العدالة البيئية والإمبريالية الإيكولوجية (2/2)
حوار دافيد كيلي مع الباحثة حنّة هولمان - ترجمة: عروة درويش
- ما الذي يعنيه تحليلٌ للإمبريالية البيئية (الإيكولوجية) بالنسبة لفاعلية الأداء؟
- إدراك أنّ الإمبريالية هي في قلب أزماتنا الإيكولوجية والاجتماعية المعاصرة، يشير إلى ضرورة الوقوف في وجه النظام الإمبريالي لرأس المال. لقد تمّ تحويل الحركة البيئية السائدة إلى عاجزة، من خلال الزعم المضلل بأنّه: بإمكان الرأسمالية معالجة الأزمات الإيكولوجية، ومن خلال الإيمان غير المحق بأنّ «الرأسماليين الأخيار» سوف يغيرون العالم عن طريق التكنولوجيا، والبضائع المتداولة الصديقة للبيئة، أو من خلال اتفاقات المناخ الدولية مثل: تلك التي تم التوقيع عليها في باريس عام 2015.
التطلع إلى النخب السياسية والاقتصادية من أجل النجاة، والاعتماد عليهم في تمويل الحركة، يـُخرج شريحة كبيرة من أولئك المهتمين بتغيير النظام من الحركة: إنّهم العمّال والطبقة المحرومة حول العالم. هذا يعني بأنّهم غير مشتركين في المهمة الشاقـّة لتخطّي التقسيم التاريخي الذي فـُرض من قبل التقسيمات العنصرية للطبيعة والإنسان، الموجودة في قلب الصدع البيئي للرأسمالية.
- بعض كتاباتكِ تركّز على مسألة «اللامساواة في المبادلة الإيكولوجية». هلّا وصفتِ لنا هذا المفهوم بشكل مختصر؟
اللامساواة في المبادلة الإيكولوجية، وأحياناً تكتب: «مبادلة اللامساواة الإيكولوجية»، هي مفهومٌ يشير إلى أنّ اللامساواة الإيكولوجية هي جزء لا يتجزأ من التجارة الدولية. اللامساواة في المبادلة الإيكولوجية هي إحدى صيغ أو آليات الإمبريالية الإيكولوجية. إنّها مفهومٌ هامٌ لفهم المضمون الإيكولوجي، وعواقب المبادلات الاقتصادية العالمية. الباحثون الذين يعملون على هذه المسائل أظهروا بأنّ قواعد التجارة الدولية، والتي تعود بالنفع على الدول الثرية غالباً، وعلى المناطق الثريّة داخل هذه الدول، قد يسّرت أمر سحب الثروة الإيكولوجية من البلدان الفقيرة، ومن المجتمعات الفقيرة داخل الدول الغنية.
ذلك أنّ مناطق الاستخراج، هي أقلّ قوّة من الناحية الاقتصادية والسياسية، ولا يستطيعون طلب تعويضٍ ملائم عن هذه المبادلة الإيكولوجية، يسمح بتمويل عمليات الترميم البيئي. ولا يملكون السبل الاقتصادية اللازمة كي يسحبوا الموارد من الدول القويّة بالمقابل.
التبادل ذو التعويض غير الملائم للثروة الإيكولوجية، له الكثير من العواقب، من بينها: وضع مناطق الاستخراج في دورة مفرغة من الفقر، والدَّيْن، والدمار البيئي الذي يصعب الخروج منه. الباحثون والناشطون يسمّون مجموع التبادل الإيكولوجي هذا، منذ الحقبة الاستعمارية (الكولونيالية) إلى وقتنا الحاضر، بالدَيْن الإيكولوجي المؤدّى من قبل الجنوب العالمي لصالح الشمال العالمي.
- أنتِ تعملين على كتاب جديد: «تصحّر إمبراطورية Dust Bowls of Empire»، حيث تظهرين بأنّ التصحّر في الثلاثينيات لم يكن كارثة إقليمية، بل أوّل مشكلة بيئية عالمية نجمت عن الكولونيالية، والإمبريالية، والتوسّع في الاقتصاد الرأسمالي. ما هي أهمية إعادة تفسير إحدى أسوأ الكوارث الاجتماعية والإيكولوجية في التاريخ بالنسبة للناشطين؟
- أهمية التعلّم من التاريخ، أمرٌ لا يمكننا إلّا الأخذ به. اليوم، النقاشات حول إيجاد الحلول للأزمات الإيكولوجية العالمية، مثل: التغيّر المناخي، تدور كما لو أننا لا نملك دلائل تاريخية تمكننا من فهم ما ينفع وما لا ينفع. قضيّة التصحّر في الثلاثينيات، والتي تظهر إحدى التجلّيات الإقليمية المأساوية للأزمات الاجتماعية والإيكولوجية التي سببتها وقائع الاستعمار الاستيطاني والإمبريالية، توضّح العواقب الهائلة للاعتماد على السياسات الإمبريالية المعتادة، في تحقيق تغيير في الأعمال المعتادة.
بشكل مشابه لعدم فاعلية (من وجه نظر اجتماعية وإيكولوجية) مؤتمرات المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة لعقود، فإنّ زعماء العالم لم يستطيعوا في النهاية منع أو حلّ مشاكل تآكل التربة في الثلاثينيات، بسبب التزامهم بالحفاظ على الوضع الاجتماعي والاقتصادي العالمي كما هو – وهو نظام الطبقية العنصري الذي لا نزال نعيشه اليوم.
التصحّر لم ينجم عن نقص بالوعي، أو عن عدم وجود وسائل تقنية للتصدي له. فمثله مثل التبدل المناخي اليوم، مصدر الأزمة الأساسي كان اجتماعياً وليس تقنياً، وعليه فقد تطلّب إجراءات اجتماعية جذرية لعلاجه.
هناك أكثر من ذلك في الكتاب، والذي يصل بقصّة التصحّر وتأثيره على البيئة، والمجتمعات، والسياسة، إلى زمننا الحاضر. بحوث الكتاب تطلبت عملاً شاقّاً وأعتقد بأنّه سيهمّ جميع المكافحين لتغيير ما قاله مارتن لوثر كينغ عن المجتمع الغربي: القابلية للتكيّف مع الظلم ، والتحرر ممّا دعاه ماركس: بتقاليد جميع الأجيال الميتة والتي في أوقات التغيير: تكون بثقل الكوابيس على عقول الأحياء.
•عن موقع المناخ والرأسمالية
الإيكولوجي: هو التحليل العلمي ودراسة التفاعل والتأثير بين الكائنات الحيّة من جهة وبينها وبين البيئة، وغالباً ما تكون هذه الدراسة مركزة على منطقة محددة. ويطلق هذا الاسم على الصعيد غير الأكاديمي على الحركات المهتمة بحماية البيئة.
وفي سياق هذا المقال تدلل كلمة البيئة على العوامل الحيوية وغير الحيوية التي تشكّل المحيط وحسب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 787