لماذا يبقى التطعيم مفيداً حتى بوجود المتغير دلتا؟
منظمة الصحة العالمية منظمة الصحة العالمية

لماذا يبقى التطعيم مفيداً حتى بوجود المتغير دلتا؟

هل اللقاحات المضادة لكوفيد-19 المتوافرة والمعتمدة حالياً تحمينا من المتغير «دلتا»؟ وما هو مستوى الحماية؟ وإذا كان ما يزال هناك احتمال أن تصاب بالعدوى حتى بعد أن تتلقى التطعيم الكامل، فلماذا مع ذلك يظل التطعيم مفيداً؟ تجيب عن هذه الأسئلة الدكتورة سوميا سواميناثان، من منظمة الصحة العالمية، في المادة الحوارية التالية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي (منذ بداية شهر تموز هذا العام 2021). وفيما يلي نقدم ترجمتها إلى العربية (مع إضافات توضيحية بسيطة). وفي النهاية نضيف بعض المعلومات عن «المتغير دلتا».

ترجمة: د. أسامة دليقان

نتحدث اليوم عن متغير دلتا واللقاحات. الدكتورة سوميا سواميناثان، كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية، هي خبيرتنا اليوم. مرحباً يا دكتورة سوميا. سؤالنا الأول لك هو: إننا نعلم أن متغير دلتا أكثر قابلية للانتقال، فهلّا وضّحتِ لنا نوع الحماية التي نحصل عليها من المجموعة الحالية من اللقاحات المعتمدة؟
الدكتورة سوميا: نحن نتحدث هنا عن متغير دلتا، وهو المتغير الرابع المثير للقلق الذي وصفته منظمة الصحة العالمية، لأنه أكثر قابلية للانتقال من المتغير السابق، كما أنه قادر على مقاومة الأجسام المضادة الموجودة في دمائنا. إذاً ما يعنيه ذلك هو أنك بحاجة إلى مستوى أعلى من الأجسام المضادة للتغلب على هذا المتغير مقارنة، مثلاً، بمتغير «ألفا». الآن، الخبر السار هو: أن جميع اللقاحات المدرجة في قائمة الاستخدام الطارئ لمنظمة الصحة العالمية تحميك، بحيث حتى لو أصبت بالفيروس والمرض، يقل احتمال أن تصبح إصابتك خطيرة، ويقل احتمال أن تحتاج إلى دخول المستشفى، أو أن تتعرض للموت بسبب المتغير دلتا.
لذلك هناك دراسات الآن من البلدان التي يسود فيها متغير دلتا تظهر أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم أقلّ احتمالًا أن ينتهي بهم المطاف في المستشفى. وتحتاج إلى دورة التطعيم الكاملة من أجل إعطائك تلك المناعة الكاملة لحمايتك من متغير دلتا [وهذا يعني إما جرعتين من اللقاحات ثنائية الجرعة، مثل: سبوتنيك V أو أسترازينيكا أو سينوفارم... أو جرعة واحدة من اللقاحات أحادية الجرعة، مثل: سبوتنيك لايت]. ولذلك فالشيء المهم هو أنه إذا كان لديك وصول إلى لقاح معتمد من منظمة الصحة العالمية، فالرجاء أن تأخذه وتكمل الجرعات اللازمة بالكامل حتى تتمكن من الحماية من كل من المتغير دلتا والمتغيرات الأخرى من الفيروس المسبب لداء كوفيد.

اشرحي لنا من فضلك مستوى الحماية الذي يتمتع به الشخص إذا تلقى تطعيماً جزئياً (لم يكمل الجرعات اللازمة) مقابل المستوى الذي يحصل عليه فيما لو تلقى التطعيم الكامل.
الدكتورة سوميا: إنّ الهدف الأساس من هذه اللقاحات هو في الحقيقة منع المرض الشديد، لأن ما نريده للناس، هو أنهم حتى لو أصيبوا بالعدوى، أن يتعافوا منها ولا يصابوا بدرجة خطيرة من المرض. وهذا شيء تستطيع كل اللقاحات المعتمدة أن تحققه لنا بشكل جيد حقاً. بالطبع، هناك مستويات مختلفة، ونقرأ عن تجارب الفعالية... قد تتراوح من 70% إلى 90% أو نحو ذلك، أما فيما يتعلق بالوقاية من الأمراض الشديدة وحمايتك من دخول المستشفى، فكل اللقاحات جيدة جداً، وهي من ناحية تحقيق هذا الهدف تكون فعالة (لا نقول 100%) ولكن بنسبة تزيد عن 90% (وهي بهذا المعنى بالتأكيد أفضل من عدم الحصول على اللقاح).
مرة أخرى أقول: تختلف اللقاحات في مستوى الحماية الذي تؤمنه لنا من الإصابة بالعدوى. فمن الناحية المثالية، كما تعلم، لا شك بأنك ترغب في الحصول على لقاح يمنعك تمامًا من الإصابة بالعدوى، بحيث لا يمكنك أن تمرض. ولكن لا يوجد في الحقيقة أي لقاح من اللقاحات التي نمتلكها حاليًا واقياً بنسبة 100%، ولهذا السبب، حتى لو تم تطعيمك، قد تظل معرضاً للإصابة بالعدوى، ولكن الفرق والفائدة المهمة التي تجعلك بوضع أفضل من شخص لم يتلقّ التطعيم، هو أنّ فرصتك ستكون بعد التلقيح أفضل بأن تصاب بأعراض خفيفة جداً، في حال أصبت، أو حتى ألّا تعاني من أعراضٍ على الإطلاق، وأن تمر العدوى الفيروسية إليك دون أن تشعر بها ولا تتضرر منها، وستكون فرص الإصابة بمرض خطير منخفضة حقاً لديك.

