افتتاحية قاسيون 790: الحل السياسي والسيادة الوطنية
كان وما زال، انتهاك السيادة الوطنية، من أحد أهم مخاطر الأزمة الوطنية في البلاد، حيث بات الميدان ساحة حرب وصراع متعدد الجبهات، والأهداف، وتم تغييب دور الشعب السوري، وإرادته، مما جعل هذه السيادة في مهب الريح وأدى إلى تهديد وحدة الدولة السورية.
مما لا شك فيه، والحال هذه، أن تكون استعادة السيادة الوطنية، إحدى المهام الرئيسية على جدول الأعمال، باعتبارها شرط من شروط، الحفاظ على وحدة البلاد، واستمرار وجوده، وتقدمه، مع التأكيد بأن المقصود بالسيادة هنا، أنها لا تقتصر على سيادة الدولة السورية فقط، فهذه على أهميتها، شرط ضروري ولكنه غير كافي، وغير كامل، إذا لم يقترن بسيادة الشعب السوري، والتي تعني حقه غير القابل للجدل في تقرير مصير بلاده، وتعتبرأساس أشكال السيادة الأخرى كلها، بعد أن تم الإمعان في انتهاكها منذ بداية الأزمة، حتى وصلت إلى ذروتها، وفي طول البلاد وعرضها.
إن المدخل إلى استعادة السيادة الوطنية السورية، بمعناها الكامل، أي سيادة الدولة السورية، وسيادة الشعب السوري، يكمن في ظروف اليوم حصراً بالحل السياسي، الذي بات شرطاً لا غنى عنه لإنجاز أية مهمة إنجازاً حقيقياً، فالحل المنشود، وكما نصت عليه القرارات الدولية منذ جنيف 1 والقرار2254، يعني بالإضافة إلى - مكافحة الإرهاب، وإيقاف الكارثة الانسانية، والبدء بالعملية السياسية، وصولاً إلى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل، كمهام مترابطة ومتكاملة - استعادة السيادة الوطنية كاملة غير منقوصة، وبمعناها العميق.
لقد جاء بيان موسكو، والاتفاق الثلاثي «الروسي – الإيراني – التركي» وتدحرج المواقف، وتسارعها، والمتابعة المباشرة، والنزيهة، من جانب الراعي الدولي «روسيا» لتطور الأوضاع، سواء كان من الناحية الميدانية على الأرض، والتسوية مع الجانب التركي، بعد التغيرات المتلاحقة في مواقفه، واتفاق الأطراف الثلاثة على وقف إطلاق النار، وخروج آمن لعشرات آلاف المواطنين من الأحياء المحاصرة في حلب، وتسليم آلاف المسلحين لأسلحتهم، وعملية الفرز التي جرت في صفوف الجماعات المسلحة، بين معتدل وإرهابي، أو من ناحية بذل الجهود، واستكمالها لإحياء المسار التفاوضي، والنشاط الرامي لعقد لقاء الآستانا، كمحطة على طريق جنيف، وتحجيم دور قوى العرقلة، دولياً وإقليمياً، وداخلياً، ووضع إمكانية إخراجها من العملية في حال استمرار عرقلتها، وضمانة الأطراف الثلاثة بتنفيذ الاتفاق، تفتح الطريق عريضاً، على استئناف التفاوض، وبالتالي تضع الأساس المادي لتسريع استعادة السيادة.
إن استعادة الشعب السوري لسيادته على أرضه ووطنه، ليست مجرد حق طبيعي له فحسب، بل بالإضافة إلى ذلك، من شأنها أن تمد هذا الزخم الجديد باتجاه الحل السياسي، في ظل تقدم حلفاء سورية، وتصاعد دورهم على المستوى الدولي، بالمزيد من الحيوية، وتتكامل معه، ومن شأنها أيضاً، أن تسرّع من تخفيف الآثار العميقة التي تركتها الأزمة، ومعالجتها ضمن آجال زمنية تمنع ترف إضاعة المزيد من الوقت.