وجدتها: بين الدائري الطبيعي والخطي الرأسمالي؟

وجدتها: بين الدائري الطبيعي والخطي الرأسمالي؟

يظهر التناقض البيئي للنظام الرأسمالي، حيث لا يهم أين يذهب شيء، ما لم يعد إلى الدخول إلى دائرة رأس المال، ويعكس حقيقة أن الإنتاج الاقتصادي في ظل الظروف الرأسمالية المعاصرة ليس حقاً نظاماً دائرياً (كما هو الحال في الطبيعة) ولكنه نظام خطي واحد، تشغيلٌ من المصادر إلى المصبات التي تفيض الآن. وقال الاقتصادي البيئي نيكولاس جورجسكو-رويغن: إن «التناظر الإيجابي_ حيث لا يوجد أي إيداع لا يوجد عائد_ تفيد وجهة نظر رجال الأعمال في الحياة الاقتصادية». ويعتبر التلوث الناجم عن الإنتاج «خارجياً» لا يشكل جزءاً من التكاليف للشركة.

وفي المجتمعات التي تسبق مرحلة ما قبل رأس المال، أعيد تدوير معظم النفايات الناتجة عن الإنتاج الزراعي بما يتفق تماماً مع القوانين البيئية. أما في المجتمع الرأسمالي المتطور، فعلى النقيض من ذلك، تبدو إعادة التدوير صعبة للغاية، بسبب درجة تقسيم الطبيعة. فعلى سبيل المثال: تتم إزالة الماشية من المراعي وتربيتها في حقول التسمين؛ فإن نفاياتها الطبيعية، بدلاً من أن تفيد في تسميد التربة، تصبح شكلاً خطيراً من التلوث. أو، لنأخذ مثالاً آخر، هو: البلاستيك: الذي حلّ محل الخشب والصلب بشكل متزايد، وغيره من المواد، غير القابلة للتحلل. حيث في الاقتصاد الحالي، يتم تحويل السلع، خطياً، إلى نفايات: المحاصيل في المجاري. اليورانيوم إلى مخلفات مشعة؛ والبترول والكلور إلى ديوكسين. الوقود الأحفوري إلى ثاني أكسيد الكربون .... نهاية الخط هي دائماً النفايات، والاعتداء على العمليات الدورية التي تحافظ على المحيط البيئي.
لا يعتبر مبدأً بيئياً أن الطبيعة تعرف على أفضل وجه، بل لدينا المبدأ المناهض للبيئة الذي يقول: إن السوق الحر هو الذي يعرف على نحو أفضل، لأنه يحكم بشكل متزايد في كل مناحي الحياة في ظل الرأسمالية. على سبيل المثال: لم يعد ينظر إلى الغذاء أساساً باعتباره شكلاً من أشكال التغذية، ولكن كوسيلة لكسب الأرباح، حيث يتم التضحية بالقيمة الغذائية مقابل الكميات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
833