وجدتها: الرؤوس السميكة
يقول (سيرجي قره مورزا) في كتابه التلاعب بالوعي: إن برنامج السلوك الكامن فينا بيولوجياً غير كافٍ لنكون أناساً. إنه يتمم ببرنامج آخر مكتوب برموز الثقافة. وهذا البرنامج هو إنتاج جماعي. معنى ذلك أن سلوكنا واقع دائماً تحت تأثير أناس آخرين. ولا نستطيع من حيث المبدأ أن نقي أنفسنا من هذا التأثير بحاجز صلب. وإن كنا نصادف بعض الرؤوس السميكة التي تحاول فعل هذا.
إن التلاعب بالوعي، نوع من التأثير الروحي النفسي، (وليس عُنفاً جسدياً أو تهديداً بالعنف). هدف فعل المتلاعب هو الروح والبنية النفسية للشخصية الإنسانية. وهو تأثير مخفي، ولا ينبغي أن تكون حقيقة وقوعه ملحوظةٌ من قبل المستهدف بالتلاعب، وهو التأثير الذي يتطلب مهارةً ومعارف كبرى.
نصادف طبعاً، عصاميين موهوبين ذوي بداهة هائلة، وقادرين على التلاعب بوعي المحيطين بهم باستخدام وسائل بدائية. لكن مجال فعلهم ليس كبيراً، ويقتصر على مدى تأثيرهم الشخصي- في الأسرة أو الفريق أو السرية أو العصابة. أما إذا دار الحديث عن الوعي الاجتماعي والسياسة في البعد المحلي على الأقل، فعادةً ما يُستدعى لوضع العملية مختصون، أو تستخدم على الأقل معارف خاصة مستقاة من الأدب أو منظومة الإرشادات.
بما أن التلاعب بالوعي صار تكنولوجياً، فقد ظهر موظفون محترفون يتقنون التعامل مع هذه التكنولوجيا (أو مع أقسام منها).
ظهرت منظومة لإعداد الكوادر ومؤسسات علمية، وأدب علمي، وعلم شعبي.
لكنهم لم يحدثوا حتى الآن جائزة نوبل بشكل واضح في هذا المجال (مع أن بعضاً ممن حازوا على جائزة نوبل للسلام في الأدب، ينبغي أن يدرجوا في فئة أبرز المتلاعبين بالوعي).
المؤشر الآخر المهم، وغير الواضح كثيراً، هو: أنهم ينظرون إلى الناس الذين يتلاعبون بوعيهم لا كما ينظرون إلى أشخاص بل إلى أهداف وأشياء من نوع خاص.
التلاعب بالوعي، هو جزء من تكنولوجيا السلطة، وليس ممارسة تأثير في صديق أو شريك.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 795