د. جميل: الحل السياسي مطلوب منذ زمن وهو مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى
غداة اللقاء الذي جمعه مع الممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف في موسكو أجرت قناة العربية عصر الجمعة 21/11/2014 لقاءً عبر الأقمار الصناعية ضمن برنامج نهاية الأسبوع مع د.قدري جميل أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير
للوقوف على رأيه بخصوص آخر التطورات في المشهد السياسي السوري دولياً ولاسيما بوادر النشاط الدبلوماسي المبذول لإحياء مسار الحل السياسي للأزمة السورية، حيث كان هذا الحوار:
بداية قبل الحديث عن الأفكار سواء أفكار دي ميستورا أو أفكار روسيا، أريد أن أسألك هل تعتقد بأن الفترة الآن هي مناسبة جداً لحل سياسي في سورية؟
الحل السياسي في سورية كان مطلوباً البارحة، وقبل ذلك أيضاً، لذلك فهو اليوم مطلوب أكثر من أي وقت مضى لأن السياسيين الجديين يجب أن ينظروا ويأخذوا بالدرجة الأولى معاناة الشعب السوري التي آن الأوان لإيقافها. لذلك القول إن الحلول أصبحت الظروف الموضوعية ناضجة لها فهذا الأمر أصبح كلاماً قديماً. اليوم مطلوب الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف للذهاب إلى حوار وتوافقات وحلول وسط لحل هذه الأزمة للانكباب على حل المهام الكبرى التي تواجه الشعب السوري والتي تتطلب حماية سيادة سورية ووحدتها في ظل خطر الإرهاب التكفيري. إن الشعب السوري اليوم بحال استطاع الوصول إلى الحوار وتأمين الحد الأدنى الضروري من وحدته الوطنية فهو قادر على القضاء على داعش وأخواتها.
قبل أسبوعين طرح دي مستورا مبادرة بالنسبة إلى تجميد القتال في حلب ويبدو أن النظام نظر لها بنظرة إيجابية للبحث فيها، إلى أي مدى ترى أن هذه المبادرة واقعية وستنجح؟
نحن نؤيد كل المحاولات وكل المبادرات التي تهدف إلى إيقاف نزيف الدم السوري. هذه المحاولة إن أعطت نتيجة فسيكون لدي مستورا أجر حتى لو لم تعط النتائج النهائية الكافية. هذه التجربة يجب البدء فيها وإذا استطعنا تعميمها فيجب ذلك
إذا تعتقد أنها قد تنجح؟ وهل يمكن أن تطال مناطق أخرى؟
..قد تنجح، وإذا نجحت فإنها ستكون ذلك النموذج الذي يمكن تعميمه في مناطق أخرى لتشمل كل سورية فيما بعد. من هذه الزاوية تأتي أهمية هذه المبادرة. هذه المبادرة يجب ألا تكون بديلاً عن الحل الشامل كما يظن البعض، هذه المبادرة يجب أن تكون مدخلاً للحل الشامل.
هناك حديث عن أفكار أو تسريبات لأفكار قد تكون مبادرة أو تكملة لمبادرة دي مستورا، أنه بعد حلب يتم الاتفاق حول وقف الاقتتال في مناطق أخرى ومن ثم يمهد ذلك لعملية مصالحة، وبعد ذلك تشكيل إدارات محلية مشتركة تليها انتخابات برلمانية تمهد إلى تغيير شكل النظام من رئاسي إلى برلماني، هل تعتقد أن هذه الأفكار يمكن أن تكون مبادرة ربما تقبل بها الأطراف المعنية، سواء المعارضة أو النظام؟
أعتقد أن هذا الكلام سابق لأوانه، لأن شكل النظام السياسي القادم في سورية يجب أن يكون تحديداً هو موضوع طاولة الحوار بين السوريين. أنا لا أرى مانعاً من نقاش أي فكرة، ولكن يجب اعتبار الأفكار التي تطرح أولياً ليست أفكاراً نهائية بل هي مدخل يمكن الوصول من بعض الأفكار التي تطرح إلى أفكار أخرى توافقية. أنا مثلاً رأيي أن النظام القادم في سورية يجب أن يكون برلماني- رئاسي أشبه بالنظام الفرنسي ، فالتخلي عن النظام الرئاسي بشكل سريع في سورية يمكن أن يكون له أضراره ولكن يجب رفع دور البرلمان إلى حد كبير في الظروف السورية، لذلك يمكن أن تكون الصيغة التي سأدافع أنا عنها لاحقاً هي رئاسي – برلماني، وفيما بعد نرى بحسب تطور الأوضاع، أي أن الانتقال الحاد من نظام رئاسي إلى نظام برلماني لا أعتقد أنه سيكون مفيداً في الظروف السورية.
