الإرث الاشتراكي الصحِّي (1) ... طور الصعود السوفييتي

الإرث الاشتراكي الصحِّي (1) ... طور الصعود السوفييتي

احتلت الصحة العامة والطب أهمية كبيرة في المقارنة بين الأنظمة الاجتماعية الاشتراكية والرأسمالية، نظراً لما أثبتته الرعاية الصحية الاشتراكية من جودة وتفوُّق على أنظمة الصحة الرأسمالية، على الأقل لفترات طويلة نسبياً، ولا سيّما في طور صعود الاشتراكية خلال النصف الأول من القرن العشرين. ولذلك يبدو مفهوماً تماماً مغزى الهجوم الدائم على تاريخ وحقائق الإنجازات الصحية الاشتراكية ومحاولات تغييبها وتشويهها من جانب الإعلام والتأريخ البرجوازي وخاصة لدى الغرب الإمبريالي وأتباعه.

مجموعة مؤرِّخين وأطباء◘
إعداد وتعريب: د. أسامة دليقان

1- الطب الروسي قبل الثورة

ورث بُناة الاشتراكية السوفييتية نظاماً طبياً بحالة مروِّعة. لم تكن هناك هيئة طبية مركزية في روسيا لتنسيق الشؤون الصحية، وكانت الغالبية العظمى من السكان تعيش فقراً مدقعاً، مع نقص في الأطباء (في بعض المناطق كان هناك بضعة أطباء فقط لكل أربعين ألف نسمة). ورغم ذلك كان ثمة أساس معيَّن يمكن الانطلاق منه، إذ كان القيصر بطرس الأول قد أنشأ أولى المستشفيات الروسية (في موسكو عام 1706 وسانت بطرسبرغ عام 1715)، باستخدام أطباء من الخارج، وأكاديمية العلوم عام 1724 لتدريب الأطباء الروس. ثم أسست كاثرين الثانية عددًا من المستشفيات وأول مصحّ عقلي روسي عام 1776. لكن البيروقراطية القيصرية كانت خانقة، ونادراً ما أتيحت الرعاية الصحية الاحترافية للفلاحين المالكين، أما العبيد والعمال الصناعيون فتُركوا دون أية رعاية صحّية. في عام 1884، تم إدخال نظام الحكم المحلي المسمى «زيمستفو»، وهو مجلس مقاطعة مصمم للتعامل مع المسائل المحلية، بما فيها الصحة. وكان يسيطر على هذه المجالس ملاك الأراضي والبرجوازيون والفلاحون، بثلث الأصوات لكل طبقة. لكن لم تكن الطبقات المستغلة، التي حصلت على أغلبية الأصوات، مستعدةً للمساهمة بطريقة ذات مغزى في تنظيم الصحة العامة، رغم وجود أطباء متحمسين ومدفوعين بالشغف والاهتمام بصحة السكان، منهم مثلاً الكاتب المسرحي الروسي العظيم أنطون تشيخوف، وكذلك الطبيب الشهير سيماشكو، الذي سيصبح أول مفوض للصحة في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، ومن الرواد المنظِّمين لما سيصبح أفضل نظام رعاية صحية في العالم.

2- برنامج البلاشفة الصحي

«كأساس لنشاطه في مجال حماية صحة الشعب، ينظر الحزب الشيوعي الروسي (البلاشفة) في المقام الأول إلى تنفيذ تدابير بناء صحية واسعة النطاق بهدف الوقاية من الأمراض. وبناءً عليه، يعتبر من مهامه الفورية: أولاً- اتخاذ إجراءات صحية واسعة النطاق بشكل حازم لصالح العمّال، مثل: (أ) تحسين الظروف الصحية في الأماكن المأهولة (حماية التربة والمياه والهواء من التلوث). (ب) تنظيم المطاعم العامة على أساس علمي وصحي. (ج) اتخاذ تدابير لمنع تفشي الأمراض المعدية. (د) وضع التشريعات الصحية. ثانياً- مكافحة الأمراض الاجتماعية كالسل والأمراض التناسلية وإدمان الكحول وما إلى ذلك. ثالثاً- توفير الخدمات الطبية والصيدلانية المختصة للجميع مجاناً».

