افتتاحية قاسيون 753: محاولات الإعاقة والبؤس الغربي!
شهد الأسبوع الفائت عودة الأعمال العسكرية إلى مدينة حلب، وكذلك عدم تمرير الدول الغربية في مجلس الأمن لمسودة البيان الذي قدمته روسيا والتي نصت على ضمان «أعلى طابع تمثيلي في الجولة القادمة من جنيف»، بما يعني استمرار استبعاد تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي.
إنّ هذين الحدثين وغيرهما، يشيران إلى ارتفاع مستوى اضطراب السلوك الغربي الأمر الذي يظهر عبر أفعال تحاول عرقلة اتجاه الحل السياسي إما بشكل مباشر أو عبر أدوات الفاشية الجديدة. ويمكن التأريخ لمستوى جديد مما أسميناه بـ«الاضطراب الغربي» بنقطة أساسية هي 30/9/2015، يوم بدء الدخول الروسي المباشر على خط محاربة الإرهاب في سورية، فابتداءً من تلك اللحظة وخلال فترة قصيرة بعد ذلك تمّ تحقيق أهداف أساسية ثلاثة: الأول هو منع خطر انهيار الدولة السورية، والثاني هو توجيه ضربات فعالة للفاشية الجديدة وأداتها الإرهابية، والثالث هو دفع الحل السياسي قدماً عبر فيينا الأول والثاني ثم القرار 2254 وبعده ميونخ وصولاً إلى الجولة الأولى من جنيف3.
وإذا كانت النتائج الأولية للدخول الروسي قد تلخّصت بما سبق ذكره، فإنّ وقائع الأسبوعين الأخيرين أكّدت أن مفاعيل هذه العملية لم تتوقف بعد، فتحرير تدمر والقريتين من جهة، ودفع الحل السياسي بشكل أكبر في لقاء لافروف- كيري الأخير من جهة أخرى، هما نقلة ثانية أعلى ضمن العملية نفسها.
إنّ هذه النتائج بمجملها، رفعت الضغوط على الولايات المتحدة إلى حدود عالية جداً، وفي ثلاثة خطوط أساسية:
أولاً: في مسألة الحرب على الإرهاب، وبعد الدخول الروسي، ظهرت واشنطن طرفاً مراوغاً وغير جدي انطلاقاً من تقديراتها أنّ إنهاء داعش يحتاج 30 عاماً، وهو الأجل الذي تناقص بشكل لافت مع تقدم الروس ليغدو أشهراً معدودة.
ثانياً: بعد تحرير تدمر، واضطرار الفاشية الجديدة وأدواته الإقليمية والمحلية للقيام بمحاولة رد ما، وهو ما ظهر في حلب، تم حسم قوائم الإرهاب عملياً وبصيغة جديدة تتضمن تلك الأطراف التي تراجعت عن وقف الأعمال العدائية، أي أنّ التراجع السريع في الموقف الغربي ضمن الأزمة السورية دفع بأطراف غربية وفاشية جديدة إلى كشف أدواتها الإرهابية «المموهة» اعتدالاً، وهذا من شأنه تسريع إنهاء الإرهاب في سورية.
ثالثاً: إنّ محاولة تأخير وإعاقة الحل عبر حجب تمثيل الأكراد، والذي ألقيت اللائمة فيه على الأتراك وحدهم خلال الأشهر الماضية، هي الأخرى انكشفت، بوصفها توافقاً غربياً- تركياً، فرفض الدول الغربية مسودة البيان الروسي بشأن «أعلى طابع تمثيلي في جنيف» هو بأقل كلام فضيحة سياسية للقوى الغربية جميعها.
بالمحصلة، ورغم محاولات الإعاقة المختلفة، التي تبدو أكثر بؤساً وضعفاً يوماً بعد آخر، فإنّ أبواب الحل السياسي لا تزال مفتوحة وطرقه لا تزال سالكة، ومحاربة الفاشية الجديدة وأداتها الإرهابية تمضي بشكل حثيث، والتوازن الدولي الجديد يترسخ بإحداثياته المختلفة بشكل أعمق وأمتن.