ماذا يجب أن يكون قبل هذا الانتقال؟
قلت إن هذا الانتقال الحاد ممكن أن يكون غير مفيد ولكن هذا رأيي، هذه القضية مطروحة على طاولة الحوار بين السوريين، وهم الذين سيبحثون هذه الموضوع ويمكن أن يستمعوا إلى مختلف الآراء، دي مستورا أو غيره ولكن فيما يخص الأزمة السورية وشكل النظام السوري القادم التي هي مرحلة متقدمة من النقاش الذي يجب أن يجري بين السوريين، فهي قضية تحل على طاولة الحوار بشكلها النهائي.
الحديث عن الأفكار الروسية كان منذ أسبوع تقريباً وحضرتك موجود في روسيا والتقيت أيضاً مع بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، هل أصبحت هذه الأفكار واضحة؟
أولاً، هذه الأفكار هي أفكار قديمة، الروس بموقعهم في الأزمة السورية لديهم علاقات مع كل أطراف الأزمة السورية على خلاف بقية القوى الدولية والإقليمية، تتراوح هذه العلاقات بين الجيدة والجيدة جداً والمقبولة، ولكن خطوطهم مفتوحة، لذلك وضعهم جيد لكي يفتحوا حواراً بين كل السوريين، اليوم الفكرة الروسية هدفها عملياً إنعاش مسار جنيف، لذلك كل الحديث عن موسكو1 لا معنى له دون الحديث عن جنيف وإنعاشه. يمكن أن تكون موسكو نتيجة موقع القيادة الروسية من السوريين مكاناً مناسباً لتتحاور المعارضة أولا وتوحد نفسها خلافاً لصيغة جنيف2 التي تم فيها احتكار تمثيل المعارضة من طرف واحد، فالمعارضة في سورية تعددية، واجتماع المعارضة المقترح في موسكو سيحل مواضيع عديدة منها هذه القضية، ومن ثم من الممكن أن يتم لقاء مع النظام بحال نجح لقاء المعارضة في موسكو، مما سيفتح الطريق واسعاً لإنعاش جنيف والذهاب إلى الحلول المطلوبة للأزمة السورية.
إشرح لي بداية من هي المعارضة.. هل هناك معارضة جديدة، هل هي جزء من الائتلاف أو ممن خرج عن الائتلاف، هل هي معارضة الداخل فقط؟
أستغرب هذا السؤال، معارضة الداخل موجودة دائماً، وهي لم يتغير فيها شيء، التغييرات تجري في معارضة الخارج، بسبب التغييرات المرافقة لها في مواقف الدول الكبرى الغربية والإقليمية من الأزمة السورية، وهذا طبيعي أن ينعكس على من التزم بمواقف هذه الدول، لذلك بعض أطراف المعارضة الخارجية اليوم في حالة التباس وحالة «حيص بيص» كما يقال في دمشق وهم اليوم يبحثون عن أشكال جديدة وأفكار جديدة وبرامج جديدة، لأنهم غيروا برامجهم مرتين، من «المجلس الوطني» إلى «الائتلاف»، واليوم الائتلاف يعيش حالة صعبة وهو بخطر أن يتبخر في الظروف الحالية وهذا طبيعي لأن سورية اليوم تذهب إلى الحوار.
