلسة الثانية؟

لسبب بسيط، لأنه اقترح نقل أعمال اللجنة إلى دمشق. وكما تثبت الأحداث فإن دوران اللجنة في مكانها في جنيف أحد أسبابه أن عملها لا يجري في دمشق لأنه لو كان يجري في دمشق لما كانت هذه المماطلة وهذا التسويف وبنهاية المطاف أعتقد أن هذا الأمر سيتحقق، وسيكون أحد الحلول الناجعة لتأمين فعالية عمل اللجنة الدستورية.

 انفصال عن الواقع

نتائج الجولة الرابعة تثبت أنَّ المعارضة والنظام منفصلان عن الواقع؛ هناك شعب بسورية يعاني من كارثة عامة – شاملة – إنسانية – اقتصادية – اجتماعية - سياسية هذه الكارثة تتسارع، وإذا أردنا أن نقيس سرعة الكارثة بسرعة عمل اللجنة الدستورية يمكن أن نأتي بمثال الأرنب والسلحفاة. اللجنة الدستورية تسير بسرعة السلحفاة والكارثة بمختلف جوانبها تسير بسرعة كبيرة، والترياق الوحيد لإيقاف الكارثة هو تطبيق القرار الدولي 2254 الذي تُشَكِّلُ اللجنة الدستورية أحدَ جوانبه الهامّة والتي قلنا عنها سابقاً إنها المفتاح، هي مجرد مفتاح، والذي بمجرد أن يوضع في القفل يمكن أن يَفتح العقدة كلها وأن يبدأ عملياً تخفيفُ الكارثة وصولاً إلى إزالتها. لذلك من يقوم الآن بالمماطلة والتسويف يعرقل حل الكارثة الشاملة التي تعاني منها البلاد وهو يتحمل ذنب ذلك أمام جميع الشعب السوري.

 خطورة استمرار الكارثة

استمرار الكارثة خطير للأسباب التالية: 

1- هناك تقسيم أمر واقع في البلاد، عملياً إلى ثلاث مناطق: مناطق سيطرة النظام ومناطق شمال شرق سورية وإدلب. استمرار هذا الأمر الواقع لفترة طويلة خطير لأنه سيثبته، وتثبيته يعني تحويل التقسيم إلى أمر واقع ولو غير معترف به من قِبَل أحد لا من قبل السوريين ولا من قِبَل المجتمع الدولي. ولكن الواقع هو واقع يجب تجاوزه بسرعة كبيرة من أجل عدم تثبيته، وحدةُ البلاد تهدِّدُها التدخلاتُ الخارجية المختلفة وخاصةً غير الشرعية وأقصدُ هنا تحديداً الأمريكية والتركية و«الإسرائيلية» على رأسها. «إسرائيل» أيضاً تحتل قسماً من أراضي البلاد منذ عام 1967 وهي عاملٌ أساسي من عوامل الأزمة السورية، والذي نريده عند تحقيق القرار الدولي 2254 إنهاءُ جميع التدخلات العسكرية، بعد إنهاء التدخلات غير الشرعية لن يكون هناك حاجة أيضاً لأي تدخل عسكري حتى روسي أو إيراني. 

لذلك فإنّ أخذَ الشعب حقَّه بتقريرِ مصيرِه يعني إنهاءَ كلِّ التدخلات الخارجية وخاصةً العسكرية منها. 

2- يعيش الشعب السوري اليوم بوضعٍ لا يُحسَدُ عليه؛ نصفه خارج مكان إقامته داخل البلاد أو خارج البلاد، عُقِدَ منذ فترة مؤتمرٌ من أجل عودة اللاجئين من أماكن تواجدهم، وهذا أمر حسن ونوايا جيدة ولكن أعتقد أن المَهمَّة الحقيقية اليوم هي إيقاف نزيف الهجرة من الداخل إلى الخارج لأن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية يؤدي عملياً إلى استمرار نزيف السوريين من الداخل إلى الخارج.

اليوم وأنا أتٍ إلى هذا المؤتمر الصحفي تأكدتُ أن سعرَ صرف الليرة السورية مقابل الدولار وصل لحواف الـ 3000 ليرة، بينما الأجور بقيت على حالها والحكومة تَعِدُ وتَتوعَّد بأنها لنْ ترفعَ الأجور بهذه المرحلة وهذا أمرٌ خطير لأن تدهور سعر صرف الليرة يؤثِّر على أسعار جميع المنتجات وخاصةً الحياتية التي يعيش على أساسها الشعب السوري، لذلك الخطرُ الحقيقي والإجراء الفعلي الواقعي الذي يجب اتخاذه هو إيقاف التدهور الاقتصادي لمنع الهجرة - لإيقاف الهجرة من الداخل إلى الخارج. أعتقد بأن هذه هي المَهَمَّة الواقعية التي يجب أن ينصبَّ عليها الاهتمام من قِبَل الحكومة السورية ومن قِبَل المجتمع الدولي. مهمة عودة اللاجئين جيدة، ولكن الأهم اليوم هو إبقاء السوريين الموجودين في أماكنهم.

