افتتاحية قاسيون 755: «جنيف3» مستمر بمن حضر!
أثبتت مجريات الأسبوع الماضي من المفاوضات السورية- السورية في جنيف، ما سبق أن قالته «قاسيون» في افتتاحيتها قبل ثلاثة أعوام (28/4/2013)، وأكدّته بعد ذلك مراراً من أنّ «الاستناد إلى التوازن الدولي وحركته المستمرة يؤكد أن لا صوت سيعلو فوق صوت الحل السياسي».
كما أكّدت المجريات ما سبق أن قالته قاسيون في افتتاحيتها (2/11/2013) من أنّ «عقد جنيف بمن حضر في حال امتناع قوى إقليمية أو امتداداتها المحلية عن الحضور، هو الرد الفعلي على محاولة هذه القوى وضع العصي في العجلات عبر الشروط التعجيزية».
إنّ تعليق وفد منصة الرياض مشاركته في جنيف ثم انسحابه، لم يمنعا المفاوضات من الاستمرار، فالواقع يثبت اليوم جملة من القضايا الأساسية:
أولاً: جنيف مستمر بمن حضر، وبغض النظر عن الانسحابات، وهو ما يعكس عملياً التوازن الدولي الجديد، وكذلك إرادة الشعب السوري الحقيقية في الخروج من الأزمة الكارثية.
ثانياً: كلما تقدمنا باتجاه الحل السياسي، فإنّ ما سيظهر بشكل أكبر وأوضح، ليس التوازن الدولي الجديد الذي تتراجع فيه واشنطن وحلفاؤها فحسب، بل وستظهر أيضاً وبشكل مطرد موازين القوى المحلية، فالقسم من المعارضة الذي كان مضخماً ويقدم على أنّه «الممثل الشرعي والوحيد» للشعب السوري، ثم تراجعت صفته ليغدو «ممثل المعارضة الأوحد»، يقف اليوم أمام احتمال خروجه من ساحة الفعل السياسي والميداني السوري بشكل نهائي لمصلحة قوىً حقيقية تمثل رغبات أقسام عريضة من السوريين المتعطشين إلى إنهاء الأزمة.
ثالثاً: إنّ عمليات التعليق والانسحاب، إذ توازت مع عمليات تصعيد ميدانية على الأرض السورية، فإنها عكست في المحصلة رغبات وإرادات المركز الفاشي العالمي المعادي ليس للحل السياسي في سورية فقط، بل ولأي نوع من أنواع التهدئة في أي جزء من أجزاء العالم.. وإنّ تراجع وانخفاض وزن وتأثير تلك القوى المرتبطة، أو المتناغمة، مع المركز الفاشي العالمي، هو قدر موضوعي ناجم عن تراجع هذا المركز نفسه بفعل التوازن الدولي الجديد.
رابعاً: في السياق نفسه، فإنّ عملية تقليم الأظافر الإقليمية دخلت مرحلة جديدة وحاسمة يعاد فيها بشكل نهائي ترتيب حدود فعل وتأثير تلك القوى بما يتناسب مع الوضع الدولي الجديد، وعلى رأس القائمة تركيا والسعودية والكيان الصهيوني وقطر.
خامساً: إنّ الذهاب نحو حلٍ بمن حضر، هو في عمقه ذهاب نحو الحل بأيدي أولئك الذين يريدون الحل فعلاً، بما يعني تليين المتشددين من كل الأطراف، واستبعادهم إن لم ينفع معهم التليين، وصولاً إلى الحلول المنطقية الموضوعية والوسطية.
سادساً: إنّ الضرب على يد التشدد في أي جهة كانت هو ضرب على أيادي المتشددين في مختلف الجهات، فحجة المتشدد هي المتشدد، وحين تزول هذه الحجة تستوي الأمور وتأخذ مسارها بالاتجاه الموضوعي نحو التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل والعميق، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وصولاً إلى توحيد السوريين للدفاع عن بلدهم في مواجهة الفاشيين الجدد وبمواجهة الناهبين الكبار توازياً مع إعادة إعمارها.