سيد قدري سيكون هنالك معارضة جديدة.. هل بدأتم الاتصال بهم؟ ومن هم؟ هل هنالك فكرة عامة مما يتشكلون؟
إذا كان قصدك عن المعارضة التي ستحضر مجدداً الحوار فهذه المعارضة هي معارضة قديمة وهي أقدم بكثير من بعض المعارضات التي يسلط عليها الضوء في الإعلام، لذلك أعتقد أن القوى الأساسية في المعارضة الداخلية ستكون موجودة في جنيف إلى جانب قضية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي هامة وضرورية، وتتعلق بوزن الشخصيات الكبير، الشخصيات التي لها دور في الخارج والداخل في الأزمة السورية سيكون لها حسبما اعتقد حيز هام في طاولة الحوار بين أطراف المعارضة، أولاً في موسكو.
تحدثت أن المبادرة مبنية على جنيف1، أي ربما حكومة انتقالية وفترة انتقالية، هل سيكون الرئيس الأسد موجود في هذه المرحلة أم لا؟
أنا لم أقل إنه يوجد مبادرة روسية، هناك اقتراحات وأفكار لكي يعود السوريون إلى طاولة الحوار، كل القضايا فيما يتعلق بمستقبل سورية، ابتداءاً من شكل النظام السياسي وانتهاءً بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية هي مواضيع للحوار، ووضع أية أفكار مسبقة قبل الدخول إلى الحوار واعتبارها أفكاراً نهائية أعتقد أنها تضر بالحوار نفسه، لأننا بالحوار يجب أن نصل جميعاً إلى توافقات، ولذلك التمترس على موقف مسبق بهذه القضايا هو أمر غير مفيد.
إلى أي مدى هناك احتمال كبير بأن تتخلى روسيا في هذه الفترة عن الرئيس الأسد وأن لا يكون في المرحلة المقبلة؟
روسيا لا تعتبر نفسها معنية في هذا الأمر منذ البداية، وهي تترك هذه الموضوع للسوريين أنفسهم ليحلوه فيما بينهم، روسيا عندها موقف مبدئي يختلف عن مواقف الدول الأخرى التي تدخلت بالشأن السوري، التدخل في موضوع الرئيس السوري، يكون أو لا يكون، فهذا تدخل في الشأن السوري، على السوريين أن يتعلموا حل هذه القضية بالحوار السياسي الحضاري فيما بينهم.
هل ستكون حضرتك مشاركاً في المفاوضات التي ربما ستجري قريبا؟
ليس المهم شخصي، المهم هو الجهة التي أمثلها، أنا أمثل حزب الإرادة الشعبية المعارض وجبهة التغيير والتحرير الذين كان لهم دور هام جداً منذ بداية الأزمة وحقهم الطبيعي أن يكونوا موجودين على طاولة الحوار بين أطراف المعارضة، لذلك إذا دعيت جبهة التغيير والتحرير وحزب الإرادة الشعبية ضمناً الذي هو أحد مكونات هذه الجبهة، فهذه الجهة هي التي ستقرر من سيمثلها.
وزير الخارجية السوري سيأتي إلى روسيا الأسبوع المقبل، هل ستلتقي به؟
لا أعتقد، فزيارته رسمية، وهو قادم ليلتقي بالطرف الروسي ، وآمل بالمستقبل عندما يبدأ الحوار بين المعارضة والنظام الأولي لفتح آفاق جنيف آمل أن نلتقي مع ممثلي النظام، ولكن لا أعتقد أن من مهامه أحد من أطراف المعارضة في هذه الزيارة المخصصة للقاء الرسميين الروس.
بالنسبة للأفكار التي تتحدث عنها، الأفكار الروسية، هل هناك تنسيق بخصوصها مع دول عربية مثل مصر، السعودية ؟
لست بصورة هذا الموضوع ولكن حينما أتابع الإعلام أشعر أنه هناك تقاطعات هامة بين المواقف الروسية والمواقف المصرية في الفترة الأخيرة، وهناك نقاش جدي بين الروس والسعوديين يجري، واليوم جرى لقاء بين لافروف ووزير الخارجية السعودي. العلاقات الروسية السعودية تمر بمرحلة هامة جداً وأعتقد أنها بنهاية المطاف في الجو الحالي يمكن أن تصل إلى تفاهمات.