 السكتة القلبية في الاقتصاد

إنَّ استمرارَ التدخُّلِ الخارجي يمنع حلَّ هذه القضية، إذاً أمامنا خطران: أ- الذي يهدد وحدة البلاد. ب- تدهور الأوضاع الاقتصادية بالفترة الأخيرة.

كنتُ قد حذَّرتُ في عام 2013 وكنتُ في موقع مسؤول، على شاشة التلفزيون السوري، ولم يلقَ تحذيري ردّاً إيجابياً عند البعض، حذَّرتُ بأنَّ الاقتصاد إذا استمرّ عدمُ الاقتراب من الحل السياسي سيُصابُ بسكتة قلبية، نحن الآن أمام أعراض أزمة قلبية حقيقية في الاقتصاد السوري وهذه الأزمة إنْ لم تتمّ معالجتُها في غرفة الإنعاش المركَّز والتي هي القرار 2254 لا يمكن إيقاف السكتة القلبية.

الاقتصاد السوري يعاني اليوم من تباطؤ في دوران الدم في شرايينه - تسريع الدم في هذه الشرايين وإعادة الحياة الكاملة إلى هذا الجسم تتطلب أوضاعاً طبيعية، هذه الأوضاع لا يمكن تحقيقها دون القرار 2254 الذي هو في جوهره إعطاء حق تقرير المصير للشعب السوري بيده. البعض يمكن أن يستغرب ويسألني أليس هذا تدخلاً خارجياً؟ أعتقد أنَّ هدف القرار 2254 هو إيقاف التدخل الخارجي، وعند إيقاف التدخل الخارجي تنفتح الآفاق كاملةً للشعب السوري بأن يقرِّر ما يجب أن يقوم به. هذان الخطران يجب إيقافهما. وحدة البلاد يهدِّدُها التدخلُ الخارجي، ووضعُ العِباد تُهدِّدُه الأوضاعُ القائمة بكافة جوانبها.

 ما هي الحلول المستعجلة؟ 

أعتقد أنه يجب أنْ تسيرَ اللجنة الدستورية بشكل جدّي وبسرعة كافية إلى الأمام. في الجولة القادمة، يجب أن تُتخَذَ قراراتٌ واضحة ملموسة حول التعديلات الدستورية التي يجب أن يخرج منها بنهاية المطاف دستورٌ جديد يقرِّرُ الشعبُ السوري موافقتَه عليه. إذاً اللجنة الدستورية هي المفتاح، وتبقى كل العملية السياسية حسب قرار مجلس الأمن هي الهدف، ولكن دون هذا المفتاح لا يمكن السير حالياً نحو الهدف. تطبيق القرار 2254 يقتضي البدء الجدّي في عمل اللجنة الدستورية. هناك البعض من الطرفين طرف لا يريد الحل موجود في أوساط النظام ويريد أن يطول عمل اللجنة الدستورية إلى ما لا نهاية، وطرف عند المعارضة يريد نسف القرار 2254 عبر التعطيل في اللجنة الدستورية. لذلك تطبيق القرار 2254 يعني إنهاءَ التدخلات الخارجية وفتحَ الطريق للشعب السوري لكي يقرِّرَ مصيرَه.

 سنقدِّم اقتراحات...

نحن في منصة موسكو، وقبل الجولة القادمة، سنتوجَّه إلى الأمم المتحدة عبر السيد بيدرسن، الممثل الخاص للأمين العام، برسالة واضحة تطلب أولاً المساعدة على عدم السماح بالمماطلة في عمل اللجنة الدستورية، والذهاب باتجاه تحقيق نتائج ملموسة.

وسنقترح ثانياً، تعديلات ملموسة على الدستور. الاتجاه الأول للتعديل هو تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس الشعب. نحن مع نظام رئاسي ولكن لسنا مع نظام رئاسي مُضاعَف؛ نريد نظاماً رئاسيّاً مخفَّفاً يعطي صلاحيات للحكومة ويعطي صلاحيات لمجلس الشعب. مجلس الشعب حسب الدستور الحالي حتى الآن ليس لديه صلاحية إعطاء الثقة للحكومة. مجلس الشعب يجب أن يكون مراقباً مباشراً ويعطي الثقة أيضاً للحكومة والحكومة يجب أن تكون مسؤولة أمام مجلس الشعب أيضاً رغم أنَّ الرئيس يلعب دوراً أساسياً في تشكيلها.

إلى جانب ذلك سنقترح تخفيضَ فترة الولاية الرئاسية من سبع سنوات، ولا أعتقد أن هناك دولاً في العالم إلا دولة واحدة فترة الرئاسة فيها سبع سنوات ونتناقش حول موضوع كم هي عدد السنوات المطلوبة، ست – خمس – أربع... موضع نقاش. لا نريدُ أن نفرض رأياً على أحد ولكن أعتقدُ عبر التوافق السوري يمكن أن نصل إلى اتفاق.