كانت المبادئ الأساسية للنظام الطبي التي طرحها البلاشفة هي: الطب الوقائي الشامل وظروف العمل والمعيشة الصحية والتأمين الاجتماعي والتعليم الصحي. كان اتجاه الطب السوفييتي منذ البداية إعطاء الأولوية للوقاية قبل العلاج. على حد تعبير ن.أ. فينوجرادوف، الذي كتب في الكتاب السوفييتي (الصحة العامة في الاتحاد السوفييتي): «لقد تعهدت الدولة السوفييتية ليس فقط بعلاج المرض ولكن بالوقاية منه؛ إن الدولة مصمِّمة على خلق ظروف معيشية وعمل من شأنها أن تجعل حدوث الأمراض مستحيلاً». وذلك بخلاف الحالة الرأسمالية حيث تكون مصلحة أولئك الذين يسيطرون على المجتمع هو انتزاع أكبر قدر من الأرباح من العمال وتزويدهم بأقل ما يمكن من المرافق الاجتماعية والصحية.

3- حربٌ على طفيليات البَدَن والمجتمع

بعد فترة وجيزة من ثورة أوكتوبر 1917، غرقت روسيا في حرب أهلية طبقية. كانت الأوبئة تنتشر وكان معدل الوفيات مرتفعاً. في حزيران 1918، تم إنشاء مفوضية الصحة الشعبية و«للمرة الأولى في تاريخ الطب، كانت هيئة مركزية تدير العمل الصحي لأمّة بأكملها» (حسب المؤرخ سيجريست). كانت المهمة الأولى معالجة الأوبئة التي انتشرت بسرعة في جميع أنحاء البلاد والتي أثرت بشكل خطير على القوات المدافعة عن الدولة الاشتراكية الفتية. في المؤتمر السابع للسوفييت، الذي عقد في كانون الأول 1919، قال لينين «أيها الرفاق، يجب إيلاء كل الاهتمام بهذه المشكلة، إما أن يهزمَ القملُ الاشتراكيةَ أو أن تهزمَ الاشتراكيةُ القمل!». في مواجهة الأهوال الشديدة، ونقص الصابون والملابس، وسوء إمدادات المياه، شرعت مفوضية الصحة العامة بالتنظيم والتخطيط، مركزةً على تحسين شبكة المراكز الطبية، والحفاظ على المنازل في ظروف صحية، وتزويد السكان بحمامات ومياه جارية، ومكافحة التيفوس. في نيسان 1919، أصبح التطعيم إلزامياً، وكان تأثيره عميقًا: ففي بتروغراد، انخفض الجدري من 800 حالة في الشهر إلى 7 في الشهر. في هذه الفترة رأى الأطباء الروس القدامى أن الحكومة السوفييتية تدافع عن أبناء الشعب وصحتهم، فانضم أغلب الأطباء للنضال من أجل بقاء الدولة الاشتراكية، بدلاً من الفرار أو الهجرة.

لعب التثقيف الصحي دورًا مهمًا في المعركة ضد الأوبئة. في عام 1920، حضر 3.8 مليون جندي من الجيش الأحمر محاضرات وندوات حول النظافة والصحة، وفي عامي 1919 و1920، تم نشر 5.5 مليون ملصق وكتيب ومنشور صحي لتوزيعها في الجيش وحده، فضلاً عن حملات التثقيف الصحي بين السكان المدنيين ككل.

في عام 1922، هُزمت الجيوش الإمبريالية التي اعتدت على الدولة الاشتراكية الوليدة، وكان للإجراءت الصحية السوفييتية دور مهم في حفاظ الشعب على الصحة اللازمة للصمود العسكري والمدني. مع نهاية الحرب أُطلق شعار صحي جديد: «من النضال ضد الأوبئة إلى الكفاح من أجل ظروف عمل وعيش صحية».

