على الطريق إلى آستانا
تتوالى التصريحات الإعلامية التي تعبر عن مواقف القوى المختلفة في إطار التحضيرات الجارية للقاء «استانا» في الـ 20 من الشهر الجاري، بخصوص الأزمة السورية.
اختارت دمشق سفيرها في الأمم المتحدة بشار الجعفري لترأس وفدها إلى محادثات أستانة، وفق ما ذكرت صحيفة الوطن السورية الثلاثاء.
وأضافت الصحيفة السورية: أنّ الوفد سيكون مماثلاً للوفد الذي ذهب إلى جنيف سابقاً، وأوضحت أنّ الوفد يضمّ «شخصيات تمثل المؤسسة العسكرية وشخصيات تمثل القانون السوري، بحيث يكون الوفد ممثلاً للدولة السورية مجتمعة».
أما وفد الفصائل المعارضة سيكون بقيادة محمد علّوش الذي ينتمي إلى جيش الإسلام، وهو فصيل يتواجد في ريف دمشق، كما سيضم الوفد المعارض قرابة عشرين شخصاً، بحسب ما قال رئيس الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني المعارض أحمد رمضان لوكالة فرانس برس.
وحسب مواقع معارضة، أنّ من بين الأسماء التي ستحضر المباحثات في العاصمة الكازاخستانية، نصر حريري وأسامة أبو زيد إلى جانب منذر سرار ونزيه الحكيم عن "فيلق الشام" و"جيش الإسلام"، في حين سيمثل العقيد أحمد سلطان "فرقة السلطان مراد" والنقيب أبو جمال "لواء شهداء الإسلام" وأبو قتيبة "تجمع قاستقم كما أُمرت" وأبو ياسين "الجبهة الشامية"، بالإضافة إلى ياسر عبدالرحيم الذي سيمثل "غرفة عمليات حلب".
وكانت الفصائل المعارضة قد أعلنت الإثنين أنّ وفدها سيكون عسكريّاً على أن يعاونه فريق تقني يضم مستشارين سياسيين وقانونيين من الهيئة العليا للمفاوضات.
وكانت الفصائل المعارضة قد أشارت إلى أن مباحثات أستانا ستتناول حصراً قضية تثبيت وقف إطلاق النار، مبدية استعدادها لطرح مسألة التسوية السياسية للنزاع من دون «تعطيل مسار جنيف»، في حين نقلت صحيفة الوطن أنّ دمشق ذاهبة إلى أستانة لبحث الحل السياسي للأزمة، قائلة «لا يتوهم أحد أنّ دمشق ذاهبة إلى أستانة للبحث في وقف للعمليات القتالية، كما يريد البعض أن يروّج، أو لتثبيت ما سُمّيَ بوقف لإطلاق النار، بل دمشق ذاهبة في إطار رؤيتها لحل سياسي شامل للحرب على سوريا .. ولإعادة فرض هيمنة وسيادة الدولة على كامل الأراضي السورية».
ومن جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أنّ «أحد أهداف لقاء أستانا هو أوّلاً تثبيت وقف إطلاق النار».
وقال: إن المفاوضات السورية المرتقبة في أستانا ستستهدف تعزيز نظام الهدنة بسوريا، بالإضافة إلى ضمان المشاركة كاملة الحقوق للقادة الميدانيين في التسوية السياسية.
وأكد الوزير سيرغي لافروف في مؤتمره الصحفي السنوي المخصص للحديث عن نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2016، الثلاثاء 17 يناير/كانون الثاني أنه بإمكان أي فصائل مسلحة أخرى (بالإضافة إلى الفصائل التي وقعت على اتفاق الهدنة) أن تنضم لعملية المصالحة في سوريا، مضيفا أن الجانب الروسي قد تلقى طلبات بهذا الشأن من عدد من مجموعات المعارضة المسلحة.
ولفت لافروف إلى أن ما كان ينقص المفاوضات السورية حتى الآن، هو مشاركة أولئك الذين يؤثرون فعلا على الوضع الميداني.
