عرفات: فشل «جنيف-2» كان «خطأ مقصوداً» واللحظة الآن هي الأنسب للحل السياسي
لقاءات د. قدري جميل في جنيف
بدأ المحاور بسؤال عن مضامين لقاء د. قدري جميل مع دانيال روبنشتاين السفير الأمريكي في جنيف، فأوضح عرفات: «أجرى د. قدري خلال وجوده في جنيف أربعة لقاءات أحدها مع روبنشتاين، واللقاءات الأخرى كانت مع السفير الروسي في بعثة جنيف، ومع ممثلي الصين وإيران في جنيف». وأضاف: «إذا كان الإعلام قد ركز على اللقاء مع روبنشتاين دون اللقاءات الأخرى، فذلك لأن اللقاءات مع الأطراف الأخرى متكررة وموجودة بشكل دائم. أما عن مضمون اللقاء فقد أوضح د. جميل في لقائه على الميادين أنّه كان لدى الأمريكيين تساؤلات عن اجتماع موسكو وعما سيجري فيه. ولكن المهم في هذه المسألة ليس ما جرى في الاجتماع بقدر الاجتماع بذاته، فالأمريكيون يحاولون القول نحن موجودون ولنا علاقة بهذا الجهد». ورداً على سؤال عن إمكانية اعتبار هذا اللقاء «بداية انفتاح أمريكي على المعارضة الداخلية»، أجاب عرفات: «لم يقم الأمريكيون سابقاً بتحييد المعارضة الداخلية فحسب، بل وبتحييد كل معارضة داخلية أو خارجية لا تتفق معهم ولا تعمل وفق مزاجهم، فهنالك معارضون موجودون في الخارج تم تحييدهم واستبعادهم أمريكياً أثناء تحضيرات «جنيف-2». والحقيقة أن الأمريكيين منذ بدء الأزمة وما تلاها اعتمدوا أن يكون تمثيل المعارضة من وجهة نظرهم محصوراً بما كان يسمى في حينه المجلس الوطني السوري، ثم نقلوا هذا الاعتماد إلى ما يسمى بالائتلاف الوطني أو المتعارف عليه سورياً بائتلاف الدوحة». وتابع: «اتضح بعد مؤتمر «جنيف2» فشل هذا الإصرار الأمريكي وعدم جدواه، وبالتالي فهم مضطرون للأخذ باتجاهات أخرى فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضة وهذا ما نرى آثاره حالياً. لا أستطيع القول الآن إن الأمريكيين قد اعتمدوا المعارضة الداخلية، فالحاصل الآن، خلافاً لما كان يريده الأمريكيون، أن المعارضة الداخلية من ناحية بدأت بتجميع صفوفها ومن ناحية أخرى فإنّ القوى الدولية والإقليمية بدأت تبدي الاهتمام بها. وفي سياق الجهود الروسية المتعلقة باجتماع المعارضة والذي يجري الحديث عن أنه سيعقد في الشهر القادم، فإنّ الأمريكيين ولكي لا يبقوا خارج مجريات الحدث فقد قاموا بخطوة طلبوا فيها لقاءات مع أطراف المعارضة سواء الداخلية أو الخارجية التي لم يكونوا يعتمدونها، وأعتقد أنه سيكون هنالك لقاءات أخرى متعددة في هذا المجال».
عبر موسكو إلى «جنيف-3»
في سؤال عما أسماه المحاور مؤتمر «موسكو-1» أعاد الرفيق علاء عرفات التأكيد على أنّ لقاءات موسكو ليست إلا الطريق إلى جنيف، وليس هنالك من مؤتمر في موسكو بل لقاءات تشاورية وأضاف: «لدينا حتى الآن وثيقة واحدة متوافق عليها فيما يتعلق بالأزمة السورية هي ما يسمى «بيان جنيف» 30/6/2012 واستناداً لهذه الوثيقة والجهود الدولية انعقد مؤتمر «جنيف2» الذي لم ينجح ولكن تقرر في هذا الاجتماع أن يكون هنالك جولة ثالثة سميت في حينه «جنيف3» ولم يقرر لهذه الجولة أن تعقد، توتر الوضع بعد ذلك وجرت العودة إلى العمل العسكري. الآن، إن أردنا العودة إلى الحل السياسي فالطريق السالك والواضح أمامنا هو الذهاب إلى جنيف ولكن عبر طرق أخرى، فاليوم يجري العمل على قضايا أخرى مثل تصحيح النواقص والمشاكل التي كانت موجودة في مؤتمر «جنيف2» والتي هي بالدرجة الأولى تمثيل المعارضة وثانياً غياب إيران أما ثالثاً فدعني أقول إن «جنيف1» عندما صدر لم يكن الكائن المسمى بداعش موجوداً فهنالك مسألة تتعلق بمكافحة الإرهاب يجب الأخذ بها بعين الاعتبار، هذه المسائل التي ينبغي حلها حتى نستطيع الذهاب إلى مؤتمر جنيف جدي قادر أن يعطي نتائج حقيقية فيما يتعلق بالأزمة السورية».