4- الصحة بعد الحرب الأولى

رغم الصعاب تحسنت الصحة بشكل مطّرد خلال سنوات «السياسة الاقتصادية الجديدة» (النيب) في عهد لينين. وبحلول عام 1928، زاد عدد الأطباء عن مستوى ما قبل الحرب من 19785 إلى 63219 طبيباً، ورفعت مخصصات الحماية الصحية من 128.5 مليون إلى 660.8 مليون روبل سنويًا، وعدد أسرّة المستشفيات من 175000 إلى 225000 ودور حضانة الأطفال من 11000 إلى 256000. ثم تم إحراز تقدم أسرع بكثير في إطار الخطة الخمسية الأولى في عهد ستالين [1928– 1932]. يميل كثير من الناس إلى التفكير في الخطط الخمسية كما يتم تصويرها في كتب التاريخ البرجوازية – أي بأنها تتعلق فقط بالإنتاج الصناعي ولا ترتبط أبداً برفاهية الشعب. لا شيء أبعد عن الحقيقة من هذا التصور الخاطئ. لقد تعاملت الخطط الخمسية مع جميع جوانب الحياة السوفييتية: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لم تُفرَض الخطط من فوق بل صممت بناءً على مناقشة واسعة وجمع للبيانات من جانب العمال أنفسهم. من الناحية الصحية، كانت الخطة الخمسية الأولى معنية إلى حد كبير بزيادة توافر الخدمات الطبية والوصول إليها، واستندت إلى تقارير من جميع الهيئات الصحية الإقليمية والمستشفيات والمزارع والمصانع حول ما هو مطلوب وما يمكن تحقيقه. في السنوات الأربع التي استغرقها إكمال الخطة الخمسية الأولى، زاد عدد الأطباء من 63000 إلى 76000، زاد عدد أسرّة المستشفيات أكثر من 50%، وزاد عدد دور الحضانة من 256000 إلى 5.750.000 [أي أكثر من 22 ضعفاً]. تم إنشاء 14 كلية طب جديدة، إلى جانب 133 مدرسة طب ثانوية.

حتى ذلك الوقت كانت المَرافق الطبية متاحةً لجميع المواطنين السوفييت، وبالتالي انتقلت الخطة الخمسية الثانية [1933–1937] للاهتمام أكثر بتحسين الجودة النوعية للرعاية الصحية. كانت إحدى المهام الرئيسة هي تحسين التعليم الطبي ومستوى الأطباء. تم إنشاء معاهد بحث طبي وعلمي جديدة، من بينها المعهد الضخم للطب التجريبي، بمبادرة من ستالين ومولوتوف وفوروشيلوف وغوركي. استمر التثقيف الصحي بين العمال والفلاحين في تشكيل جزء مركزي من المعركة لتحسين الصحة. في زيارتها للاتحاد السوفييتي عام 1951 قدمت عالِمة الحيوان البريطانية الكبيرة سيدني مانتون وصفاً للتثقيف الصحي الواسع الانتشار في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية في كتابها «الاتحاد السوفييتي اليوم». وأشارت إلى أن: «جميع الأطباء كان عليهم تخصيص 8 ساعات من وقتهم على الأقل من كل شهر لتدريس الطب الوقائي والإجابة على أسئلة الجمهور في أماكن مثل الحدائق وقاعات المحاضرات والمراكز الصحية؛ تم التثقيف بأسس الطب الوقائي والنظافة والرعاية الصحية الأساسية بشكل شامل في المدارس؛ يمكن العثور على الملصقات والنشرات في جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي».

5- رعاية الطفولة والأمومة

ارتفع عدد مراكز رعاية الطفولة والأمومة من 9 في روسيا القيصرية إلى 4384 مركزاً عام 1938 أنجزت مع اكتمال الخطة الخمسية الثانية [م1].

وفي كتابهما «الطب الأحمر» ذكر مؤلفاه البريطاني والأمريكي: «أوضح لنا الدكتور جينس، مساعد مدير معهد حماية الأمومة والطفولة، موسكو، أنه تم وضع ثلاثة مبادئ وأهداف رئيسية: 1- أن الحماية تمنح بالكامل من الدولة. 2- أنه لا يوجد (صدقات خيرية) مهما كانت. 3- أن الهدف الرئيس هو تمكين المرأة العاملة، عبر الحضانات وما إلى ذلك، من مواصلة عملها في المصنع. وفي مجال التوليد والقبالة، فإنّ لدى الاتحاد السوفييتي تنظيم وإجراءات علاجية مؤسساتية أكثر كمالاً من أي دولة أخرى» [ص293].

