في مدينة اللاذقية انفصال العمارة عن الطبيعة
تحت عنوان «انفصال العمارة عن الطبيعة خلال القرن العشرين مدينة اللاذقية مثالا» قدم كل من الدكتور فؤاد خضرة والقائمة بالأعمال رنا غره من جامعة تشرين بحثهما في مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية -سلسلة العلوم الهندسية، حيث تحدثا عما للمجتمع الإنساني وتطوره من ارتباط مميز بالعمارة التي تشكل ظاهرة لها غايات مختلفة أهمها الاجتماعية وتصنع ما يُطلق عليه مصطلح «البيئة المعمَرة) الناتجة عفوياً من دورها في إرضاء احتياجات الإنسان وخاصة الاجتماعية منها.
تلوث ذوقي وحسي
تراجع هذا الدور مع بدايات القرن الماضي وكان نتيجته الانفصال بين العمارة وبيئتها في مدينة اللاذقية على شكل تلوث ذوقي وحسي لمبانيها مبتعداً بها عن خصوصيتها كظاهرة حية مرتبطة بعصرها ومجتمعها.
وبمنهجية تدرجت من التعرف على العمارة الإنسانية وما تفعله لتوثيق الارتباط بين الإنسان والطبيعة والعلاقة بين العمارة ومحيطها والوضع الراهن والأسباب التي أدت إلى هذا الانفصال بينهما، من خلال تحليل مظاهره للوصول إلى حلول معمارية تعيد علاقة الارتباط بين عمارة المدينة ووسطها الطبيعي.
اختتم البحث بتوصيات ونتائج يمكن أن تُكوّن نواة لإعادة الارتباط بين العمارة وبيئتها من خلال عودة الدور المنوط بها.
نتائج الدراسة التحليلية
بعد قراءة تحليلية لمظاهر انفصال وابتعاد عمارة اللاذقية عن بيئتها الطبيعية يمكن استخلاص النتائج التالية المتعلقة بكل مظهر من مظاهر هذا الانفصال:
تعاني مدينة اللاذقية من التعدي على مسطحاتها الخضراء وحدائقها مما يحرم سكانها من الاستمتاع بها.
تتأثر المدينة بمختلف أشكال التلوث البصري والسمعي وتلوث الهواء مما له انعكاساته السلبية على السكان والقاطنين وعلى واجهات الأبنية والمنظر العام لها.
الاتجاه نحو زيادة عدد الطوابق في المباني لتلبية الاحتياجات المعاصرة المتزايدة للسكان ولارتفاع أسعار الأراضي المخصصة للبناء.
مواد البناء والاكساء المستخدمة قديما في المدينة ذات عطالة حرارية عالية وتساهم في التوازن الحراري داخل المبنى وهي مواد متوفرة في البيئة الطبيعية للمنطقة، أما المواد المستخدمة حديثاً فعطالتها الحرارية منخفضة مما جعل المصممين في هذا العصر يعتمدون على أجهزة التكييف لتحقيق الملائمة المناخية داخل المبنى.
المعالجات المعمارية لعوامل البيئة الطبيعية والمناخية في مدينة اللاذقية تولدت عند الإنسان بالفطرة وبشكل تلقائي بما يحقق رغبته وحاجته للارتباط بالطبيعة والتعايش معها لكنها تراجعت تدريجياً بعد الثورة الصناعية وحتى الوقت الحالي نتيجة متغيرات ومستجدات عدة اقتصادية وثقافية واجتماعية وتقنية ....
الاستنتاجات والتوصيات
الارتباط بالطبيعة من أهم عوامل الاستقرار النفسي والاجتماعي للإنسان.
إن قرارت العملية التصميمية يجب أن تتجه لتحقيق رغبات الإنسان الفيسيولوجية والنفسية.
يمكن وصف التفاعل بين العمارة في مدينة اللاذقية والطبيعة المحيطة خلال القرن العشرين بأنها علاقة سارت بشكل متنامي للاستقلال عنها ووصلت في النهاية إلى انفصالها عنها، تجلى ذلك بمظاهر سلبية ملموسة.
فقدت العمارة الساحلية المعاصرة في مدينة اللاذقية هويتها المتوسطية القديمة، ونجم عن ذلك الخلل والاضطراب على المستوى الاجتماعي والإنساني والبيئي.
التأكيد على نشر الوعي والثقافة المعمارية والمعرفة الجيدة بقيمة التراث ومشاركة القوى الفاعلة في المجتمع والجهات الإدارية كافة المسؤولة عن القوانين والضوابط لأنظمة البناء في تسهيل الحلول المعمارية العصرية بما يتناسب والمتطلبات الأساسية ويحترم الطابع التاريخي والأثري وطبيعة الساحل السوري، بحيث تتفاعل العمارة بشكل متكامل مع البيئة المحيطة.
إن قضية التشجير ووجود حدائق تغطي مساحة المدينة وتكون رئة لها مهمة جداً.
يمكن التصدي لمشكلات التلوث البيئي في مدينة اللاذقية من خلال اعتماد التقنية النظيفة)أي مراجعة مراحل الإنتاج بدءاً من المواد الخام وحتى تمام استهلاك المنتج النهائي( والتوعية بالمشكلات البيئية أو التشريعات البيئية فهي تحول نتائج البحوث إلى أسلوب ومنهاج حياة يلتزم به الكل طواعية لا كراهية .
إيجاد معالجات معمارية حديثة متعلقة بالناحية المناخية في الساحل السوري فيما يتعلق بالتحكم والإفادة من الرياح السائدة والثانوية للحماية منها في الفترة الباردة من السنة، وكذلك الاستفادة منها لتامين تهوية عابرة جيدة وبسرعات مناسبة خلال الفترة الحارة الرطبة من السنة، والحاجة للعزل الحراري للأسطح الخارجية وخاصة الأسقف، وتطبيق الإجراءات المتعلقة بالتكيف مع الإشعاع الشمسي على أسطح المبنى حسب توجيهها.
ظهور توجه معماري عالمي لاستعارة الأشكال والتشكيلات والتناسقات من الطبيعة، وميل التكوينات للتحرر من الهندسية نحو العضوية والانسيابية والديناميكية المحققة للتكيف الذاتي.