الإرادة السياسية
عقب المحاور مسنداً فشل جنيف-2 إلى الاختلاف على ترتيب بنود بيان جنيف-1 فأوضح عرفات: «لا أعتقد أن المشكلة كانت في ترتيب البنود، بل في الإرادة السياسية للذهاب نحو الحل، وما حصل في «جنيف2» كان خطأً مقصوداً، فقبل مؤتمر جنيف كان يمكن لأي مراقب سياسي أن يعرف سلفاً أن المؤتمر سيفشل، أولاً بسبب النواقص الموجودة في التحضير لهذا المؤتمر، ثانياً لأن الأطراف الذاهبة إلى المؤتمر ذاهبة لتفشله، فائتلاف اسطنبول أعطى موافقته قبل 48 ساعة فقط على حضور المؤتمر، والنظام والوفد الحكومي السوري ذهب إلى جنيف وهو يستنكر التمثيل، وبالتالي كان واضحاً منذ البداية أن المؤتمر سيفشل، وبالتالي سبب الفشل الأساسي هو الإرادة السياسية لدى الأطراف وبالأخص الأطراف الموجودة خلف الأطراف المفاوضة، فالأمريكيون كانوا ذاهبين إلى المؤتمر لإفشاله وكذلك الائتلاف، النظام ذاهب إلى هذا المؤتمر بلا رغبة ولديه الكثير من الملاحظات وفي ذهنه إمكانية الحسم العسكري، وبالتالي كان مقيضاً لهذا المؤتمر أن يفشل استناداً إلى الإرادات السياسية. الآن تتبلور إرادات سياسية مختلفة لدى الأطراف السياسية المختلفة أفضل من السابق، ويبدو أنها ترغب بإيجاد حل أكثر من السابق.
ما الجديد؟
وحول الجديد في «جنيف-3» فضلاً عن الإرادة السياسية قال عرفات: «أعتقد أن الأطراف المختلفة داخلياً وإقليمياً ودولياً وصلت إلى قناعة جدية أنه لا يمكن أن تحسم الأمور عسكرياً، هذه أول نقطة، لا أحد يستطيع الآن المحاججة بإمكانية الفوز أو الانتصار عسكرياً لأي طرف من الأطراف. ثانياً، الظاهرة الجديدة والتي اسمها داعش الإرهابية أقنعت مختلف الأطراف بأن هنالك خطراً كبيراً ينبغي التصدي له، وللوقوف بمواجهته ينبغي للأطراف المتصارعة إيقاف الصراع، لأن استمراره يغذي نمو هذه الظاهرة وامتدادها إلى البلدان المختلفة المجاورة لسورية والعراق وهذا السبب الثاني. ثالثاً، الأطراف الدولية والإقليمية المغذية للصراع توصلت بالممارسة العملية إلى أن استمرار هذا الصراع لن يحسم الأمور وليس ذلك فحسب بل وسيهدد استمراره بظهور نزاع إقليمي وربما دولي كبير سواءً تحت تأثير ظاهرة داعش أو عناصر أخرى، بمعنى أن هنالك احتمال نشوب حرب إقليمية تحت تأثير سلوك الدول والظواهر المختلفة، وبالتالي فإنّ الأطراف مجتمعةً وتدريجياً تصل إلى قناعة أن هذا الصراع ليس في مصلحتها».
التراجع الأمريكي مستمر
وفي إجابة على سؤال حول وضع الولايات المتحدة الأمريكية الراهن وموقفها غير المعترض على الجهود الروسية، قال عرفات: «إن ذهاب واشنطن باتجاه الحل السياسي يعني أن أمريكا تخسر، فهي من أعاقت بالدرجة الأولى الحل السياسي. ورغم أنهم يتحدثون عن الحل السياسي بين الحين والآخر ولكنهم يعملون طوال الوقت على إفشاله، فالدرس الذي يجب أن نحفظه ولا ننساه أبداً، هو أن الأمريكيين طوال الوقت يناصبوننا العداء، لم يتوقفوا ولن يتوقفوا عن معاداتنا، كسوريين وكعرب وكشعوب. ولذلك فإنهم يحاولون عبر إفشال الحل السياسي إعطاء الفرصة لدول مثل تركيا ودول خليجية وغيرها بتصعيد تدخلها وهذا يعني بالعمق أنهم كانوا مقتنعين بضرورة العمل العسكري من المعارضة المسلحة، الآن انحسرت هذه القناعة عملياً، وبالتالي يقوى ويشتد عود القوى الداعية للذهاب إلى حل وتسوية سياسية، والأمريكيون مضطرون لاحترام هذا التطور لأنهم إن لم يقوموا بذلك فسيخسرون». وحول الاستمرار في عمليات التسليح أوضح عرفات: «الأمريكيون لا يلقون بأي ورقة من أيديهم، وليس صحيحاً أبداً ما يقال من أن الأمريكيين لم يكونوا براغبين بحصول ما حصل، وأن القطريين هم من قاموا بذلك، فالقطريون يمتلكون هامش مناورة ولكنه ليس خارج المفروض من الأمريكيين، فهم يتحركون ضمن المسموح من الأمريكيين. ما يمكن رصده الآن أن ممانعة الأتراك للذهاب إلى حل سياسي ضعفت، فالواضح أن الطروحات التركية لم تعد بالسقف والحدة العالية التي كانت عليها، لذلك نحن الآن في لحظات تجري فيها تحولات من قبل الأطراف للذهاب إلى مواقع أخرى، وبالتالي هذه اللحظة الآن قد تكون أنسب لحظة تشهدها سورية للذهاب إلى الحل المطروح إلى الحل السياسي، على الأقل هذه الأطراف لا تمانع هذا الحل علناً».