كتب المؤلفان بأن الدكتور جينس أخبرهما [ص168] بأنّ: «زائراً فرنسياً أعجب بالنقطة الثانية وقال: وهكذا تأتي المرأة العاملة لا لكي تستجدي المساعدة بل لتطلبها! وأخبرنا الدكتور جينس أنه لم يكن هناك سوى 14 دار حضانة قبل عام 1914. أما الآن فهناك 2000 حضانة بين مؤقتة وموسمية ودائمة فيها 1.750.000 طفل. كما لم يكن هناك أي حضانات في القرى، ولكن مع تطور التجميع الزراعي، تتم الآن رعاية 50.000 طفل في دور الحضانة القروية. وارتفع عدد الأطفال في دور الحضانة الموسمية من 600 ألف عام 1913 إلى مليون عام 1931 ثم ثلاثة ملايين عام 1932». [يجدر بالذكر أن عدد سكان الاتحاد السوفييتي زمن تأليف كتاب «الطب الأحمر» عام 1933 كان حوالي 168 مليون نسمة].

«في مؤسسة حماية الأمومة والطفولة في لينينغراد، الذي تم تنظيمه بشكل رائع، وجدنا مؤسسة كاملة تضم كل مراحل عمل الأمومة وصحة الطفل. ظهرت لنا أولاً الحضانة التي يتم فيها إبقاء الأطفال أثناء عمل أمهاتهم. يتم قبول الأطفال اعتباراً من عمر شهرين، عندما تنتهي إجازة الأمومة الإلزامية. مع اتخاذ ترتيبات للنظافة والوقاية من العدوى. لا يتم قبول الأطفال المرضى، وهناك مقصورات عزل خاصة للحالات المشكوك فيها. الأطباء في بقية المؤسسة في حضور منتظم. هناك حضانات مماثلة في جميع مقاطعات لينينغراد الثماني. تجلب جميع الأمهات العاملات أطفالهن إلى الحضانة، رغم عدم وجود إكراه في ذلك، بل تشجيع، لأن مدفوعات التأمين للأمهات يبدو أنها تتعلق بحضور الأمهات إلى المؤسسة. تستقبل الحضانات أطفال الأمهات غير العاملات أيضاً. كل منطقة فرعية تخدّمها المؤسسة لديها مندوب خاص من الطاقم الطبي يقوم بزيارات إلى منازل الناس لرؤية المرضى. خلال الاستشارات الطبية في المؤسسة، لا يُسمَح للطبيب بأن يعاين أكثر من 12 مريضاً في ساعتين. يحضر الأطفال هنا على الأقل حتى سن الرابعة. يبدأ الالتحاق بالمدرسة في سن السابعة. يتم الاحتفاظ بسجل صحي مستمر لكل طفل متاحاً للرجوع إليه. يتم توفير الحليب وأنواعه المعدّلة للأطفال المحتاجين إليه، ويُجلب من المزارع الجماعية ويخضع للبسترة».

«في تفليس قمنا بزيارة حضانة ملحقة بمصنع حرير يعمل على نوبتين، لذلك تفتح حضانته كل يوم حتى العاشرة مساءً. وتستقبل حوالي ثمانين طفلاً في كل وردية عمل. هناك غرف مستقلة لكل من الرضع، والأطفال الصغار جداً، وبسن الحبو، والأكبر سناً. يتم قياس وزن كل طفل مرةً كل أسبوعين، ويحضر الطبيب مرتين في اليوم صباحاً ومساءً. مديرة الحضانة حاصلة على تدريب طبي. يتم تدريب كل طفل على المساعدة الذاتية والتحكم في النفس فيما يتعلق بالغسيل والوظائف الطبيعية. قلّما تحدث إنتانات متصالبة أو التهابات عينية. تستخدم جميع الأمهات تقريباً في المصنع هذه الحضانة، باستثناء قلة لديهن مثلاً أحد الأقرباء في المنزل ليعتني بطفلها». [ص 168–170].

6- الوقاية السوفييتية ومكافحة الأوبئة

من الأمثلة المثيرة للاهتمام عن التدابير الوقائية السوفييتية بالجملة أن جميع سكان قازان تم تطعيمهم أو إعادة تطعيمهم في حزيران عام 1932 بعد اكتشاف 15 حالة من مرض الجدري في الشتاء السابق. وكذلك اختفى التيفوس من هذه المدينة بفضل إجراءات جماعية مماثلة. يصف الكاتب سيجيرت Sigerist بعض تجاربه في عام 1936: «لا يُسمح لأي زائر بدخول مصانع الأغذية أو المؤسسات الطبية أو حضانات الأطفال دون ثوب وقبّعة معقمَين. قد تبدو هذه القواعد مبالغاً فيها أحياناً، لكنها جزء من برنامج عظيم، ولا يمكن توقع نتائج بعيدة المدى ما لم تكن هناك قواعد صارمة تُنفَّذ حرفياً».