واستطرد قائلا: «أما الآن، عندما طرحت روسيا وتركيا مبادرة لإشراك أولئك الذين يحملون السلاح في وجوه بعضهم البعض، ما فتح الطريق أمام توقيع الحكومة السورية على اتفاقيات بهذا الشأن مع القادة الميدانيين للجزء الرئيسي من المعارضة المسلحة، فتمكنا من التقدم خطوة مهمة جدا إلى الأمام».
وتابع: «أحد أهداف اللقاء في أستانا يكمن في التوصل إلى اتفاق حول مشاركة هؤلاء القادة الميدانيين في العملية السياسية».
واعتبر لافروف أن مشاركة هؤلاء القادة الميدانيين في العملية السياسية يجب أن تكون كاملة الحقوق، بما في ذلك دورهم في صياغة الدستور الجديد وملامح المرحلة الانتقالية.
وأضاف: «أعتقد أنه لا يجوز اقتصار نطاق المشاركة على تلك الفصائل التي وقعت يوم 29 ديسمبر/كانون الأول على اتفاقية وقف إطلاق النار. بل يجب أن تكون لأي تشكيلات مسلحة تريد الانضمام لهذه الاتفاقيات إمكانية لذلك».
ونبه لافروف، إن موسكو تتلقى معلومات حول محاولات لنسف الاتفاقات الخاصة بالهدنة في سوريا، محذرا الغرب من الانجرار وراء الرغبة في الانتقام وزعزعة الهدنة.
وأوضح قائلا: «عندما وصل موقف الدول الأوروبية التي كانت تغازل ما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات، إلى طريق مسدود، تمكن ممثلو الجيش السوري والمعارضة المسلحة من التوصل إلى اتفاق حول الهدنة. ولقد تبنى مجلس الأمن الدولي هذه الاتفاقات، ويجب تنفيذها».
وأعرب عن أمله في «ألا تحاول بعض الدول الغربية التي تحس بأنها مهمشة، زعزعة هذه الاتفاقات، نكاية بالجميع.. نحن نتلقى مثل هذه المعلومات، لكننا نأمل في تغلب الموقف المسؤول على الرغبة في التذكير بوجودهم والرغبة في الانتقام».
وذكر الوزير بأن العملية السياسية التي بدأت في فبراير/شباط الماضي في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، كانت حتى الآن، تشمل المعارضة السياسية فقط، لكن هذه العملية تم تجميدها لأن الهيئة العليا للمفاوضات رفضت بحث أي مواضيع قبل رحيل بشار الأسد.
وبشأن المشاركة الدولية المحتملة في مفاوضات أستانا، قال لافروف إنه من الصائب توجيه الدعوة لحضور اللقاء إلى ممثلي الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية الجديدة، معيدا إلى الأذهان أن اللقاء سيعقد في 23 يناير/كانون الثاني، أي بعد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
وأضاف: «نأمل في تتمكن الإدارة الأمريكية الجديدة من قبول هذه الدعوة، وفي أن يكون لخبرائها تمثيل على أي مستوى مناسب بالنسبة لهم».
واعتبر أنه إن وافقت إدارة ترامب على حضور المفاوضات، فسيكون ذلك أول اتصال رسمي بين موسكو والإدارة الأمريكية الجديدة بشأن سوريا، سيتيح الشروع في زيادة فعالية محاربة الإرهاب في سوريا.
ولفت إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب وفريقه تدل على رغبتهم في التخلي عن الكيل بمكيالين في مجال محاربة الإرهاب. وعدم استخدامها لتحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بهذا الهدف المعلن، كما كانت تفعل ادارة اوباما، وذكّر لافروف بهذا الشأن بتصريحات مسربة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري لوح فيها باستعداد إدارة أوباما لاستغلال ليس تنظيم "جبهة النصرة" فحسب، بل و"داعش" في الحرب ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وأعاد لافروف إلى الأذهان أنه سبق لروسيا والولايات المتحدة أن شكلتا المجموعة الدولية لدعم سوريا. واعتبر أن هناك إمكانية واقعية لتفعيل الآليات التابعة لهذه المجموعة، نظرا لكون الإدارة الأمريكية الجديدة عازمة على محاربة الإرهاب بصورة جادة.
الميادين – روسيا اليوم - قاسيون