البيان الختامي للقاء اليساري العربي الرابع في بيروت
بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني، انعقد اللقاء اليساري العربي الرابع في بيروت – لبنان، في السابع والثامن من حزيران 2013. حضر اللقاء ممثلون عن 24 حزبا من 11 بلدا عربيا، ناقشوا الأوضاع التي تعيشها المنطقة في ظل المواجهة الشعبية المستمرّة ضد المشاريع
الامبريالية - الصهيونية والتدخل الامبريالي في الشؤون الداخلية لأكثر من بلد عربي، وضد الأنظمة الاستبدادية الحاكمة والقوى المضادة للثورة على اختلاف تلاوينها، ومنها بالتحديد بعض القوى السياسية الدينية التي تسعى للالتفاف على انتفاضات وثورات الشعوب العربية بعد أن استولت على السلطة في أكثر من بلد عربي، ممارسة أبشع أشكال القمع والاستبداد. كما أكدوا على النضال من أجل الدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية الحداثية وحقوق المواطنة.
وتوقّف المجتمعون، بشكل خاص، عند التطورات العاصفة في سورية، وكذلك عند المشروع الرجعي العربي المسمّى "مبادلة الأراضي" في فلسطين المحتلّة، إضافة إلى ما يجري في العراق ولبنان ومصر والسودان ومنطقتي الخليج والمغرب العربيتين، في ضوء الصراع مع الأنظمة القائمة التي لا تتوان عن تفتيت مجتمعاتها للحفاظ على مكاسبها الطبقية، وفي ضوء مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الهادف إلى تفتيت العالم العربي إلى دويلات دينية ومذهبية وإثنية، ضعيفة ومتصارعة في ما بينها، بما يسهّل للقوى الامبريالية وضع اليد بالكامل على الثروات العربية، القديمة والمكتشفة حديثا، وعلى طرق نقل مصادر الطاقة إلى العالم، ظنّا منها أنها بذلك يمكن أن تستعيد سيطرتها الأحادية على العالم وأن تحل أزمتها البنيوية وتؤبّد بالتالي نظامها المتهاوي.
بناء إلى ما تقدّم، خلص المجتمعون إلى ما يلي:
1 – أكّد المجتمعون أن مواجهة المؤامرة الامبريالية- الصهيونية، المستندة إلى دعم الرجعية العربية وبعض القوى الإقليمية، والهادفة إلى ضرب وحدة سوريا، وإعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم مصالحها، عبر استخدام سلاحيّ الحرب الأهلية المذهبية والتدخّل الخارجي، لا يمكن أن تتم عبر اللجوء إلى الحلول العسكرية والأمنية، ولا كذلك من خلال تدويل الحل، بل من خلال السعي إلى إيجاد حل داخلي يوقف النزف ويعمل على تجميع كل القوى الديمقراطية التي رفعت، منذ بداية الأزمة، شعارات النضال ضد التدخل الأجنبي ومنع التفتيت المذهبي، ووقف السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، عبر وضع أسس التغيير الديمقراطي على كل المستويات.
2 – أعاد المجتمعون تأكيد موقفهم الثابت من القضية الفلسطينية، التي يعتبرونها القضية المحورية والمركزية في نضالهم، ورأوا في المشروع الرجعي العربي حول "مبادلة الأراضي" مرحلة جديدة من المؤامرة الهادفة، منذ اتفاقية أوسلو، إلى تكريس الكيان الصهيوني "دولة لليهود في العالم". وإذ رحبوا بقبول دولة فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعادوا تأكيد موقفهم الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي العودة وإقامة دولته الوطنية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وإطلاق حركة مقاومة فلسطينية وعربية شاملة، وبمختلف الأشكال، من أجل تحريرها من الاحتلال. ووجّهوا تحية خاصة إلى الحركة الأسيرة الفلسطينية والعربية في سجون الاحتلال والى أبطال "الأمعاء الخاوية"، معاهدين على متابعة التحرك من أجل تحريرهم.
3 – أعلن المجتمعون تضامنهم الكامل مع القوى اليسارية والشعبية في لبنان، التي تواجه اليوم مخاطر كثيرة من جرّاء ارتدادات الأزمة السورية وعودة الانقسامات المذهبية التي تهدد مجددا بفتنة كبيرة يعد العدو الإسرائيلي العدّة للاستفادة منها. ورأوا في دعوة تلك القوى إلى تحصين السلم الأهلي والخروج من سياسة "النأي بالنفس"، التي انتهجتها الحكومة دون أن تعمد إلى إعطاء الغطاء السياسي الضروري للجيش أو أن تمنع تدخل بعض القوى اللبنانية في الحرب الدائرة في سوريا، مدخلا إلى منع انزلاق اللبنانيين في أتون الحرب الأهلية.