حدث انخفاض عام في معدلات الأمراض في روسيا السوفييتية، «ويجب أن يوصَف بالنسبة لأمراض إنتانية وسارية معيَّنة بأنه انخفاض مدهش» حسب وصف مؤلِّفَي الكتاب: تم اجتثاث الكوليرا تماماً ولم تسجَّل أي حالة منذ العام 1927 [حتى زمن تأليف الكتاب 1933]. الجدري الذي كان بالمعدلات التالية لكل عشرة آلاف نسمة: 5 ثم 6 ثم 30 حالة في أعوام 1912، 1914 و1919 على التوالي، تمّ تخفيضه بسرعة إلى: 7 ثم 2 ثم 0.6 ثم 0.37 في أعوام 1922، 1924، 1928 و1929 على التوالي. تسبب وباء التيفوس عام 1920–1921 بإصابة 4 ملايين، ولكن خلال السنوات الأربع 1925–1929 انخفض الوسطي السنوي إلى نحو 40 ألف إصابة. وفق الدكتور روباكين انخفض معدل الأمراض الزهرية بين الجنود من 12.8 لكل ألف جندي عام 1913 إلى 8.02 لكل ألف منهم في الفترة 1924–1927. كما سجلت السنوات الثلاث 1927–1929 انخفاضاً ملحوظاً بحالات السيفلس بأشكاله المختلفة بين عموم السكان.

بعض الأمراض الإنتانية بالمقابل كانت ما تزال مشكلة في الفترة التي درسها الكتاب: حيث ارتفعت الحمى التيفية قليلاً من معدل 10 حالات إلى 10.5 حالة (لكل عشرة آلاف من السكان) بين عامَي 1927 و1929 على التوالي. وكذلك ارتفعت الحمى القرمزية والدفتيريا بين العامَين المذكورَين. بالنسبة لإصابات السل كان توثيقها ضعيفاً جداً في روسيا القيصرية، مما يفسّر، حسب السلطات السوفييتة، الارتفاع الملحوظ لمعدل الإصابات السلّية الموثَّقة من 73.1 إلى 116.5 (لكل عشرة آلاف نسمة) بين عامَي 1913 و1929 على التوالي. زار مؤلّفا الكتاب «المعهد المركزي للسل» في موسكو، حيث أوجز لهما الدكتور نيسلين تنظيم العمل في تشخيص السل وعلاجه والوقاية منه. وترتبط هذه المؤسسة بشبكة من «مستوصفات السل» وبعدد أكبر بكثير من العيادات الاستشارية [ص31]. وحسب مصادر محاضرة كارلوس رول والتي سجلت تطورات لاحقة «انخفض معدل الإصابة بالسل 83 ٪ تحت الحكم السوفييتي حتى عام 1938 واستمر في الانخفاض. وانخفضت الأمراض الزهرية بنسبة 90٪ بحلول عام 1938 واستمرت في الانخفاض» [م1].

* المراجع:

محاضرة الباحث الماركسي-اللينيني كارلوس رول، عن النظام الصحي السوفييتي في أول عقدين بعد ثورة أوكتوبر، والتي ألقاها عام 2000 أمام «جمعية ستالين» البريطانية (مقرها بريستول) ونشرت على موقع الجمعية عام 2017. وكتاب «الطب الأحمر، الصحة الاشتراكية في روسيا السوفييتية» الصارد في لندن 1933 لمؤلفيه: الطبيب البريطاني السير آرثر نيوزهولم (الذي كان الضابط الطبي الأول لهيئة الحكم المحلي في إنكلترا وويلز)، والدكتور الأمريكي في القانون والناشط الخيري في نيويورك، جون آدامز كينغسبيري. وقد وثّقا في الكتاب مشاهداتهما الميدانية من عدد كبير من المناطق الروسية والسوفييتية آنذاك. أشرنا للمقاطع من محاضرة رول بـ [م١]، ومن كتاب «الطب الأحمر» برقم الصفحة.

لقراءة الجزء الثاني من هذا المقال، اضغط هنا

معلومات إضافية

العدد رقم:
972
آخر تعديل على الثلاثاء, 06 شباط/فبراير 2024 16:10