إذاً يا دكتورة سوميا، إذا كان لا يزال بإمكاننا أنْ نصاب بالعدوى وننقل العدوى للآخرين أيضًا، حتى بعد أن يتم تطعيمنا بالكامل، فلماذا نتعب أنفسنا بالاهتمام بالتطعيم من الأساس؟
الدكتورة سوميا: أعود وأؤكد، هناك سببان مهمان يجعلان سعيك لتلقي اللقاح أمراً مفيداً ويستحق ذلك. الأول: هو حماية نفسك من الإصابة بمرض شديد إذا أصبت بالعدوى، فنحن نعلم أن هناك نسبة معينة من الأشخاص من جميع الفئات العمرية يصابون بمرض شديد قد يصل حتى إلى تهديد حياتك. وهذا ما نريد حمايتك منه. لهذا السبب تستفيد من الحصول على التطعيم في المقام الأول. والسبب الثاني المهم: هو أنك إذا تلقيت التطعيم، ورغم أنك قد تبقى معرضاً للإصابة بالعدوى، لأننا نعلم أن هذه اللقاحات لن تحميك بنسبة 100%، لكن بالمقابل يكون هناك خطر ضئيل أن تصاب بالعدوى، وأن تنقلها للآخرين. وهكذا، لماذا تريد المخاطرة بفعل ذلك؟ لماذا تريد أن تكون شخصًا مساهماً في سلسلة نقل العدوى؟ ما نحتاج إلى فعله في العالم اليوم هو: أن نكسر سلاسل الانتقال تلك، ونسيطر على هذا المرض. لهذا السبب ننصحك بالطبع بالحصول على التطعيم بأقرب فرصة تستطيع إليها سبيلاً، واستمر في اتخاذ جميع الاحتياطات حتى تحمي نفسك تمامًا، وكذلك تحمي الآخرين من حولك.

ما هو «المتغيّر دلتا»؟

التسمية العلمية لهذا المتغير هي B.1.617.2، وهو فيروس كورونا SARS-CoV-2 المتحوّر من سلالة سابقة عن طريق حدوث الطفرة التي عثر عليها لأول مرة بالأصل في الهند. وحُددت أول حالة إصابة بها في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، وانتشرت السلالة بسرعة، حتى أصبحت السلالة المهيمنة للفيروس في كل من الهند ثم بريطانيا.
وقرب نهاية شهر حزيران 2021، شكلت دلتا بالفعل أكثر من 20% من الحالات في الولايات المتحدة، وفقاً لتقديرات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا (CDC). وهذا الرقم يرتفع بسرعة، ما أدى إلى تنبؤات بأن السلالة ستصبح قريباً المتغيّر السائد.
وفي منتصف شهر حزيران، تم وصف متغير دلتا بأنه «مثير للقلق»، وتنتشر دلتا أسرع بنسبة 50% من ألفا، والتي كانت بدورها معدية بنسبة 50% أكثر من السلالة الأصلية من فيروس كورونا، وبالتالي أصبح المتغير الجديد أكثر عدوى بنسبة 75% من الأصلي. ويقول الرأي السائد حالياً بين العلماء، بأنه في مجتمع لا يتم فيه تطعيم أي شخص، يُقدّر بأن الشخص العادي المصاب بسلالة الفيروس التاجي الأصلية سوف ينقل العدوى وسطياً إلى 2 أو 3 أشخاص آخرين. وأنه في البيئة نفسها، لو كانت سلالة فيروس كورونا التي يحملها الشخص هي دلتا، فسوف يقوم بنقل العدوى بها إلى 3 أو 4 أشخاص آخرين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1035
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيلول/سبتمبر 2021 23:35