ثانياً: حول الرئيس، يجب الالتزام بموضوع الدورتَين اللَّتَين هما نصٌّ دستوري في الدستور الحالي، أيُّ رئيس يجبُ ألَّا يمارسَ صلاحياتِه أكثرَ من دورتَين. هناك استثناء في الدستور الروسي مثلاً أنه لا يجوز ممارسة صلاحيات لأكثر من دورتَين متتاليتَين، أيْ أنَّه إذا جرى انقطاع بعد دورتَين يمكن أن يعود الرئيس إلى ممارسة صلاحياته «منعيش ومنشوف ومنتناقش حول الموضوع». 

ولكن موضوع الدورتين موضوع هامّ وينصُّ عليه الدستور الحالي ويجب تثبيته في الدستور القادم بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض.

ثانياً، سنقترح نظاماً انتخابياً ينص عليه الدستور الجديد. في كتابي الذي صدرَ مؤخَّراً قلتُ إنَّ «قانون الانتخابات الحالي قد شلَّ الحركة السياسية في البلاد، ما جعل سورية بحاجة لقانون انتخاب جديد عصري يتساوى أمامه جميعُ المواطنين وتكون فيه البلاد دائرةً انتخابية واحدة على قاعدة النسبية، ويَمنَع قوى المال وجهازَ الدولة من التأثير على العملية الانتخابية إلّا بحدود القانون». هذا ما اقترحناه وسنصرُّ عليه وسنحاول إقناعَ الآخرين به، ونحن جاهزون للتوافق حول هذا الموضوع.

 المركزية واللامركزية

ثالثاً: نحن مصرُّون على أن البلاد بحاجة لنظام جديد من علاقة المركز مع المناطق، حين نقول لامركزية البعض يظن أننا ننطق كفراً؛ بينما المقصود هو لامركزية تقوِّي المركز، لأن لامركزية دونَ مركز تعني أنه ليس هناك بلاد ولكنْ مَركز من دون لامركزية يعني أنَّه ليس هناك شعب. لذلك نحن نريد الحفاظ على البلاد وعلى الشعب، وأنا في إحدى الكلمات الأخيرة قلت إن الناس في سورية بحاجة إلى سلطة الشعب التي يجب أن تعبِّر عنها الإدارات الذاتية - المحلية سمّوها كما تريدون المُهمّ أن تُعبِّر عن إرادة الشعب ونتَّفِق على التسمية لاحقاً. وسورية بحاجة لنظام من هذا النوع ليس فقط في الشمال الشرقي وليس فقط في درعا والسويداء وليس فقط في إدلب كما قلت سابقاً وإنما في جميع المناطق السورية. سورية حسب التقسيم الإداري الحالي خارج المدن 63 منطقة وإذا أضفنا المدن يمكن أن تصبح 100 منطقة، والـ 100 منطقة بحاجة لمجالس شعب مصغَّرة تمارس السلطة الحقيقية على الأجهزة التنفيذية. سلطة الشعب يجب أن تظهر ويجب أن تتحقق على الأرض. اللاذقية بحاجة لسلطة الشعب عبر الإدارة الذاتية للشعب نفسه، طرطوس بحاجة لإدارة من هذا النوع، حمص – حماة – دمشق – حلب – جميع المحافظات السورية بحاجة لنظام إداري جديد يربط بشكل جدلي المركزية باللامركزية، أي يربط المركز والأطراف ويجب أنْ نفهم بأنَّ المركزية واللامركزية هما مفهومٌ واحد مترابط أيْ أنه إذا زالَ المركز فلا معنى للمناطق والأطراف، وإذا لم تمارس الأطراف صلاحياتها المطلوبة فلا معنى لوجود المركز كله، كما أثبتت الحياة خلال الفترة الماضية.

 التوافق ضرورة لا مفر منها

المهم أن العملية التي يجب أن تجري هي عملية كلية لها جوانب مختلفة ويجب أن تسير عبر التوافق بين السوريين، يجب أن ننتهي من عقلية فرض الرأي على الرأي الآخر أو عدم قبول الرأي الآخر. يجب أن نجد المساحة الكافية من الرأي والآراء الأخرى للوصول إلى توافقات، هذا الفن يجب علينا تعلُّمُه بسرعة وإلا لن نستطيع إخراج البلاد من الكارثة التي تعيشها حالياً.

إذاً كلمة السر اليوم هي إخراج الشعب السوري من أزمته عبر توافق جميع المكونات الوطنية وتنازلها عن مصالحها السياسية الضيقة والحزبية الضيقة وبذلك يمكن أن نخطو إلى الأمام، ونأمل أن تأتي الجولة الخامسة بنتائج ملموسة عملية ولو صغيرة في صياغة الدستور، وبذلك نكون قد حققنا اختراقاً جيداً وملموساً بهذا الاتجاه لمصلحة الشعب السوري.