4 – أعلن المجتمعون عن تضامنهم مع القوى اليسارية والديمقراطية في العراق، الساعية إلى انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية. وادانوا الارهاب والتدخلات الخارجية التي تغذي محاولات تقسيم البلاد، ودعوا الى استكمال السيادة الوطنية عبر اقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
5 – حيّا المجتمعون شهداء جميع الثورات والانتفاضات العربية، وفي مقدّمتهم الشهيد شكري بلعيد، وثمنوا المساعي الرامية الى توحيد القوى التقدمية التونسية، السياسية والمدنية، في جبهة ديمقراطية واسعة، تصدّيا لمخاطر العنف والارهاب وتحقيقا للأهداف التي قامت من أجلها ثورة الكرامة والحرية في تونس.
6- أكد المجتمعون تضامنهم مع ثورة شعب مصر ودعمهم الكامل للجماهير المصرية المواجهة لسياسات "الأخونة"، ودعوا كل القوى العربية التحررية إلى تنظيم تحركات تضامنية يوم 30 حزيران/ يونيو الذي دعت إليه الأحزاب والقوى السياسية الديمقراطية والحركات الاحتجاجية وحركة "تمرد" في مصر تحت شعار "إسقاط حكم الإخوان" واستعادة الثورة.
7 – حيّا المجتمعون كذلك الحركات الشعبية في الخليج العربي، وبالتحديد في البحرين والكويت واليمن والسعودية، وأكّدوا على تضامنهم الثابت معها في وجه الممارسات القمعية السلطوية، والاعتقالات التعسّفية، والتدخل الخارجي بكافّة أشكاله، وعلى دعمهم للبرامج التي تطرحها هذه الحركات من أجل الخلاص من التخلّف والتبعية.
كما أكد المجتمعون على دعمهم لنضال القوى الديمقراطية والسياسية في الحراك الشعبي الأردني من أجل إحداث تغيير سياسي، واستكمال الإصلاحات السياسية الشاملة، والحيلولة دون زج الأردن في محاور إقليمية معادية للشعوب العربية.
8 – شدد المجتمعون على تضامنهم الثابت مع نضال شعب السودان وقواه الديمقراطية من أجل الخلاص من أوضاع الانقسام والشرذمة والقمع التي تمارسها السلطات السودانية. كما تضامنوا مع نضال القوى اليسارية في الجزائر من أجل التقدم الاجتماعي والتغيير، ومع نضال اليسار المغربي من أجل تحقيق المشروع الحداثي الديمقراطي.
9 – أخيرا رأى المجتمعون أن النضال الذي يخوضه اليسار العربي والقوى الديمقراطية ضد الامبريالية وضد البرجوازية، ومنها قوى الإسلام السياسي، إنما هو نضال يؤكّد أن من يصنع التغيير هي القوى الشعبية ذات المصلحة الحقيقية بالانتقال ببلداننا من أنظمة الاستبداد والقمع والفساد والتبعية والعمالة إلى رحاب أنظمة ديمقراطية مدنية مقاومة تتحقق فيها العدالة والمساواة والاستقلال الوطني.
من هنا كان الاتفاق على وضع برنامج استراتيجي للقاء اليساري العربي، يجمع بين مهام النضال من أجل الديمقراطية والمساواة وبين مهام التحرر الوطني من السيطرة الامبريالية، والنضال من أجل تصفية القواعد العسكرية الأجنبية وإلغاء الاتفاقيات المتعارضة مع السيادة الوطنية.
وعلى هذا الأساس قرر المجتمعون تطوير اللقاء اليساري العربي وتشكيل لجنة متابعة له، إضافة الى رفع مستوى التنسيق بينهم وبين القوى التحرّرية والتقدمية العربية والعالمية الأخرى، وكذلك تطوير دور الأطر النقابية والشبابية والنسائية كمدخل لتجميع كافة المتضررين من الأنظمة التبعية ومن كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الرجعية العربية الحاكمة، مهما كان الرداء الذي ترتديه.